مسألة في المسح على الخفين
مسألة في المسح على الخفين
❍ السؤال:
💬 هل صحيح أن المالكية لا يوقتون في مسألة المسح على الخفين، وما الراجح في ذلك؟
💬 ما كيفية المسح على الخفين؟
❍ الجواب:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
ج1/- أوّلًا: مَسْأَلَةُ المَسْحِ على الخُفَّيْنِ هذهِ المَسْأَلَةُ يَذْكُرها أئمَّةُ السُّنَّةِ في أبْوَابِ الِاعتِقَادِ، لِيُخالِفُوا بذلكَ أَهْلَ الأهواءِ والبِدَعِ كالخَوارِجِ والرَّافِضَةِ وغيرِهِم(۱).
• هذا شَيْءٌ مَعْلُومٌ -إن شَاءَ اللَّهُ تعالى- والمالِكِيَّةُ مِنْهُم؛
-> قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، قَال مُطَرِّفٌ، وَابْنُ المَاجِشُون: لَم يَخْتَلِفْ فِيهِ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَمَا عَلِمْنا مالكًا وَلَا غَيْرَهُ مِنْ عُلَمَائِنَا أَنْكَرَ ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ.
- قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَرْتَابُ فِيهِ إلاَّ مَخْذُول.(۲)
- الأمرُ الثَّانِي: أنَّ المالِكِيَّةَ لَهُمْ قَولانِ في التَّوْقِيتِ، المَشهورُ منهُمَا أَنَّهُمْ لا يُوَقِّتُون المَسْحَ بحَدٍّ؛ وهُو قولُ ابْنِ وَهْبٍ وابْنِ الْقَاسِمِ وغيرِهِمَا، َوإِنْ كانَ ابْنُ وَهْبٍ لهُ رِوايَتانِ في تَقدِيمِ الأَوْلَى هَلْ يُقَدَّمُ المَسْحُ أَم يُقَدَّمُ الغَسْلُ، فروايَةٌ في جوازِ المَسْحِ وروايَةٌ في كَراهَةِ المَسْحِ مُطْلَقًا في السَّفَرِ وفي الحَضَرِ؛ فيرَى لذلكَ في هذهِ الرِّوايَةِ الَّتي رُوِيَتْ عنهُ اسْتِحْبَابَ غَسْلِ القَدَمَيْنِ، إلَّا أنَّهُ على قَوْلِهِ الَّذي يَقولُ فيهِ بالمَسْحِ لَا يُوَقِّتُ المَسْحَ بحَدٍّ.
- والقَوْلُ الثَّانِي عندَ المالِكِيَّةِ أنَّهُم يُوَقِّتُونَ المَسْحَ على الخُفَّيْنِ مِن الجُمُعَةِ إلى الجُمُعَةِ؛ وذَكَر إِسْحَاق -رحمةُ اللَّه عليهِ- أنَّ هذا قَوْلُ أهْلِ المَدِينَةِ(۳)، وهُو قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ الصَّائِغ وهُو مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه-(٤).
- أمَّا ما جاءَ مِن الأحَادِيثِ الَّتي وَرَدَتْ في التَّوْقِيتِ ''بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ لِلْمُسَافِر''ِ قَدْ جاءَ في النَّوَادِرِ وَالزِّيَادَاتِ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ -رحمةُ اللَّه عليهِ- وهو مِنْ أئمَّةِ الحديثِ والفِقْهِ وهو مَعْدُودٌ في فُقَهاءِ المالِكِيَّةِ قَالَ ''لَا أَصْلَ لِحَدِيثِ التَّوْقِيتِ''(٥).
• ولَسْتُ أعْلَمُ عَن أيِّ حَديثٍ يَتَحَدَّثُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، لأنَّهُ قد جاءَ في تَوْقِيتِ المَسْحِ جُمْلَةُ أحادِيثٍ، منهَا الحَديثُ المَشْهورُ في البابِ وهُو حَديثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ".(٦)
• وهذَا الحَديثُ رواهُ الإمامُ أَحْمَدُ في مُسْندِهِ ورواهُ النَّسَائِيُّ ومَعْلُومٌ شَرْطُ النَّسَائِيِّ في الرِّجالِ وتَشْدِيدِهِ في ذلكَ، ومع كَوْنِ هذَا الحديث رَواهُ الإمامُ أَحْمَدُ والنَّسَائِيُّ فإنَّ البُخَارِيَّ قد صَحَّحَهُ كما نَقَلَ عنهُ التِّرْمِذِيُّ في "عِلَلِهِ الكَبِيرِ".
-> قَالَ التِّرْمِذِيُّ في كتابِ العِلَلِ الكَبِير (66): وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا فَقُلْتُ: أَيُّ الْحَدِيثِ عِنْدَكَ أَصَحُّ فِي التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟
- قَالَ: حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ.
”أمَّا الَّذي أَراهُ وأذهَبُ إلَيْهِ، هُو الِالْتِزَامُ بالتَّوْقِيتِ، لأنَّ الأحادِيثَ في هذا البابِ والآثَارَ كَثِيرَةٌ؛ هذا الأصْلُ الَّذي دَلَّتْ عَلَيْهِ الأخْبارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعَن صَحَابَتِهِ، إلَّا أنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ في حالِ الأَعْذَارِ على اليَوْمِ واللَّيْلَةِ لِلْمُقِيمِ وعلى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ لِلْمُسَافِرِ في حالِ الأعْذَارِ“
• وَهذا قَوْلُ إِسْحَاقَ فإنَّهُ قالَ كما رَوَى عَنْهُ حَرْبٌ في مَسَائِلِهِ.
-> قَالَ حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ في مَسَائِلِهِ (292): وَسَأَلْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، قُلْتُ: رَجلٌ في سَفَر، وقد صَلَّى في خُفَّيه ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، فَحَضَرَت الصَّلاة، فأَراد أن يَنزع الخُفّ، فَضَاق الخُفُّ في رِجله ولم يَخرج، كَيف يَصنَع؟ قال: «يَمسَح ويُصَلِّي». قلت: يُعيد الصَّلاة؟ فَكأنه قال: «لا». قال: «لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ الْمَسْحَ ثَمَانِيَّةَ أَيَّامٍ». قال: «وَأَنَا أَرَاهُ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، ولكنِّي قُلتُ بِقَول أَهْل المدينَة فِي مَوضِع العُذرِ».
• فمَذْهَبُ أَهْلِ المَدِينَةِ أو مَذْهَبُ المَالِكِيَّةِ أنَّهُمْ اخْتَلَفُوا، فقالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ المَسْحَ لا يُحَدُّ بِحَدٍّ، وهذَا أَشْهَرُ الأقْوَالِ عِنْدَهُم، والقَوْلُ الثَّاني أنَّهُم حَدُّوهُ مِن الجُمُعَةِ إلَى الجُمُعَةِ.
- واللَّهُ أعلَمُ.
ج/2- أوّلًا: الصَّحِيحُ الَّذي عليهِ أصحابُنا، أنَّ المَسْحَ على الخُفَّيْنِ يكونُ لأعْلَى الخُفِّ ولأَسفَلِهِ.
• فمَنْ مَسَحَ أَسْفَلَ الخُفِّ لم يُجْزِئْهُ ذلكَ، ويُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ على ظَاهِرِ الخُفِّ، ويُسْتَحَبُّ لمَنْ مَسَحَ على ظاهِرِ خُفِّه أنْ يُعِيدَ في الوَقْتِ.
- الأمرُ الثَّاني: أنَّ مَنْ مَسَحَ على خُفَّيْهِ فإنَّهُ يَبْلُغُ بِالمَسْحِ الكَعْبَيْنِ (يَبدَأُ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى الكَعْبَيْنِ)، فإِنْ لم يَسْتَوْعِبِ المَسْحَ كان ذلكَ مَكْرُوهًا.
• ويَسْتَدِلُّ أصحابُنَا بحَديثِ المُغِيرَةِ -رضيَ اللَّه عنه- "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ"، وهذا الحَديثُ رواهُ الإمامُ أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وغيرُهُمَا.
-> أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُننِهِ (97)؛ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ".
• وهو مُرْسَلٌ لا يَصِحُّ مَوْصُولًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-.
- إلّا أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قالَ بعدَ رِوَايَتِهِ لهذا الحَديثِ، قَال: ''وَهَذَا قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَهَذَا حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ غَيْرُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ، وَمُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ رَوَى هَذَا عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَجَاءٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ: مُرْسَلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمُغِيرَةُ".
- أمَّا قَوْلُ إِسْحَاقَ في مَسائِلِ الكَوْسَج مُخَالِفًا بذلكَ الإمامَ أَحْمَد، فإنَّهُ لَا يرَى المَسْحَ أَسْفَلَ الْخُفَّيْنِ؛ أمَّا إِسْحَاق فيَرَى المَسْحَ أَعْلَى الخُفِّ وأَسْفَلَهُ(٧).
-> قَالَ إِسْحَاقُ: "يَمْسَحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمرَ"، وأثَرُ ابْنِ عُمَرَ -رضي اللَّه عنهما- أنَّهُ كانَ يَمْسَحُ على ظَاهِرِ الخُفِّ وَبَاطِنَهُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبرَى(۸).
-> أمَّا مَالِكٌ -رحمه الله- فقد قَالَ في المُوَطَّأِ (87): سَأَلَتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، كَيْفَ هُوَ؟ فَأَدْخَلَ ابْنُ شِهَابٍ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ الْخُفِّ وَالْأُخْرَى فَوْقَهُ، ثُمَّ أَمَرَّهُمَا. قَالَ مَالِكٌ: وَقَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
- وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ أبي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ وَالزِّيَادَات: ”أَرَانِي مُطَرِّفٌ، وَابْنِ المَاجِشُون صِفَةَ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ، وَكِلَاهُمَا وضعَ يَدَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ مِنْ ظَاهِرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى، فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى جَمَعَهُمَا عِنْد الْكَعْبَيْن، وَفَعَل بِالْقَدَم الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ جَعَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ الْقَدَمِ الْيُسْرَى، وَالْيَد الْيُسْرَى مِنْ فَوْقِهَا. وَذَكَرَ أَنَّ مالكًا أَرَاهُمَا الْمَسْحَ هَكَذَا، وأنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَصَفَ لَهُ هَكَذَا“(۹).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الخُفُّ: ما يُلْبَسُ في الرِّجْل من جِلْد رقيق وقد يكون الخُفُّ مِنْ كَتَّانٍ، أو صوف، أَوْ قُطْن أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• والخُفُّ: واحد، الخِفافِ التي تُلْبَسُ.
• والموقُ: الذي يُلبس فوق الخف، فارس معرب.
• قال ابن حبيب: والجُرْمُوقان الخُفَّان الغليظان لا ساقَيْن لهما.
۱- أوَّلًا: مِن الكِتابِ.
← قَالَ ابن بطة في الإبانة الكبرى (256): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُكْرَمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سِوَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رِفَاعَةَ الْعَامِرِيُّ عَبْدُ الْقَاهِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: «نَزَلَ الْمَسْحُ مِنَ السَّمَاءِ».
◉ اسْتَدَلَّوا -رحمهم الله- بِقَوْلِ اللَّهِ تعالىٰٰ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾{المائدة: 6}.
• وجه الدَّلالة:
أنَّه على قِرَاءَة الخَفْضِ في ِقَوْلِ اللَّهِ تعالىٰٰ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾؛ تكون﴿وَأَرْجُلِكُمْ﴾ معطوفةً على قَوْلِ اللَّهِ تعالىٰٰ﴿وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾؛ وهي قِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ الْمَكِّيِّ، وَأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ الْبَصْرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بْنِ عيَّاش الْكُوفِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، وَحَمْزَة بن حَبِيبٍ الزَّيَّات الْكُوفِيِّ.
← وأَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (11491)، عَنِ الشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَالضَّحَّاكِ يَقْرَؤُون بِالْخَفْضِ ﴿وَأَرْجُلِكُمْ﴾.
• وتدخُل في ضِمنِ الممسوحِ حين تكونُ مستورةً بالخفِّ ونحوه، كما بيَّنتْه السُّنَّة.
- قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: «وَرَوَى شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ ُوبْنُ عُيَيْنَةَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَال:َرَأَيْتُ جَرِيرًا بَالَ وَتَوَضَّأَ مِنْ مَطْهَرَةٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقِيلَ لَه:ُ أَتَفْعَلُ هَذَا؟ فَقَالَ: "وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَفْعَلَ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ"
- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: "فَكَانُوا -يَعْنِي أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرَهُمْ- يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِهِ لِأَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ".
وَقَدْ تَأَوَّلَ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ قول الله عز وجل﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ {الْمَائِدَةِ: 06} أَنَّهُ أَرَادَ إِذَا كَانَا فِي الْخُفَّيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ..». [الاستذكار لابن عبد البر| ج1 ص217].
• وتدخُل في ضِمنِ المَغْسُولِ حين تكونُ مَكْشُوفَةً.
- أخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانُوا يقرؤونها {بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ} بِالْخَفْضِ وَكَانُوا يَغْسِلُون.
- وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غَسْل القَدَمَيْنِ.
- وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الحكم قَالَ: مَضَت السّنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين بِغسْل الْقَدَمَيْنِ.
◉ ثانيًا: مِن السُّنَّةِ.
❍ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (206) ومُسْلِمٌ (274) فِي صَحِيحِهِما؛ عنِ المغيرةِ بنِ شُعبةَ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: كنتُ مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في سَفرٍ، فأهويتُ لِأنزعَ خُفَّيه، فقال: ''دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتُهما طاهرتينِ"، فمَسَح عليهما''.
❍ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِه (202)؛ عن عبد اللهِ بنِ عُمرَ، عن سعد بن أبي وقَّاص عن النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّه مَسَح على الخُفَّين، وأنَّ عبدَ الله ابن عُمرَ سأل عُمرَ عن ذلك، فقال: ''نعَمْ، إذا حدَّثك شيئًا سعدٌ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا تسألْ عنه غيرَه''.
❍ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِه (204)؛ وعن جعفرِ بن عَمرِو بن أُميَّة الضَّمريِّ، أنَّ أباه، أخبره ''أنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَمسحُ على الخُفَّينِ''.
❍ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِه (387) واللفظ له، ومُسْلِمٌ (272)؛ عن همَّام بن الحارث، قال: رأيتُ جريرَ بنَ عبد اللهِ بالَ، ثمَّ توضَّأ ومسَح على خفَّيه، ثم قام فصلَّى، فسُئِل، فقال: ''رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَنَع مِثلَ هذا'' قال إبراهيم: ''فكان يُعجِبُهم؛ لأنَّ جريرًا كان مِن آخِر مَن أسلَمَ''.
❍ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (224) ومُسْلِمٌ (273) واللفظ له، فِي صَحِيحِهِما؛ وعن حُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فانتهى إلى سُباطةِ قَومٍ، فبال قائمًا، فتنحَّيْتُ فقال: ''ادْنُه"، فدنوتُ، حتَّى قمتُ عند عَقبَيهِ، فتوضَّأ فمَسح على خفَّيه''.
-> قَالَ البربهاري فِي شرحِ السُّنَّةِ (34): "والمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ سُنَّةٌ".
-> وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط (5537) عَن َالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يَمْسَحُ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَبَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ».
- قال الطَّبَرَانِيّ: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُطَرِّفٍ إِلَّا سَوَّارٌ.
-> وقَالَ مُحَمَّدُ بن نصر المَرْوَزِي في السُّنَّةِ (384): «وَقَدْ أَنْكَرَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنَ وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ خِلَافٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ لَزِمَهُ إِنْكَارُ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ السُّنَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْ، وَذَلِكَ خُرُوجٌ مِنْ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ».
-> قَالَ اللَّالَكَائِيُّ فِي أُصُولِ السُّنَّةِ (314): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّاجِيَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ بِسُرَّ مَنْ رَأَى سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ
قَالَ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: «قُلْتُ» لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ: "حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ مِنَ السُّنَّةِ يَنْفَعُنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، فَإِذَا وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَأَلَنِي عَنْهُ.
فَقَالَ لِي: «مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ هَذَا؟» قُلْتُ: «يَا رَبِّ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَخَذَتْهُ عَنْهُ فَأَنْجُو أَنَا وَتُؤَاخَذُ أَنْتَ».
فَقَالَ: "يَا شُعَيْبُ هَذَا تَوْكِيدٌ وَأَيُّ تَوْكِيدٍ، اكْتُبْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ،...، يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ؛ لَا يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتُ لَكَ حَتَّى تَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ دُونَ خَلْعِهِمَا أَعْدَلَ عِنْدَكَ مِنْ غَسْلِ قَدَمَيْكَ..».
-> وقَالَ (324): سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ، وَقِيلَ لَهُ: مَتَى يَعْلَمُ الرَّجُلُ أَنَّهُ عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؟".
قَالَ: "إِذَا عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ عَشْرَ خِصَالٍ: «لَا يَتْرُكُ الْجَمَاعَةَ، وَلَا يَسُبُّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالسَّيْفِ، وَلَا يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ، وَلَا يَشُكُّ فِي الْإِيمَانِ، وَلَا يُمَارِي فِي الدِّينِ، وَلَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ يَمُوتُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِالذَّنْبِ، وَلَا يَتْرُكُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا يَتْرُكُ الْجَمَاعَةَ خَلْفَ كُلِّ وَالٍ جَارَ أَوْ عَدَلَ».
◉ ثالثًا: مِنَ الإجْماعِ.
❍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِر فِيِ الإجْماعِ (15): ''وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ كُلُّ مَنْ أَكْمَلَ طَهَارَتَهُ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَأَحْدَثَ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا''.
❍ وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَوْسَط: «وَقَدْ ذَكَرْتُ سَائِرَ الْأَخْبَارِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَأَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَرُوِي ذَلِكَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَخَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَبِلَالٍ»
- وقال (457): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ».
وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةِ يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَكْحُولٌ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ،...وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكُلُّ مَنْ لَقِيتُ مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ.
وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ اخْتِلَافُ أَنَّهُ جَائِزٌ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَنْ أَنْكَرَ الرَّجْمَ وَأَبَاحَ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا، وَأَبَاحَ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا الرُّجُوعَ إِلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ إِذَا نَكَحَهَا الثَّانِي، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَأَسْقَطَ الْجَلْدَ عَمَّنْ قَذَفَ مُحْصَنًا مِنَ الرِّجَالِ، وَإِذَا ثَبَتَ الشَّيْءُ بِالسُّنَّةِ وَجَبَ الْأَخْذُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عُذْرٌ فِي تَرْكِهِ، وَلَا التَّخَلُّفُ عَنْهُ».
❍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَر في التمْهِيد: «عَمِل بالمسحِ على الخفَّين أبو بكر وعُمرُ وعثمان وعليٌّ، وسائِرُ أهل بدر والحديبيَّة، وغيرُهم من المهاجرين والأنصار، وسائرُ الصَّحابة والتابعين أجمعين، وفقهاء المسلمين في جميعِ الأمصار، وجماعةُ أهل الفقه والأثر كلُّهم يُجيز المسحَ على الخفَّين في الحضَر والسَّفر للرِّجال والنِّساء».
❍ وقَالَ اِبْنُ بَطَّة فِي الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى (696): «وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ مِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي فُرُوعِ الْأَحْكَامِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أُصُولِهَا...وَكَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ..».
-> وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنِ مَنْدَهْ أَسْمَاءَ مَنْ رَوَاهُ فِي تَذْكِرَتِهِ فَبَلَغَ ثَمَانِينَ صَحَابِيًّا.
۲- [في المسح على الخفين |كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني| ج1 ص94].
۳- قال حرب الكرماني في مسائله (292): وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ في سَفَر، وقد صَلَّى في خُفَّيه ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، فَحَضَرَت الصَّلاة، فأَراد أن يَنزع الخُفّ، فَضَاق الخُفُّ في رِجله ولم يَخرج، كَيف يَصنَع؟ قال: «يَمسَح ويُصَلِّي». قلت: يُعيد الصَّلاة؟ فَكأنه قال: «لا». قال: «لأن أهل المدينة يَرَون المسح ثَمانية أيام». قال: «وأنا أَراه ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، ولكنِّي قُلت بِقَول أهل المدينَة في مَوضِع العُذر».
٤- من الْعُتْبِيَّة وغيرها، رَوَى ابن وهب، وابن القاسم، وابن عبد الحكم، وغيره، أن للمقيم والمسافر أن يمسح على خُفَّيْهِ، ليس لذلك حَدٌّ من الأيام.
- قال عنه ابن نافع، في المجموعة: حَدُّه للحاضر من الجمعة إلى الجمعة. قال عنه عليٌّ وابن القاسم: والرجال والنساء في ذلك سواء. [في المسح على الخفين |كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني| ج1 ص93].
-> أَخَرَجَ ابْنُ مَاجَه فِي سُننِهِ (558) عَنْ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ مِصْرَ فَقَالَ: مُنْذُ كَمْ لَمْ تَنْزِعْ خُفَّيْكَ؟ قَالَ: مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ. قَالَ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ.
- وأخرجه الدار قطني فِي سُننِه ِ(766) والبَيْهَقِي فِي سُننِهِ الْكُبْرَىُّ (1332).
٥- وكذلك في المختصر. قال غير واحد من البغداديين من أصحابنا: وما ذُكِرَ في الرسالة المنسوبة إلى مالكٍ، كَتَبَ بها إلى هارون الرشيد من التوقيت في المسح، بأن شيوخنا ذكروا أنها لم تَصِحَّ عن مالك، وفيها أحاديث لا تَصِحُّ عنده. وقال عبد الرحمن بن مهديٍّ: لا أصل لحديث التوقيت. [في المسح على الخفين |كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني| ج1 ص93].
• قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ في الجَرحِ والتَّعْديلِ: الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ [ما ذُكِرَ مِنْ عِلْمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ بناقِلَة الْآثَار وصَحِيحِ الأَخْبَارِ وَسَقِيمِهَا وَفِقْهِهِ وَمَعْرِفَتِهِ].
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ثُمَّ كَانَ بَعْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ يَذْهَبُ مَذْهَبَهُم -يعني مَذْهَبَ تَابِعِي أَهْلِ المَدينَةِ- وَيَقْتَدِي بطَريقَتِهِم؛
- قَالَ عَلِيٌّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: نَظَرْتُ فَإِذَا الإِسْنَادُ يَدُورُ عَلَى سِتَّةٍ، ثُمَّ صَارَ عِلْمُ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ إلَى اثْنَيْ عَشَر، ثُمَّ انْتَهَى عِلْمُ الِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى سِتَّةٍ: يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَوَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بنِ آدَمَ.
• قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : [بَابُ مَا ذُكِرَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ].
- قَال: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَوَكِيعٍ فَقَال: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَكْثَرُهُم حَدِيثًا.
- وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: عِنْدِي عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا.
• قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (ابن أَبِي حاتمٍ): فَقَدْ بَانَ كَثْرَةُ عِلْمِهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي الْمَسْحِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا.
٦- أخرجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي سُننِهِ برقم (96)، وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (الْبُخَارِيُّ): «أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ، مِثْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ قَالُوا: يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ».
- وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ لَمْ يُوَقِّتُوا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالتَّوْقِيتُ أَصَحُّ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ عَاصِمٍ ].
٧- قُلْتُ (الكَوْسَج): وَكَيْف يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ؟
- قَالَ أَحْمَدُ: أَعَلَا الْخُفَّيْنِ إِنْ شَاءَ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ وَإِنْ شَاءَ مِنْ السَّاقِ إلَى الْأَصَابِعِ وَلَا يَمْسَحُ أَسْفَلَ الْخُفَّيْنِ.
- قَالَ إِسْحَاقُ: يَمْسَحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ، كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ -رضي اللَّه عنهما- مَعَ مَا ذُكِرَ عَن النَّبِيِّ -صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- فِي ذَلِكَ، وَإِنْ مَسَحَ أَعْلَاهُ دُونَ أَسْفَلِهِ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ. [ رقم 20 |مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه لإسحاق الكوسج]
۸- قَالَ البَيْهَقِيُّ فِي سُننِهِ الْكُبْرَى (1381): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْوَلِيدِ الْفَقِيهُ، ثنا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ، ثنا عَمَّارُ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، "أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِ الخُفِّ وَبَاطِنِهِ".
- وقَالَ (1382): وَحَدَّثَنَا عَمَّارٌ، ثنا زَيْدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ.
۹- [في المسح على الخفين |كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني| ج1 ص94].
◉ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:
"الْجَوْرَبُ مَا كَانَ عَلَى شَكْلِ الْخُفِّ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• وَالْجَوْرَبُ: هو لِفافةُ الرَّجلِ. [العين للخَلِيلِ الفراهيدي].
- وقال: والجَوْرَب: لِفافةُ الرَّجلِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: كورب. وَالْجمع: جَوارِبَه، زادوا الهَاء لمَكَان العجمة. وَنَظِيره من الْعَرَبيَّة: القشاعمة. [المحكم والمحيط الأعظم].
- وقال: وَالْجَوْرَبُ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ: الجَوارِبَه، وَالْهَاء لِلْعُجْمَة، وَيُقَالُ الْجَوَارِبُ أَيْضًا. [الصحاح].
← قَالَ أَبُو دَاوُدَ في سننه (146): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ.
-> قَالَ أَبُو دَاوُدَ (159): «وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاس»ٍ.
← قال ابن المنذر فِي الْأَوْسَط: رُوِيَ إِبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَأَبِي مَسْعُودِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَبِلَالٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ».
- قَالَ (487): «وَحَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: "رَأَيْتُ سَهْلًا يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ"؛
- وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، كَذَلِكَ قَالَا: "إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ"؛
- وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَعْمَشُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزُفَرُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ؛
- قَالَ أَحْمَدُ:"قَدْ فَعَلَهُ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَقَالَ إِسْحَاقُ: مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ».
← أَخَرَجَ أَبُو بِكْرٍ ابن أبي شيبة فِي مُصَنَّفِهِ (1994)؛ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: نا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ».
-> قُلْتُ (الكَوْسَج): يمسح عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بغير نعلين؟
- قَالَ أَحْمَدُ: نعم.
- قَالَ إِسْحَاقُ: شديداً كَمَا قَالَ. [رقم 23 |مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه لإسحاق الكوسج].
❍ ما يُشتَرَطُ وما لا يُشتَرَطُ في المَسحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ والْجَوْرَبَيْنِ:
◉ أن يكونَ الماسِح على طهارةٍ مائيَّة: مِن شرْطِ المَسحِ على الخفِّ أن يكونَ الماسحُ على طهارةٍ مائيَّة، فلا يصحُّ المسحُ على طهارة التيمُّمِ.
-> فعَنْ الْمُغِيرَةِ رضى الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَال: دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ. فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا». (متفق عليه).
- قال ابن حبيب: قال مُطَرِّف، وابن المَاجِشُون، وابن عبد الحكم: لا يَمْسَحُ؛ لأن مُنْتَهَى طُهْرِ التَّيَمُّم فراغ تلك الصلاة. وكقول مالك في المرأة تعمل الحناء، فتَعْمَدُ إلى لباس الخُفِّ؛ لتَمْسَحَ: إن ذلك لا يُجْزِئها. وكذلك مَنْ لبسه لينام أو ليبول ليَمْسَحَ، فلا يُجْزِئه إن فعل.
- وقال سَحْنُون: لا يَمْسَح، وإن لبسهما قبل الصلاة.
◉ لُبس الخفَّين بعد كمالِ الطَّهارةِ: يُشتَرطُ لِجوازِ المسحِ على الخفَّين أن يكونَ لَبِسَهما بعد غَسلِ الرِّجلين كِلتَيهما.
-> فَقَال ﷺ: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ. فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا».
- وقال ابن المنذر في الإجماع (15): "وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ كُلُّ مَنْ أَكْمَلَ طَهَارَتَهُ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَأَحْدَثَ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا".
◉ يُشتَرطُ أن يكون الخُفُّ ساترًا لمحلِّ الفَرضِ: (لما يجب غسلُه) فلا يُمسح على ما دون الكعبين؛ لأنهما ليسا من القدم، أن يكون صفيقاً لا يبدو منه شيء من القدم، فيجب الاقتصارُ على محلِّ الرُّخصةِ.
◉ يُشتَرطُ في الخفِّ أن يثبُتَ بِنَفسِه: والذي يُمكنُ متابعةُ المشيِ عليه.
◉ المْسَحُ على الخفِّ المُخرَّق: يجوزُ المسحُ عليه إذا كان الخَرْقُ يسيرًا.
- قال ابن حبيب: والخُفُّ المُتَخَرِّقُ إن كان فاحِشًا لا يُعَدُّ به الخُفُّ خُفًّا، فلا يُمْسَح عليه، وإن لم يكن فاحِشًا مُسِحَ، وإن أَشْكَل عليك فَاخْلَعْ.
- قال في المختصر: ولا يُمْسَح على خُفٍّ مُتَخَرِّقٍ إلاَّ أن يكون يسيرًا.
- ومن الْعُتْبِيَّة، رَوَى أبو زيد، عن ابن القاسم، في مَنْ تَوَضَّأَ، ومَسَحَ على خُفَّيْهِ، ثم صَلَّى، ثم انْخَرَقَ خُفُّهُ خَرْقًا لا يُمْسَحُ على مِثْلِهِ، فلْيَنْزِعْه مكانه، وليَغْسِلْ رِجْلَيْهِ. (النوادر والزيادات لابن أبي زيد)
◉ يُشتَرَط أن يكون الخفُّ مباحًا: فلا يكون من الأشياء المحرمة (كالحرير للرجال، أو كالتشبه بالنساء والعكس، أومسروقا أو به صليب مع كفر صاحبه إن كان يعلم،..).
◉ أن يكون الخفُّ طاهرًا: أن يكون مصنوعا من شيء طاهر، لا يصحُّ المسحُ على الخفِّ النَّجسِ العَين.
- وقالوا في مسافر مسح على خُفَّيْهِ، فأصابت خُفَّهُ نجاسةٌ، ولا ماء معه: إنه يَنْزِعُهُ، ويتَيَمَّم.(النوادر والزيادات لابن أبي زيد)
◉ أن يكون المسحُ لطهارةٍ صُغرى: يجوز المسحُ على الخفَّين في الحدَث الأصغَرِ دون الحدَثِ الأكبَرِ.
← فعن صَفْوَانَ بن عَسَّالٍ -رضى الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ". (أخرجَهُ التِّرْمِذِيُّ)
◉ أن يكون المسحُ في أثناء المدة المحددة: لأن الرسول ﷺ حدد مدة معينة للمسح (يَوْمٌ ولَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ، وثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهِنَّ لِلْمُسَافِر)، فلا يَجُوزُ تجاوزها إلَّا أَنْ يُزَادَ في حالِ الأَعْذَار.
-> عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: "جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثةَ أيَّام ولياليَهنَّ للمسافِرِ، ويومًا وليلةً للمقيم". أخرجَهُ مُسْلِم.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين