آخرُ المواضيع

مسألة دفع التهمة

 


 
 
 
 

 مسألة دفع التهمة

 

 ❍ المسألة: 

 

💬1/- أخي هل يصحّ استدلال من يستدلّ بأثر ابن مسعود -رضي اللّٰه عنه-: « فمن يكفر بالطّاغوت...» قال: " هو الشّيطان في صورة الإنسان يتحاكمون إليه، وهو صاحب أمرهم" علىٰ أنّ الأصل: تسمية حكّام اليوم طواغيتًا؛ بل وتكفير من دفع عن نفسه التّهمة عندهم -بإطلاقٍ-!، إلا المكره؟

💬2/- عندنا في غزّة لا تتمُ واقعةُ زواج إلا في (المحاكم ) الموجودة. ومما هوَ معلوم أنّ غزّة يحكمها حـكم الطّاغوت. ومحاكمها كُلها تابعة لـ (حكم الطّاغوت). ومما هو معلومٌ عند واقعة الزّواج يجب دفع مبلغ مالي ليتم استيفاء العقد. ومن الشروط الموجودة في العقد. فما حكم الموحد إن أراد الزواج وأقدم على ذلك؟

💬3/- ما حكم الجنسية والتجنس؟

 

 

 ❍  جوابها: 

 

- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

 

💬  مسألةُ دفعِ التُّهمة:

ج01/- أَوَّلًا: الْأَثَرُ الَّذِي ذَكَرْتَ -وَفَّقَك اللَّهُ- لَيْسَ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ، بَلْ هُوَ أَثَرٌ عَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ.(۱)

• هَذَا كَلَامُ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.

الْأَمْرُ الثَّانِي: تَسْمِيَّةُ الحُكّام حُكّام اليَوْم بـ الطَّوَاغِيت رَاجِعٌ إلَى وَصْفِ الطاغُوتِيَّةِ، فَإِنَّهُم شَرَعُوا الكُفْرَ وَدَعَوْا إلَى عِبَادِةِ أَنْفُسِهِم.

”فَكُلُّ مَنْ شَرَعَ الْكُفْرَ وَدَعَا إلَى عِبَادِةِ نَفْسِهِ فَهُوَ طاغُوتٌ، وَكُلُّ مَنْ شَرَعَ الْكُفْرَ فَقَطْ أَوْ دَعَا إلَى عِبَادِةِ نَفْسِهِ فَقَطْ فَهُوَ طاغُوتٌ كَذَلِك، فَقَدْ يَجْتَمِعُ الْوَصْفَانِ وَقَد يَتَّصِفُ بِأَحَدِهِمَا“(۲)

• كُلُّ مِنْ اتَّصَفَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ كَانَا فِيهِ جَمِيعًا فَهُوَ طاغُوتٌ.

❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾{البقرة: 256}.

• وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ نَصٌّ فِي لُزُومِ الْكُفْرِ بِالطَّاغُوتِ، وتَكْفِيرِهِ، وَتَكْفِيرِ عابِدِيهِ، وَالْكُفْرِ بِمَا يُصْرَفُ لَهُ مِنْ الْعِبَادَةِ، وَأَنَّه شَرْطٌ فِي الْإِيمَانِ.(۳)

”وَحُكَّامُ الْيَوْم كَمَا ذَكَرْتُ شَرَعُوا الْكُفْرَ وَدَعَوْا إلَى عِبَادِةِ أَنْفُسِهِم، فَالْكُفْرُ بِهِم وتَكفِيرُهم وَتَكْفِيرُ عابِديهِم وَالْكُفْرُ بتِلْكُمُ الْعِبَادَةِ الَّتِي تُصْرَفُ لَهُم، هَذَا مِنْ صَمِيمِ التَّوْحِيد وَمَن صَمِيمِ الْكُفْرِ بِالطَّاغُوتِ“

الْأَمْرُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ "مَسْأَلَةُ دَفْعِ التُّهْمَةِ":

- أَوَّلًا: هَذَا الْمُصْطَلَحُ لَيْسَ أثَرِيًّا، وَإِن اِسْتَعْمَلْنَاهُ قَدِيمًا فِي بَعْضِ الرُّدُودِ عَلَى بَعْضِ المارِقَةِ، إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَحَقُّ بِالاتِّبَاع، فَلَا نَتَكَلّمُ بِهِ لِأَجْلِ الْإِجْمَالِ الَّذِي فِيهِ.

• هَذَا لَفْظٌ مُجْمَلٌ فَتَرْكُهُ أَوْلَى.

وَلَكِنَّ هَذَا الْمُصْطَلَحَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ أَمْرَان:

أ/- فَإِنْ أَرَادَ السَّائِلُ التَّحَاكُمَ لِلْكُفْرِ الَّذِي شَرَعَهُ الْحُكَّامُ فَهَذَا كُفْرٌ بِاَللَّهِ لَا يَشُكُّ فِيهِ مِنْ شَمَّ لِلتَّوْحِيدِ رَائِحَة.

• التَّحَاكُمُ لِلْكُفْرِ الَّذِي شَرَعَهُ الْحُكَّامُ كُفْرٌ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ.

ب/- وَإِنْ أَرَادَ السَّائِلُ -حَفِظَهُ اللهُ- الدّفَاعَ عَنْ النَّفْسِ بـ مُبَاحٍ فِي مُبَاحٍ فَهُوَ مُبَاحٌ.

”وَإِنَّمَا نَقُولُ الْأَصْلُ هُوَ الْمُبَاعَدَة، لِأَنَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى تِلْكُمُ الْمَحَاكِم فَلَا يَسْلِمُ غَالِبًا مِنْ الْكُفْرِ، وَلَكِنْ لَابُدَّ مِنْ التَّفْرِيقِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ شُعَبٌ وَالْكُفْرَ شُعَبٌ؛ وَهَذَا مَا لَمْ تَفْهَمْهُ الْخَوَارِجُ، وَهَذَا مَا لَمْ تَسْتَوْعِبْهُ عُقُولُهُم“

- أَمَّا التَّكْفِيرُ بِإِطْلَاقٍ كَمَا ذَكَرَ السَّائِلُ بَل وَتَكْفِيرُ مَنْ دَفَعَ التُّهْمَةَ عِنْدَهُم بِإِطْلَاقٍ إلَّا الْمُكْرَه، فِي لَفْظٍ مُجْمَلٍ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَشْبَهُ بِدِينِ الْخَوَارِجِ، لِأَنَّهُم يَجْعَلُونَ الْإِيمَانَ شَيْئًا وَاحِدًا إذَا ذَهَبَ بَعْضُهُ ذَهَبَ كُلُّهُ؛ ثُمَّ اللَّفْظُ مُجْمَلٌ -سُبْحَانَ اللَّه- اللَّفْظُ لَيْسَ لَفْظًا سَلَفِيًّا حَتَّى نُحاكِمَ النَّاسَ إلَيْهِ ونُكَفِّرَهُم بِه ونَمْتَحِنَهُم بِمِثْلِه، وَالْمَسَائِلُ كَمَا ذَكَرْتُ شُعَبٌ، فَلَابُدَّ مِنْ إيضَاحِ مَعْنَى التَّحَاكُمِ وَإِيضَاحِ مَعْنَى الْحُكْمِ بِأَلْفَاظٍ بَيِّنَةٍ ظَاهِرَةٍ سَلَفِيَّةٍ.

• وَكَلَامُ مُجَاهِدٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ السَّائِلُ كَلَامٌ نُؤْمِنُ بِهِ وَبِهِ نَدِينُ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ صَاحِبُ أَمْرِهِمْ.

- مُجَاهِدٌ قَالَ: "يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ"، وَالشَّيْطَانُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ شَرَعَ الْكُفْرَ وَدَعَا إلَى عِبَادِةِ نَفْسِهِ، فَصَدَقَ فِيهِ وَصْفُ الطَّاغُوتِيَّةِ؛ "يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ" يَعْنِي يَتَحَكَمُونَ لِمَا شَرَعَ مِنَ الْكُفْرِ "وَهُوَ صَاحِبُ أَمْرِهِمْ"؛ وَلَمْ يَقُلْ مُجَاهِدٌ "يَدْفَعُونَ التُّهْمَةَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَهُ"؛ فَهَذَا لَفْظٌ مُجْمَلٌ لَفْظٌ مُوهِمٌ، هَذَا أَقَلُّ أَحْوَالِهِ إنْ لَمْ نَقُلْ أَنَّهُ لَفْظٌ بِدْعِيٌّ.

- فَلَابُدَّ مِنَ تَحْرِيرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَلَابُدَّ مِنْ تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمُصْطَلَحَات وَتَرْكُهَا وَهَجْرُهَا أَوْلَى، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ نَقُولُ لاَبُدَّ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْأَلْفَاظِ السَّلَفِيَّةِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْآثَارِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَتَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةُ التَّحَاكُم عَلَى ضَوْءِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِفَهْمِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، فَنُكَفِّرُ مَنْ كَفَّرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، ونَجْتَنِبُ كَذَلِك سَبِيلَ المَارِقَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَبِيلَ الْجَهْمِيَّة، وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَسَطٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَهْلُ اتِّبَاعٍ، وَلَيْسُوا بِأَهْلِ ابْتِدَاع،ٍ وقد قَالَ الإِمَامُ الأَوْزَاعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "اصْبر نفسك على السُّنَّة، وقفْ حيثُ وقفَ القوم، وقُلْ بما قالوا، وكفّ عمَّا كفّوا عنه، واسْلك سَبِيلَ سلفك الصَّالح، فإنَّهُ يَسَعُكَ مَا وَسِعَهُم.."(٤).

• هَذَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالْكَلَامُ فِيهَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ الطُّولِ وَشَيْءٍ مِنْ الْبَسْطِ، أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَزِيدِ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلِمَزِيدِ إيضَاحِهَا وَتَوْضِيحِهَا، وَحَتَّى يَزُولَ الْإِشْكَالُ وَتَظْهَرَ السُّنَّة وتُقْمَعَ الْبِدْعَة. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

۱- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾{البقرة: 256}.

◉ قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه"ِ(2621): وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: ﴿بِالطَّاغُوتِ﴾ قَالَ: الشَّيْطَانُ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ، وَهُوَ صَاحِبُ أَمْرِهِمْ.

 

۲- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَٰهٌ مِّن دُونِهِ فَذَٰلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾{29| الأنبياء}.

← قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور"ِ (ج5/ص625): أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك؛ فِي قَوْله: {وَمن يقل مِنْهُم} يَعْنِي من الْمَلَائِكَة {إِنِّي إِلَه من دونه} قَالَ: وَلم يقل ذَلِك أحد من الْمَلَائِكَة إِلَّا إِبْلِيس دَعَا إِلَى عبَادَة نَفسه وَشرع الْكفْر.

 

۳- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا﴾{النساء: 60}.

- قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضلالا بعيدا}.

← قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ فِي "التَّصارِيف" (ص : 345): الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: ضَلَال يَعْنِي هُوَ الْكُفْرُ.

فَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي النِّساء حِكَايَةُ قَوْلِ إِبليس {وَلأُضِلَّنَّهُمْ} يَعْنِي لأُغوينَّهُمْ عَنْ الْهُدَى فَيَكْفُرُوا، كَقَوْلِهِ فِي يس {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً} يَقُول: لَقَد أَغْوَى إِبليسُ مِنْكُم خَلْقًا كَثِيرًا فَكَفَرُوا. وَقَالَ فِي الصَّافات: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلَيْن} فَكَفَرُوا. وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ.


❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ {الممتحنة: 04}.

← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(ج23/ص306): عَنْ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) قَالَ: الَّذِينَ مَعَهُ الْأَنْبِيَاءُ.

• قَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَوْلُهُ: (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) يَقُولُ: حِينَ قَالُوا لِقَوْمِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، وَعَبَدُوا الطَّاغُوتَ: أَيُّهَا الْقَوْمُ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ، وَمِنَ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ.

- وعَنْ مُجَاهِدٍ (إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ) قَالَ: نُهُوا أَنْ يَتَأَسَّوْا بِاسْتِغْفَارِ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ، فَيَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ، وفِي كُلِّ أَمْرِهِ أُسْوَةٌ، إِلَّا الِاسْتِغْفَارَ لِأَبِيهِ.


❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ {التوبة: 31}.

← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(ج14/ص210-211): عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا عَدِيُّ، اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ! قَالَ: فَطَرَحْتُهُ، وَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي "سُورَةِ بَرَاءَةٌ"، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِقَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ! فَقَالَ: أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتُحِلُّونَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ : بَلَى! قَالَ: فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ! وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ.

- وعَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)، قَالَ: انْطَلَقُوا إِلَى حَلَالِ اللَّهِ فَجَعَلُوهُ حَرَامًا، وَانْطَلَقُوا إِلَى حَرَامِ اللَّهِ فَجَعَلُوهُ حَلَالًا فَأَطَاعُوهُمْ فِي ذَلِكَ، فَجَعَلَ اللَّهُ (طَاعَتَهُمْ عِبَادَتَهُمْ)، وَلَوْ قَالُوا لَهُمُ: "اعْبُدُونَا"، لَمْ يَفْعَلُوا.

← قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه"ِ(10061): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ ثنا سَلَمَةُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ﴿لَا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَأَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكٌ فِي أَمْرِهِ.


❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ۞ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ۞ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ۞ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ۞ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾{الأحزاب: 64-68}.

← قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور" (ج06/ص664): أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ:﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ أَيْ: رُؤُوسَنَا فِي الشَّرِّ وَالشِّرْكِ.

- وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ قَالَ: مِنْهُمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ.

← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" (ج20/ص331)؛ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ قَالَ: هُمْ رُءُوسُ الْأُمَمِ الَّذِينَ أَضَلُّوهُم،ْ قَالَ: سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِدٌ.

← قَالَ الطَّبَرِيُّ: يَقُولُ -تَعَالَى ذِكْرُهُ-: وَقَالَ الْكَافِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي جَهَنَّمَ: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا أَئِمَّتَنَا فِي الضَّلَالَةِ وَكُبَرَاءَنَا فِي الشِّرْكِ ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ يَقُولُ: فَأَزَالُونَا عَنْ مَحَجَّةِ الْحَقِّ، وَطَرِيقِ الْهُدَى وَالْإِيمَانِ بِكَ، وَالْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّتِكَ، وَإِخْلَاصِ طَاعَتِكَ فِي الدُّنْيَا ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ يَقُولُ: عَذِّبْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ مِثْلَيْ عَذَابِنَا الَّذِي تُعَذِّبُنَا ﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ يَقُولُ: وَاخِزِهِمْ خِزْيًا كَبِيرًا.

 

←📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [مَعنَى الطّاغُوت عندَ السّلفِ].

 

←📻 | راجع هذه الفتوى الصوتية: فِقْهُ الْوُصُولِ إلَى رَبْطِ الصُّوَّرِ بِالْأُصُولِ (مُصْطَلَح رَدّ التُّهْمَة): ⤵

 
small rss seocips MP3
فقه الوصول إلى ربط الصور بالأصول (مصطلح رد التهمة)

 
 
 
٤- أخرجه في "الحلية": (22/3).
 
 
ـــــــــــــــــــــــــــ
 
 
💬 العُقُودُ في المحاكمِ:
 
ج02/- الْعُقُودُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَحَاكِمِ الْوَضْعِيَّةِ لَا شَيْءَ فِيهَا وَلَا مَحْظُورَ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ تَبْدِيلٌ لِشَرْعِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- تَبْدِيلًا كُفْرِيًّا.
 
”إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا فِي الْمَحَاكِمِ كُفْرٌ، بَلْ فِيهَا مَا هُوَ كُفْرٌ، وَفِيهَا مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، بَلْ هُوَ دَاخِلٌ إمَّا فِي الْحَرَامِ وإمَّا فِي الْبِدَعِ وإمَّا فِيمَا هُوَ مُبَاحٌ، هَذَا مَعَ كَوْنِهِ دَاخِلًا كَذَلِكَ فِي تَوْثِيقِ الْعَقْدِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ التَّحَاكُمِ الكُفْرِيِّ لشَرَائِعَ مُبْدَّلَه“ 
 
- وَالمَحْكَمَةُ فِي "هَذِهِ الْحَالَةِ" تُعْتَبَرُ مُؤَسَّسَةً تَنْظِيمِيَّةً؛ (أَقُولُ فِي "هَذِهِ الْحَالَةِ" وَمَا يُشْبِهُهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ كُفْرٌ حَتَّى لَا يُفْهَمَ كَلَامِي عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ)، هَذَا التَّوْثِيقُ طَبْعًا إذَا كَانَ فِيهِ كُفْرٌ فَهُوَ كُفْرٌ، إذَا كَانَ فِيهِ تَوْثِيقُ الْحَرَامِ فَهُوَ حَرَامٌ كتَوْثِيقِ عُقُودِ الرِّبَا مَثَلًا، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َآكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ». وَقَالَ: "هُمْ سَوَاءٌ".(۱)
 
• فَالْعَقْدُ فِي تِلْكَ الْمَحَاكِمِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُفْرٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَرَامٌ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هَذَا تَوْثِيقٌ مُبَاحٌ، والمَحْكَمَةُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ تُعْتَبَرُ مُؤَسَّسَةً تَنْظِيمِيَّةً، أَمَّا الْمَالُ الَّذِي يَدْفَعُهُ مَنْ يُرِيدُ الزَّوَاج فَهَذَا عِوَضٌ تَأْخُذُهُ الدَّوْلَةُ عَن تَوْثِيقِ الْعَقْدِ، فكَوْنُهُم يَصْرِفُونَ مِنْهُ فِي كُفْرٍ أَوْ فِي حَرَامٍ، هَذَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِمَنْ أَرَادَ الزَّوَاجَ، هَذَا بَابٌ آخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِمْ هُم.
 
- هَذَا كَحَالِ الْمُسْلِمِ يَبْتَاعُ شَيْئًا مِنْ كَافِرٍ بَعْضُ مَالِهِ يَذْهَبُ إلَى الْحَرَامِ أَوْ إلَى الْكُفْرِ كَبِنَاءِ كَنِيسَةٍ مَثَلًا، فَهَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْإِعَانَةِ الْمُكَفِّرَة، "لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِعَانَةِ الكُفْرِيَّةِ أَنْ تَكُونَ مُبَاشِرَةً بِوُجُودِهَا يُوجَدُ الكُفْرُ".
 
← قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ فِي "النَّوَادِرِ وَالزِّيَادَات" (ج14/ص555): قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ابْنِ الْحَسَنِ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَن المُسْلمِ لَهُ أُمٌّ نَصْرَانِيَّة عَمْيَاء تُرِيد مِنْه الْمَسِيرَ بِهَا إلَى الْكَنِيسَةِ؟ قَال: "فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهَا، وَلَا يَدْخُلُ هُو الْكَنِيسَة". قِيل: فَيُعْطِيهَا النَّفَقَة لِعِيدِهَا؟ قَال: "أَمَّا فِي طَعَامِهَا وَشَرَابِهَا فَنَعَم، وَلَا يُعْطِيهَا مَا تُعْطِي فِي الْكَنِيسَة"ِ.
 
• فَأَقْصَى مَا يُقَالُ فِي هَذَا أَنَّهُ حَرَامٌ، وَلَكِن كَمَا تَرَى الْأَئِمَّة لَا يُكَفِّرُونَ بِمِثْلِ هَذَا الِانْفِكَاك الْجِهَة.
 
- أَنْت أَرَدْتَ الزَّوَاجَ فِي مَحْكَمَةٍ هَذَا التَّوْثِيقُ فِي أَصْلِهِ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُفْرٌ وَلَا مَعْصِيَّةٌ؛ طَيَّب الْمَالُ الَّذِي تَأْخُذُهُ مِنْكَ الْمَحْكَمَةُ هَذَا غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِك الْآنَ، لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِكَ مَا دَفَعْتَهُ لِأَجْلِ التَّوْثِيقِ، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ صَرَفُوهُ فِي بِنَاءِ مَحْكَمَةٍ فِي بِنَاءِ كَنِيسَةٍ فِي شِرَاءِ سِلَاحٍ ..غَيْرِ ذَلِكَ، هَذِهِ كُلُّهَا غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِك. هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
۱- رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (1598).
 
ـــــــــــــــــــــــــــ
 
💬 حكمُ التَّجنس:
 
ج03/- مَسْأَلَةُ الْجِنْسِيَّةِ والتَّجَنُسِ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الانْتِمَاءِ إِلَى قَوْمٍ وَإِلَى أَرْضٍ بِعَيْنِهَا، فَلَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى جِهَةِ الْأَصْلِ.
 
• لَكِنْ إنْ وُجِدَ فِيهَا حَرَامٌ فَهِيَ حَرَامٌ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهَا كُفْرٌ فَهِيَ كُفْرٌ؛ ثُمَّ إنَّ الْحَرَامَ قَدْ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ "الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَات"، وَالضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا(۱).
 
- وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الانْتِمَاءُ لُجُوءً وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الِاسْتِجَارَةِ، وَقَدْ دَخَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ فِي جِوَارِ الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّّ وَكَانَ كَافِرًا، وَدَخَل الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الّذِينَ هَاجَرُوا إِلَى الْحَبَشَةِ فِي جِوَارِ النَّجَاشِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ كَافِرًا.(۲)
 
• لا شَيْءَ فِيهَا إن شَاءَ اللَّهُ عَلَى جِهَةِ الْأَصْلِ، هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

۲- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ في "السِّيرَة" [كَيْفَ أَجَارَ الْمُطْعِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (ج1/ص381): وَأَمَّا قَوْلُهُ: «أَجَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ مِنْهُمْ»، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا انْصَرَفَ عَنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، وَلَمْ يُجِيبُوهُ إلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ، مِنْ تَصْدِيقِهِ وَنُصْرَتِهِ، صَارَ إلَى حِرَاءٍ، ثُمَّ بَعَثَ إلَى الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ لِيُجِيرَهُ، فَقَالَ: أَنَا حَلِيفٌ، وَالْحَلِيفُ لَا يُجِيرُ. فَبَعَثَ إلَى سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: إنَّ بَنِي عَامِرٍ لَا تُجِيرُ عَلَى بَنِي كَعْبٍ.
 
فَبَعَثَ إلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ تَسَلَّحَ الْمُطْعِمُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَخَرَجُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَسْجِدَ، ثُمَّ بَعَثَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ اُدْخُلْ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى عِنْدَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَعْنِي حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ.
 
← أَخْرَج الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ (ج02/ص301)؛ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ «لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِيَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِمْ وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ عَمِّهِ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مِمَّا يَنَالُ أَصْحَابُهُ،
 
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيه».
 
فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالًا حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِهَا فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ وَإِلَى خَيْرِ جَارٍ آمَنَّا عَلَى دِينِنَا، وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا.
 

 
 وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين