مَسائلُ وَإِجاباتٌ عَن بَعضِ أَنواعِ المَحاكمِ وَعنِ التَّحَاكُمِ وَعنْ تَعمِيمِ الحُكْمِ بِالغَالِبِ الظَّاهرِ الشَّائِعِ وَعنْ حَالاتٍ مَخصوصةٍ مِن هَذا التَّعميمِ.
مَسائلُ وَإِجاباتٌ عَن بَعضِ أَنواعِ المَحاكمِ وَعنِ التَّحَاكُمِ
وَعنْ تَعمِيمِ الحُكْمِ بِالغَالِبِ الظَّاهرِ الشَّائِعِ
وَعنْ حَالاتٍ مَخصوصةٍ مِن هَذا التَّعميمِ.
* السؤال:
1/- السؤال عن حال امرأتين من العوام:
> يظهر منهما للسائل بعض مظاهر التوحيد والإسلام ويظن أنهما من المسلمين.
> وهما من العوام الأميين وأشباههم.
> ويجهلان حال وحقيقة بعض الكفار فلا يُكَفِّرَانِّ هؤلاء الكفار لجهلهم بحال هؤلاء الكفرة.
> ويجهلان حقيقة ما يسمعان به من الانتخابات الكفرية.
> وإحداهما زوجة أحد جنود وأوتاد الطاغوت.
2/- عَنِ التَّحَاكُمِ وَالْمَحَاكِمِ.
* الجواب:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
1/- وسنوضح ونذكر بعض التفصيل فيما يتعلق بهما وأمثالهما بإذن الله:
- ولكن قبل ذلك هناك طرائق وسبل للشيطان لإحزان المؤمن وإيقاعه في الوسواس والحيرة وضيق الصدر ليصده عن الحق (مع علمه وتسليمه بأن الحكم الشرعي متعلق بالظاهر الغالب الشائع) والكفر والردة وجهل الإسلام والتوحيد هو الغالب الشائع الظاهر إلا القليل من المسلمين ومنهم الفرقة الناجية التي لا يخلو منها زمن بنص الحديث وهؤلاء المسلمين لايقصرون على بعض طلاب العلم بل فيهم من العوام والأميين.
- والموحد مع تسليمه بذلك يأتيه الشيطان ليجعله في ضيق صدر وحيرة ولبس بوسوسته بشأن حالات فردية مستثناة أو يظنها مستثناة من الأصل لما يظهر منها من بعض مظاهر التوحيد وبعض مظاهر ما يعذرون به بخصوص عدم تكفير بعض الكفار الذين جهلوا حالهم ولم يعلموا بتلبسهم بالكفريات.
”والخروج من ذلك أن يعلم أن إشغال النفس والحيرة بالتكلف والتدقيق بشأن حالات فردية ليخرجها من حكم الغالب قد يوقعك في وساوس واضطراب وتردد إن لم يكن هناك جزم ويقين باستثناء مثل من وصفنا حالهم؛ (مع تسليمنا بأن بعض العوام في بعض الأماكن يعلم بعض من خالطهم وعرفهم بأنهم من أهل التوحيد وإن كان ذلك قليلا والله المستعان، وهذا لا يخالف الحكم بالغالب الظاهر)“
- ولكن لابد أن تعلم أن الأصل أن تبحث عن نجاة نفسك أولا وإياك أن تهلكها بالتماس العذر لمن كان بين ظهراني مجتمع يغلب على أفراده التلبس بكفريات شائعة ظاهرة، ولكن مع الرفق في التعامل والرحمة لأمثال هؤلاء بالسعي لهدايتهم.
• وكم يخالف بعضنا (حرص وأمانة وخلق) و(رفق )(ومداراة) النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في تعامله مع بعض المشركين واليهود والمنافقين حتى في حالة قوته وضعفهم، فيسلك بعضنا ما يجعله في عنت ومشقة وهو غريب مستضعف لا حيلة له، فرج الله عنا وعن إخواننا وجميع المسلمين.
- ولايصح قصر الإسلام على بعض طلاب العلم دون العوام بل هناك عوام ممن لا يشك بإسلامهم لمن عرف حالهم وخالطهم، أو أخبره (موحد له فهم وعلم وعقل).
- وهناك مجموعات قليلة محدودة من العوام في بعض المناطق والمجتمعات (لا يتلبسون بكفريات القبور والتجهم والتحاكم وغيرها ولا تنتشر بينهم ويكفرون المشركين من نفاة العلو وعباد القبور وغير ذلك، ولازالوا على فطرة الإسلام والتوحيد؛ ونحن نعلم الكثير من العوام بل والأميين على التوحيد، وقد سألنا بعضهم عن مسائل عدة ومنها تكفير العاذر الذي حكم بإسلام عباد القبور ونفاة العلو فقالوا لا يوجد مسلم يقول ذلك ويكفرون من فعل ذلك ولا يترددون في المسائل الكبرى، وجهل بعض الأميين من مثل هؤلاء بحال وحقيقة بعض الكفار لا يعد كفرا، وكذلك من سمع منهم بالانتخابات الكفرية ولم يعلم ماهي.
- وعلى ذلك فالمرأة العجوز المعينة في مجتمع قد تعلم أنت من حقيقة حالها ما لا نعلم، والأصل في حكمنا عليهم واضح ظاهر أنه بحسب ما يغلب على أفراد ذلك المجتمع ولكن هذا شيء ومعرفتك أنت بما يدل على إسلام تلك المرأة وعلمك بحقيقة حالها شيء آخر.
• وتنبه فعدم تكفير المسلم لأحد المشركين لجهله بحاله ليس كفرا، وكذلك تكفير مسلم (مستتر بإسلامه لا تعلم عنه) بين ظهراني مجتمع ممن يغلب عليهم انتشار وذيوع أنواع الكفريات بين أفراده ليس إثما بل هو من التوحيد الواجب.
والخلاصة لا نشغل أنفسنا بمثل هذه الصور الفردية التي لا نعلم تفاصيل أحوال أصحابها فهي من مداخل الوسواس واللبس؛ وتعامل بالأصل الغالب ولكن برفق وحكمة ومن ظهر لك إسلامه ولم يندرج في حكم الغالب من مجتمعه فعامله كمسلم، ولا تلم من أدرجهم في الحكم بالأصل الغالب لعدم معرفته وعلمه بإسلامهم.
2/- عن التحاكم والمحاكم:
• القاعدة في كل قول وفعل علمنا بالأدلة أنه كفر أن نعتقد ذلك ونعمل بموجبه حتى لو لم نعلم جميع مناطات وعلل وأسباب وصف ذلك بالكفر.
▪ من علل و أسباب ومناطات كفر المتحاكم للطاغوت:
> أن التحاكم للطاغوت كفر في الألوهية وعبادة لغير الله لأن التحاكم للشرع عبادة لله والتحاكم للطاغوت عبادة للطاغوت ويتضمن كفر الإعراض أيضا، وفيه إقرار بشرك التشريع الكفري المتعلق بالكفر في توحيد الربوبية.
• المحكمة الطاغوتية سواء نسبت نفسها للشريعة أو للعلمانية هي المستندة في بعض أحكامها لشرع مبدل محرف (وتشريعات كفرية) أو في بعض أحكامها وقوانينها كفريات كتحليل المحرم أو تحريم المباح والمشروع.
كقانون أدرجته في مرحلة لاحقة بعض الجماعات (الجهادية حسب وصفهم لأنفسهم) بتجريم وعقوبة وتسمية الموحد المكفر لأعيان من لم يثبت العلو والمكفر لأعيان عاذر المشركين بالغالي الخارجي.
- وفي المحاكم العصرية في الدول المنتسبة للإسلام كقانون حرية الإعلام والفكر والصحافة، وقوانين السماح بإنشاء الأحزاب الوطنية والقومية بخلفيات وأصول علمانية والأحزاب الاشتراكية وكتسمية الرق تجارة بالبشر وتجريمه وكتجريم التعدد.
• فالتحاكم لها كفر وأما المكره الذي أجبروه واقتادوه لذلك فليس بكافر إذا كان قلبه مطمئن بالإيمان ومنكر لمحكمتهم، وقوله أنا بريء في المحكمة (التي أُجْبِرَ على الحضور والقول فيها) ليس من الكفر.
- لو وجدت في مرحلة قصيرة استثنائية مثلا محكمة ليس في نظامها وأحكامها وقوانينها كفر وَتَحْكُمُ بالشريعة، ولكن قضاتها من الجهمية العاذرية، فالتحاكم لها (مع عدم جوازه) لا يعد تحاكما للطاغوت مع أن هذا القاضي الجهمي يجب الابتعاد عنه كما روي عن أحمد النهي عن الشهادة عند قضاة الجهمية؛ ولكن من ذهب لهم لايعد مُتَحَاكِمًا للطاغوت على افتراض خلو تلك المحاكم من أي كفريات في قوانينها وأحكامها.
• من اتهم بسرقة وأخذوه للمحكمة وأجبروه للحضور و ستنزل به العقوبة إن لم يحضر وأجبروه بذلك فهو مكره.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين.