معنى الطاغوت عند السلف
معنى الطاغوت عند السلف
* السؤال:
1- ما معنى الطاغوت عند السلف؟
2- هل هو كقول محمد بن عبد الوهاب؟
* الجواب:
▪ تَنْوِيهٌ: هَذَا الجَوَابُ مُفرّغٌ مَنْ أَصْلِ الدَّرْسِ وَالْبَحْثِ.
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
1)- الطّاغوتُ في اللّسان '' اسم يقع على الواحد، و يقع للتأنيث و الجمع، من طغى؛ قال ابن فارس: ''طغى: الطاء، و الغين، والحرف المعتلّ أصل صحيح منقاسٌ، وهو مجاوزة الحدّ في العصيان ..'' (۱)
▪ الطّاغوتُ يطلق على عصيانٍ مخصوص؛ ويتصرف على ثلاثة أوجه -كما قال بعضُ الأئمة- (۲): الشيطان، والأوثان، وكعب بن الأشرف.
أ/- فأمَّا الأوَّل، وهو الشَّيطان: فإنهُ رأس الطواغيت، ووجه اتصافه بالطاغوتية أمران:
- الأول: أنه دعا الى عبادة نفسه.
- الثاني: شرع الكفر.
-> قال الله تعالى﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾{29| الأنبياء}.
← أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك؛ فِي قَوْله: {وَمن يقل مِنْهُم} يَعْنِي من الْمَلَائِكَة {إِنِّي إِلَه من دونه} قَالَ: وَلم يقل ذَلِك أحد من الْمَلَائِكَة إِلَّا إِبْلِيس دَعَا إِلَى عبَادَة نَفسه وَشرع الْكفْر. [الدر المنثور: (ج5 — ص625)].
• وهذان الوصفان من اتصف بهما فهو طاغوت، ومن اتصف بإحداهما فهو طاغوت كذلك، فقارن بين هذا الأصل الأثري الجامع وبين ما جاء عن النجديين مما ستراه في هذه المقالة بإذن الله لتعرف سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين.
-> قال اللّٰه عزوجل {والذينَ اجتنبوا الطّاغوت أن يعبدوها} قالوا '' الطاغوت: الشيطان.
-> وقال تعالى {فمن يكفر بالطاغوت و يؤمن بالله ..} قال عمر بن الخطاب ''الطاغوت الشيطان'' (۳)
وروي عن ابن عباس، وأبي العالية، والشّعبيّ، ومجاهد، وعطاء، والحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والضّحّاك، والسُّدّي؛ و جماعة.
-> أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (2621)، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: بِالطَّاغُوتِ قَالَ: الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ صَاحِبُ أَمْرِهِمْ.
ب/- وأمَّا الوجه الثَّاني: فالأوثان.
-> قال اللّٰه تعالى {ولقد بعثنا في كل أمَّةٍ رسولاً أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطّاغوت}، والطاغوت: الأوثان.
-> أخرج البخاريّ، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس قال: "صارت الأصنام و الأوثان التي كانت في قومِ نوح في العرب بعد؛ أما ودٌّ فكانت لكلب بدومة الجندل، و أما سواع فكانت لهذيل، و أما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف عند سبأ، واما يعوق فكانت لهمدان، و أما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع؛ و كانوا أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا، وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئكَ ونسخ العلم عُبِدت''(٤)
• وعن أَبي نجيحٍ عَمرو بن عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: كنتُ وَأَنَا في الجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلى ضَلالَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شيءٍ، وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَارًا، فَقَعَدْتُ عَلى رَاحِلَتِي، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا رسولُ اللَّه ﷺ مُسْتَخْفِيًا، جُرَآء عليهِ قَوْمُهُ، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيهِ بِمَكَّة، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنَتَ؟ قَالَ: أَنا نَبيٌّ»، قلتُ: وما نبيٌّ؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي اللَّه، قُلْتُ: وبِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسلَكَ؟ قَالَ: أَرْسَلَني بِصِلَةِ الأَرْحامِ، وكسرِ الأَوْثان، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لا يُشْرَكُ بِهِ شَيْء، ..».(٥)
• قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: «..وَكَانَتْ الْعَرَبُ قَدْ اتَّخَذَتْ مَعَ الْكَعْبَةِ طَوَاغِيتَ وَهِيَ بُيُوتٌ تُعَظِّمُهَا كَتَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ،..».(٦)
ج/- الْوَجْهُ الثَّالِثُ: الطاغُوتُ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ.
← قال الله تعالى (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ)؛
- الطاغُوتُ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍِ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ والرّبيع بن أنس وعَطِيَّةَ وَقَتَادَةَ نَحْوُ ذَلِكَ.
- وقال تعالى (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)؛
-> أخرج ابْن أبي حَاتم ِعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: الْجِبْتُ: حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ.والطَّاغُوتِ قَالَ: كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ.
• قَالَ: وَهَذَا غير خَارج مِمَّا قَالَ أهْلُ اللُّغَة، لِأَنَّهُمَا إِذا اتبعُوا أَمرهمَا فقد أطاعوهما من دون الله.
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجِبْتُ: رَئِيس الْيَهُود، والطاغوت رَئِيس النَّصَارَى.(٧)
د/- ومما جاء من معاني الطَّاغُوتِ؛ السَّاحر.
-> قال الله تعالىٰ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ﴾؛
-> عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الطاغُوتُ؛ الساحر. وَرُوِيَ عَن الشَّعْبِيِّ ومحمد نَحْوُ ذَلِكَ.
هـ/- مما جاء من معاني الطَّاغُوتِ؛ الكاهن.
-> عن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن الطواغيت قَالَ: هم كُهَّانٌ تنزل عَلَيْهِم الشَّيَاطِين.
-> أخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله، أنه سمعه يقول: -وسئل عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال-: كَانَ فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِي كُلِّ حَيٍّ واحِدٌ، وَهِي كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْها الشَّيْطَانُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَة ورفيع نَحْوُ ذَلِكَ.
← أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (2621)، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: بِالطَّاغُوتِ قَالَ: الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ صَاحِبُ أَمْرِهِمْ.
و/- مما جاء من معاني الطَّاغُوتِ؛ السَّدَنَة والخدم الذين هم عند الأصنام والأوثان والقبور والبيوت.
• وَجْهُ الطَّاغُوتِيَّةِ فِيه يُزَيِّنُون لِلْعَابِدِين الشِّرْكَ، وَأَعْظَمُ صُوَّرِهَا الْيَوْم هُم عُلَمَاءُ القُبوريَّةِ أَعْدَاء التَّوْحِيد.
- قال الله تعالىٰ﴿مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ﴾؛
-> قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي لَيْلَى وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ فقال: فَخَدَمَ الطَّاغُوتَ.
-> أخرج ابن جرير عَن يحيى بن وثاب أنه قرأ: (وَعُبَدَ الطَّاغُوتِ) يقول: خَدَمَ. (۸)
-> أخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: «لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَخْلَة وَكَانَ بهَا الْعُزَّى فَأَتَاهَا خَالِد وَكَانَت على ثَلَاث سمُرَات فَقطع السَّمُرَات وَهدم الْبَيْت الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: ارْجع فَإنَّك لم تصنع شَيْئا فَرجع خَالِد فَلَمَّا أبصرته السَّدَنَة وهم حَجَبتهَا..».
-> عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كَانَ بَيْتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخَلَصَةِ، وَالْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، وَالْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ"..».(۹)
ز/- مما جاء من معاني الطَّاغُوتِ؛ رؤوس الكفار.
-> قال الله تعالى (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)؛
وروى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجِبْتُ: رَئِيس الْيَهُود، والطاغوت: رَئِيس النَّصَارَى.
-> قال الله تعالىٰ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ﴾؛
-> أخرج ابن جرير عَن عدي بن حاتم قال: أتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وفي عُنُقي صليبٌ من ذهب، فقال: يا عديّ، اطرح هذا الوثنَ من عنقك! قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في "سورة براءة"، فقرأ هذه الآية: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّه)، قال قلت: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدُهم! فقال: أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم!".
← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" (ج20/ص331)؛ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ قَالَ: هُمْ رُءُوسُ الْأُمَمِ الَّذِينَ أَضَلُّوهُم،ْ قَالَ: سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِدٌ.
ح/- المعنى الجامع للطاغوت؛ مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه.
-> قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: الطَّاغُوتُ: مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ.
2)- مَسْأَلَةُ طاغُوتِ الْحُكْمِ ضَلَّ فِيهَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ بَيْن طَرَفَيْن بَيْن الْمُرْجِئَة وَالْخَوَارِج ؛ الْمُرْجِئَة لَا يَرَوْنَ مِنْ نَازَعَ اللَّهَ فِي رُبُوبِيَّتِه (التَّشْرِيعُ حَقٌّ للرَّب) "طَاغُوتًا" وَيَأْتُون بِآثَارٍ لَيْسَتْ فِي مَوْضِعِهَا ويُنَزِّلونَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُ غَيْرِهِ فِي الْحُكَّام الْمُسْلِمِين : "كُفْرٌ دُونَ كُفر".
• وَهَؤُلَاء إرْجَاؤُهم كُفْرِيٌّ ورُؤوسُ هَؤُلَاء مَعرُفُونَ اليَوْمَ وَهُم: الْأَلْبَانِيُّ وطُلَّابُه، وابْنُ العُثَيْمينَ وطُلَّابه، وابْنُ بَازٍ وطُلَّابُه، . . وَغَيْرُهُم وَهُمْ كُفَّارٌ مُشْرِكُونَ.
- وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَيُمَثِّلُ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ "محمد بْنُ عَبْدِ الوهاب" وَمَنْ أَخَذَ فِي سَبِيلِهِ وَيَرَاهُ شَيْخًا لِلْإِسْلَام ، فَقَد نَزَعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خُصُوصًا لِمَذْهَب الْخَوَارِجِ (ونحنُ نُكَفِّرُه لكُفْرِيَّاتٍ أُخْرَى غَيْرِ هذه)؛
-> قال: «..،وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرُونَ. وَرُؤُوسُهُمْ خَمْسَةٌ،...وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ،..».(۱۰)
- هُنَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ:
أ/- اذا كان الْحَاكِمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ يَحْكُمُ بِشَرِيعَةٍ مُبَدَّلَةٍ وَشَرِيعَةٍ مَنْسُوخَةٍ فَهُوَ كَافِرٌ عَابِدٌ للطَّاغُوت "كقُضَاةِ الطَّواغِيتِ" الْيَوْم، وَلَيْس "طاغوتًا"؛ هُم وَجَدُوا تَشْرِيعًا فَحَكَمُوا بِهِ وَلَمْ يُشَرِّعُوا وَإِن شَرَعُوا صَارُوا طَوَاغِيت وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً.
ب/- اذا كان الْحَاكِمُ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ مُلتَزِمٌ(۱۱) بِشَرِيعَةِ اللَّهِ مُقِرًّا بِهَا مُنْقَادًا إلَيْهَا عَمَلِيًّا، إذَا خَالَفَ فِي جُزْئِيَّة مَثَلًا وَحَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَيْس كَافِرًا أَصْلًا، فَهَذِه كُفْرٌ دُون كُفْر وَفِسْقٌ دُون فِسْقٍ وَظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ مِثْلُهُ مِثْلَ الْأَبِ مَعَ أَوْلَادِهِ.
-> أخرج ابْن أبي حَاتِم عَنِ الشَّعْبِيِّ يَعْنِي قَوْلَهُ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ قَالَ: لِلْمُسْلِمِينَ.
-> َأخرج سعيد بن مَنْصُور والْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} (الْمَائِدَة آيَة 45) {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} (الْمَائِدَة آيَة 47) قَالَ: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وَفسق دون فسق.
-> وقال أيضا: «اعلم رحمك الله أن أول ما أوجب الله تعالى على عبده الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، [البقرة: 256]. والطواغيت كثيرة والمتبين لنا منهم خمسة: أولهم الشيطان، وحاكم الجور، وآكل الرشوة، ومن عُبد فرضي، والعامل بغير علم..».(۱۲)
- قوله: (وآكِلُ الرشوة)، (والعامل بغير علم).
• هَذِهِ مِنْ الْأَعَاجِيب فَهِي خَارِجِيَّةٌ حَرُورَيَّةٌ مَقِيتَةٌ، كَيْفَ يَكُونُ آكِلُ الرِّشْوَةِ طاغوتًا؟!
- وَآكِلُ الرِّشْوَةِ عَاصٍ لِلَّهِ وَأَكْلُه للرِّشوَةِ يُوجِبُ لَعْنَهُ.
-> عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي».(۱۳)
-> عَنْ ثَوْبَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا».(۱٤)
* وكيف يكون تَارِكُ العَمَلِ بِعِلْمِهِ طاغوتا؟!
• أَقُولُ؛ هَذَا الرَّجُلُ سُقُوطُهُ فِي نَفْسِهِ مُغْنِي عَن إسْقَاطِهِ.
ــــــــــــــــــ
۱- معجم مقاييس اللُّغة [ابن فارس].
۲- منهم: ابراهيم الحربي (تلميذ الإمام أحمد)، يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة.
۳- تفسير ابن أبي حاتم [الرازي، ابن أبي حاتم].
٤- (نوح -17) الدر المنثور في التفسير بالمأثور.
٥- [832 ( 294 )] رواه مسلم.
٦- [مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْعَرَبُ مَعَ الْأَصْنَامِ] كتاب سيرة ابن هشام.
٧- كتاب تهذيب اللغة [الأزهري].
۸- تفسير ابن جرير الطبري.
۹- صحيح البخاري [كِتَابٌ: الْمَغَازِي].
۱۰- كتاب ثلاثة الأصول وشروط الصلاة والقواعد الأربع.
۱۱- الإلتزام: يشمل الإقرار والإنقياد الظاهر؛ يعني الحكم بِمَا أَنْزَلَ اللهُ على وجهين: عمل عام وعمل خاص؛ العمل العام: حياة المسلم كلها (بين أولاده يحكم بِمَا أَنْزَلَ اللهُ).
العمل الخاص: عمل القاضي (يجب أن يلتزم بشريعة الله مقرا بها منقادا إليها عمليا إذا خالف في جزئية مثلا وحكم بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ هذه كفر دون كفر مثله مثل الأب مع أولاده).
۱۲- كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية [المجلد الأول|كتاب العقائد].
۱۳- رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
۱٤- المستدرك على الصحيحين للحاكم [الحاكم، أبو عبد الله| كتاب الأحكام].
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين.