تفسير الكرسي
تفسير الكرسي
❍ السؤال:
💬 جاء في تفسير ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله تعالىٰٰ﴿وسع كرسيه السماوات والأرض ۖ ﴾{البقرة: 255}. قال: علمه، أليس هذا قول الجهمية؟
💬 ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم «فإن الله لا يمل حتى تملوا»، وهل الملل صفة من صفات الله تعالىٰٰ؟
💬 ما حكم الاستماع إلى القرآن في السيارة مع أن مكبرات الصوت تكون في باب السيارة قريبة من القدم؟
❍ الجواب:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
ج/1- هَذا الَّذي جاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- لا يَصِحُّ بَلْ هُوَ مُنْكَرٌ مُخالِفٌ.
- فقَد جاءَ مِنْ طَريقِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قوله: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ ﴾؛ قَالَ: عِلْمُهُ.(۱)، ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ ﴾؛ قَالَ: ﴿كُرْسِيُّهُ﴾ عِلْمُهُ(۲)؛
-> قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: "وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِ جَعْفَرٌ وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ فِي سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ".(۳)
• جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ هَذا المُغِيرَة لَم يُتَابِعْهُ أحدٌ على هذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ثُمَّ هُو ضَعِيفٌ.
◉ يَعْنِي أَنَّ هَذا الأثَرَ المَرْوِيَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في تَفْسيرِ الكُرْسِيِّ ''بالعِلْمِ'' فيهِ عِلَّتَانِ:
- الأُولَى: أَنَّ جَعْفَرَ هذا ضَعِيفٌ ولَمْ يُتَابَعْ علَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
- الثَّانِيَة: أَنَّه لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
- وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ في "تَهْذِيبِ اللُّغَة": ''وَالَّذِي رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسيّ أنَّهُ العِلمُ، فَليسَ ممّا يُثبتُه أَهلُ المعرِفةِ بالأخبارِ''.
- وكَذَلِكَ رَدَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الدَّارِمِيُّ فِي نَقْضِهِ.(٤)
• والصَّحِيحُ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَ الْكُرْسِيَّ ''بِمَوْضِعِ قَدَمَيْهِ''.
-> قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ (1021): حَدَّثَنِي أَبِي، نا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ قَدَمَيْهِ، وَالْعَرْشُ لَا يَقْدُرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ».(٥)
• الأَوَّلُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وهذا عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ مُسْلِمٌ الْبَطِينِ مُتَّفَقٌ عَلى تَوْثِيقِهِ، جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ ذَكَرْنَا أَنَّهُ ضَعِيفٌ ولَيْسَ بِالقَوِيِّ بَعْدَ ضَعْفِهِ فِي سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِخِلَافِ مُسْلِمٍ البَطِينِ.(٦)
-> قَالَ الْأَزْهَرِيُّ في "تَهْذِيبِ اللُّغَة": ''وَهَذِه روايةٌ اتفقَ أَهْلُ العلمِ عَلَى صِحَّتِهَا''.(٧)
• ومِمَّن صَحَّحَ هذِهِ الرِّوَايَةَ إمَامُ العِلَلِ "أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ" كمَا في كِتابِ ''التَّوْحِيدِ'' لِابْنِ مَنْدَهْ.(۸)
- وقَدْ رَدَّ تَفْسِيرَ الْكُرْسِيِّ ''بِالْعِلْمِ'' الدَّارِمِيُّ فِي "نَقْضِهِ" بِكَلَامٍ طَوِيلٍ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ فَاليُرَاجَع فَإِنَّهُ نَفِيسٌ مَتِينٌ؛ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ وَضَلَالٌ وَهُوَ قَوْلُ الْمِرِيسِيِّ.
• وهُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ عُمُومًا، وتَأوِيلُ ''الكُرْسِيِّ'' بِهَذِهِ الصِّفَةِ هُوَ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلَاتِ الْجَهْمِيَّة أَعْدَاءُ اللَّهِ، وهُوَ مِنْ أُصُولِهِم.(۹)
- فَقَدْ ذَكَرَ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ في كِتابِ السُّنَّةِ الَّتِي نَقَلَ عَلَيْهَا إِجْمَاعَ أَهْلِ الْحَدِيثِ في عَصْرِهِ: "وَالْجَهْمِيَّةُ أَعْدَاءُ اللَّهِ: وَهُمْ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكلَّمْ مُوسَى، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يُرَى، وَلَا يُعْرَفُ لِلَّه مَكَانٌ، وَلَيْسَ لِلَّهِ عَرْشٌ، وَلَا كُرْسِيٌّ، وَكَلَامٌ كَثِيرٌ أُكْرَهُ حِكَايَتَهُ، وَهُمْ كُفَّارٌ زَنَادِقَةٌ أَعْدَاءُ اللَّهِ فَاحْذَرُوهُمْ".
• ومِنْ أَقْوَالِهِم نَفْيُ ''الْكُرْسِيِّ'' أَوْ تَأْوِيلُهُ -عِيَاذًا بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
”هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ غَيْرُ صَحِيحَةٍ بَلْ هِيَ مُنْكَرَةٌ مُخَالِفَةٌ لِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ ثَابِتَةٍ يُثْبِتُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالأَخْبَارِ وَالْآثَارِ“
- واَللَّهُ أَعْلَمُ.
ج/2- أَمَّا الْمَلَلُ فَصِفَةٌ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَل-ّنُثْبِتْهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ كَمَالًا، فِيمَا لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى؛ وَهِيَ صِفَاتُ كَمَالٍ وَنُعُوتُ جَلَالٍ يُوصَفُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى بأَحْسَنِهَا وَأَكْمَلِهَا.(۱۰)
- أمَّا المَعْنَى الَّذي جاءَ في هَذا الحَدِيثِ «فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»، فقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وهو مِنْ كِبارِ أصْحابِ الإمامِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ومِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ المُقَدَّمِينَ فِيها ومِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، في كِتَابِهِ "الغَرِيب" قَالَ -رَحِمَهُ اللَّه-: «قَوْلُهُ ﷺ: «لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»؛ أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ، عَنِ الْفَرَّاءِ (وهو مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ) يُقَالُ: مَلِلْتُ أَمَلُّ: ضَجِرْتُ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: مَلَّ يَمَلُّ مِلَالَةً، وَأَمْلَلْتُهُ إِمْلَالًا، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى: لَا يَمَلُّ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِكُمْ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ».(۱۱)
”لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ «عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»(۱۲)، بمَعْنَى: لَا يَمَلُّ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِكُمْ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَى وَأَعْلَم لَا يَتْرُكُ ثَوَابَ أَعْمَالِكُم وَلَا يَقْطَعُ عَنْكُم ثَوَابَ ذَلِكَ حَتَّى تَتْرُكُوا الْعَمَلَ“
- واَللَّهُ أَعْلَمُ.
ج/3- لا بَأْسَ بالِاسْتِمَاعِ إلَى القُرْآنِ وحالُ السَّيَّارَةِ وحالُ مُكَبِّرَاتِها علَى هذَا النَّحْوِ.
• لأنّ صِنَاعَةَ السَّيَّارَة جَاءَت بِتِلْكَ الصِّفَة وبِتِلْكَ الطَّرِيقَة، فَلَا يَضُرُّ العَبْدَ ذلكَ -إنَّ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وجَل-، لِأَنَّ الغَرَضَ هُوَ الِاسْتِمَاعُ لِكَلَام الرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا-، هَذَا هُوَ الْغَرَضُ وَالْمَقْصُودُ.
- والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وتَعَالَىٰ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
۱- قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِم فِي تَفْسِيرِهِ (2599): حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قوله: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ ﴾؛ قَالَ: عِلْمُهُ.
۲- قَالَ الطَّبَرِيُّ الجَهْمِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (5787): حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالاَ حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:"وَسِعَ كُرْسِيُّهُ" قَالَ: كُرْسِيُّهُ عِلْمُهُ.
-> قَالَ الطَّبَرِيُّ الجَهْمِيُّ: أَنَّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيل الْآيَةِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
• ثَمَّ رَجَّحَ تَفْسِيرَهُ "بِالْعِلْم"!
- فقَالَ: «وَأَمَّا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "هُوَ عِلْمُهُ"».
- ثُمَّ قَالَ: «وَأَصْلُ الْكُرْسِيِّ "الْعِلْمُ"». [1/ 17]
• وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّة، فَقَد أَوَّلُوا الْكُرْسِيَّ بِمَعْنَى "الْعِلْم"ِكَمَا أَوَّلُوا الْعَرْشَّ بِمَعْنَى "الْمُلْك"، وَكُلُّ ذَلِكَ فِرَاراً مِنْهُمْ عَنْ إثْبَاتِ عُلُوّ اللَّه وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ -جَلَّ فِي عُلَاهُ-.
- قَالَ الدَّارِمِيُّ عَنْ المَرِيسِيِّ: «ثُمَّ أَجْمَلَ المُعَارِضُ مَا يُنْكِرُ الجَهْمِيَّةُ مِنْ صِفَاتِ الله وَذَواتِهِ المُسَمَّاةِ فِي كِتَابِهِ وَفِي آثَارِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-،..».(كتاب النقض/ص71)
- قَال الْمَلْعُون بِشْرٌ المَرِيسِيِّ: فَمَعْنَى "الكُرْسِيِّ": العِلْمُ، فَمَنْ ذَهَبَ فيه إِلَى غَيْرِ العِلْمِ أَكْذَبَهُ كِتَابُ الله تَعَالَى.
- قَالَ الدَّارِمِيُّ: «وَيْلَكَ! وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ المُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ إِلَّا وَقَدْ عَقِلَ أَمْرَ العَرْشِ وَالكُرْسِيِّ، وَآمَنَ بِهِمَا إِلَّا أَنْتَ وَرَهَطُكَ؟ وَلَيْسَ العَرْشُ وَالكُرْسِيُّ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُسْنَدَ فِي تَثْبِيتِهِمَا الآثَارُ وَيُؤَلَّفُ فِيهِمَا الأَخْبَارُ، لَوْلَا أُغْلُوطَاتُكَ هَذِه؛ لما أَن عِلْمَهُمَا وَالإِيمَانَ بِهِمَا خَلُصَ إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، إِلَّا إِلَيْكَ وَإِلَى أَصْحَابِكَ، طَهَّرَ الله مِنْكُمْ بِلَادَهُ، وَأَرَاحَ مِنْكُمْ عِبَادَهُ!».[كتاب النقض على المريسي لأبي سعيد الدارمي | بَابُ مَا جَاءَ فِي العَرْشِ].
-> قَالَ أَبُو عَاصِم: وَأَنْكَرَ جَهْمٌ (جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ) أَن يَكُونَ لِلَّهِ كرْسِيٌّ، وَقد قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ } وَعَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ }؛ قَال:َ''الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ وَلَا يقدر أحد قدره''؛ غير أَن أَبَا عَاصِم يعْنى النَّبِيل قَالَ: ''الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ وَلَا يقدر قدر عَرْشه''، وَعَن مُجَاهِد قَوْله {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ }؛ قَالَ: ''مَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا مثل حَلقَة بِأَرْض فلاة''. [التنبيه والرد للمَلَطي (ص104)].
-> قَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن زمنين: ''وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ: أَنَّ اَلْكُرْسِيَّ بَيْنَ يَدَيْ اَلْعَرْشِ وَأَنَّهُ مَوْضِعُ اَلْقَدَمَيْنِ''.[أصول السنة ص96| باب فِي الْإِيمَانِ بِالْكُرْسِيِّ].
← قَالَ الدارقطني في "الصفات" (57): حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ، وَذَكَرَ الْبَابَ الَّذِي يروى في الرُّؤْيَةَ وَالْكُرْسِيَّ وَمَوْضِعَ الْقَدَمَيْنِ، وَضَحِكِ رَبِّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ، وَأَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ وَأَنَّ جَهَنَّمَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ فِيهَا فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وَأَشْبَاهَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
فَقَالَ: «هَذِهِ الْأَحَادِيثُ صِحَاحٌ حَمَلَهَا أَصْحَابُ الْحَدِيثِ والفقهاء بعضهم على بَعْضٍ، وهِيَ عِنْدَنَا حَقٌّ لَا نَشُكُّ فِيهَا، وَلَكِنْ إِذَا قِيلَ: كَيْفَ وَضَعَ قَدَمَهُ؟ وَكَيْفَ ضَحِكَ؟ قُلْنَا: لَا يُفَسَّر هَذَا وَلَا سَمِعْنَا أَحَدًا يُفَسِّرُهُ».
• هَذِهِ الصِّفَاتُ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ بِحَسَب الْجِبِلَّة وَالْفِطْرَة وَلِسَانَ الْعَرَبِ الْمَعْرُوفِ.
- وقَالَ (60): حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ السَّمْحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: وحدَّثنا بِحَدِيثٍ فِي الرُّؤْيَةِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: ''مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يُنْكِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فَاحْسِبُوهُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ''.
- وقَالَ (65): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ قَادِمٍ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: قَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: قَدِمَ عَلَيْنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقُلْنَا: إِنَّ عِنْدَنَا قَوْمًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ يُنْكِرُونَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ، فحدَّثني شَرِيكٌ بِنَحْوٍ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ فِي هَذَا؛ وَقَالَ: ''أَمَّا نَحْنُ فَأَخَذْنَا دِينَنَا عَنْ أَبْنَاءِ التَّابِعِينَ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فَهُم عَمَّن أَخَذُوا''.
• أَنَّ تَفْسِيرَ الْكُرْسِيِّ "بِمَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ"، هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولِآثَار ِالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.ْ
❍ أَخَرَجَ اِبْنُ بَطَّة فِي الْإِبَانَةِ (3/ 181): عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَيْكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيُّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلْقَةِ».
• رواه ابن أبي شيبة في العرش (ص77)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 570،649)، وابن حبان في صحيحه (1/ 287)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 166)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص510).
❍ أَخَرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (9/ 202): عَنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: «مَا بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالْكُرْسِيِّ مَسِيرَةَ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، وَمَا بَيْنَ الْكُرْسِيِّ، وَالْمَاءِ مَسِيرَةَ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ».
• رواه الدارمي في الرد على الجهمية (ص55)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 565، 689)، وابن بطة في الإبانة (3/ 171)، واللالكائي (3/ 395)، وابن عبد البر في التمهيد (7/ 139)، البيهقي في الأسماء والصفات (ص507).
❍ أَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فِي السَّنَةِ (1/ 302): عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَلَهُ أَطِيطٌ كَأَطِيطِ الرَّحْلِ».
• رواه ابن أبي شيبة في العرش (ص78)، وأبي الشيخ في العظمة (2/ 627)، وابن منده في الرد على الجهمية (ص46).
← قَالَ الآجُرِّيُّ فِي "الشَّرِيعَةِ"(581): «فَمَنْ رَغِبَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ، وَخَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَرَضِيَ بِقَوْلِ جَهْمٍ وَبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَبِأَشْبَاهِهِمَا، فَهُوَ كَافِرٌ».
← قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي "الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ"(ص113): «قَدْ صَحَّتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكِتَابُ اللَّهِ النَّاطِقِ بِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الْكِتَابُ وَقَوْلُ الرَّسُولِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ لَمْ يَبْقَ لِمُتَأَوِّلٍ عِنْدَهَا تَأَوُّلٌ، إِلَّا لِمُكَابِرٍ أَوْ جَاحِدٍ».
← قَالَ الآجُرِّيُّ فِي "الشَّرِيعَةِ"(726): قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ: «وَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَسْتَأْذِنَانِهِ أَنْ يُحَدِّثَا بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَرُدُّهَا الْجَهْمِيَّةُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ''حَدِّثُوا بِهَا، قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُول''، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ''تُسَلَّمُ الْأَخْبَارُ كَمَا جَاءَتْ''».
۳- [الرد على الجهمية لابن منده (ص21)].
٤- قَالَ الدَّارِمِيُّ: فَيُقَالُ لِهَذَا المَرِيسِيِّ: أَمَّا مَا رَوَيْتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرٍ الأَحْمَرِ، وَلَيْسَ جَعْفَرٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ، إِذْ قَدْ خَالَفَتْهُ الرُّوَاةُ الثِّقَاتُ المُتْقِنُونَ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ البَطِينُ، عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الكُرْسِيِّ خِلَافَ مَا ادَّعَيْتَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.[كتاب النقض على المريسي].
٥- فَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ البَطِينُ، عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أنه قَالَ: «الكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القَدَمَيْنِ، والعَرْشُ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إِلَّا الله».
• رواه عبد الرزاق في تفسيره (3/ 251)، والدارمي في الرد على المريسي (1/ 412)، وابن أبي حاتم في التفسير (2/ 491)، وعبد الله في السنة (2/ 586)، وابن أبي شيبة في العرش (ص79)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 582)، وابن منده في الرد على الجهمية (ص44)، وابن بطة في الإبانة (3/ 337)، والدارقطني في الصفات (ص111) ، والحاكم (2/ 310)؛ وقال: ''حديث صحيح على شرط الشيخين''، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 251)،..وغيرهم.
٦- قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (840): (م) مُسْلِمٌ الْبَطِينِ وَهُوَ مُسْلِمٌ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَيُقَالُ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [أبو عَبْد الله] كُوفِي رَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي العُبَيْدَيْنِ وَأَبِي صَالِحٍ رَوَى عَنْهُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَمَنْصُور وَعَمَّار الدُّهْنِيّ وَالْأَعْمَش وَابْنُ عَوْنٍ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ شُعْبَة، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِك.
- قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ [الطَالْقانِيُّ البَكْرِيُّ]، قَال: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيّ، قَال: قُلْت لِأَحْمَدَ [بن حنبل] مُسْلِمٌ الْبَطِينِ؟ قَال: ابْنُ عَوْنٍ يَرْوِي عَنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
- قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ أَبِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: مُسْلِمٌ الْبَطِينِ ثِقَةٌ.
- قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِى عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، فَقَال: ثِقَةٌ.
-> قَالَ ابْنُ حِبَّانَ في "الثِّقَات": مُسلم بْن أبي عمرَان البطين وَقد قيل مُسلم بْن عمرَان كنيته أَبُو عبد الله من أهل الْكُوفَة يَرْوِي عَن سَعِيد بْن جُبَير وأبى العبيدين روى عَنهُ بن عون وَسَلَمَة بْن كهيل وَالْأَعْمَش.
-> قال ابْنُ مَنْجَوَيْه في "رجال صحيح مسلم": مُسلم بن عمرَان وَيُقَال ابْن ابي عمرَان وَيُقَال ابْن عبد الله البطين الْكُوفِي كنيته أَبُو عبد الله.
- روى عَن سعيد بن جُبَير فِي الصَّلَاة وَالصَّوْم والزهد وَالتَّفْسِير، وَمُجاهد فِي الصَّوْم وَعَطَاء بن أبي رَبَاح فِي الصَّوْم.
- روى عَنهُ مخول بن رَاشد وَالْأَعْمَش وَإِسْمَاعِيل بن سميع وَسَلَمَة بن كهيل.
٧- قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: «والصحيحُ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسِيّ مَا رواهُ الثَّوْريُّ وغيرهُ عَن عمارٍ الدُّهْنِي عَن مُسْلمٍ البَطِينِ عَن سعيد بن جُبَيْرٍ عَن ابْن عباسٍ أَنه قَالَ: الكُرْسِيُّ: موضعُ القدمينِ، وأَما العَرْشُ فإنَّهُ لَا يُقدرُ قدرهُ، وَهَذِه روايةٌ اتفقَ أَهْلُ العلمِ على صِحتها، وَالَّذِي رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي الكُرْسيّ أنَّهُ العِلمُ، فَليسَ ممّا يُثبتُه أَهلُ المعرِفةِ بالأخبارِ». [كتاب تهذيب اللغة| ج10 ص 33].
۸- فَقَد صَحَّحَهَا أَبُو زُرْعَةَ، فَقَالَ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي "التوحيد" (3/ 309) قَالَ: «وَسُئِلَ أَبُو زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ"، فَقَال: صَحِيحٌ».
۹- أَجْمَع سَلَفُ الْأُمَّةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ على إثْبَاتِ الصِّفَاتِ الْوَارِدَة لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا الْمَجَاز.
-> قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: "أَهْلُ السُّنَّةِ مُجْمِعُونَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ كُلِّهَا فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِيمَانِ بِهَا وَحَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يُكَيِّفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَحُدُّونَ فِيهِ صِفَةً مَحْصُورَةً، وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ كُلُّهَا وَالْخَوَارِجُ فَكُلُّهُمْ يُنْكِرُهَا وَلَا يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَا مُشَبِّهٌ، وَهُمْ عِنْدَ مَنْ أَثْبَتَهَا نَافُونَ لِلْمَعْبُودِ، وَالْحَقُّ فِيمَا قَالَهُ الْقَائِلُونَ بِمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَهُمْ أَئِمَّةُ الْجَمَاعَةِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ". [التمهيد (7/ 145)].
-> وقال أبو جعفر النحاس في "إعراب القرآن" (251/01): «''وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً'' مصدر مؤكّد، وأجمع النحويون على أنك إذا أكّدت الفعل بالمصدر لم يكن مجازا، وأنه لا يجوز في قول الشاعر: [الرجز] امتلأ الحوض وقال قطني 🍃 مهلا رويدا قد ملأت بطني.
-أن يقول: قال قولا فكذا لمّا قال: ''تَكْلِيماً'' وجب أن يكون كلاما على الحقيقة من الكلام الذي يعقل».
۱۰- وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَعْرِفُونَ رَبَّهُم بِصِفَاتِه الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَيَصِفُونَ رَبَّهُم بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وَلَا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِه، وَيُثْبِتُون لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ، وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَلَا تَحْرِيفٍ، وَلَا يَحُدُّونَ كَيْفِيَّة صِفَاتِ اللَّهِ -جَلَّ وَعَلَا-، لِأَنَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُخْبِرْ عَنْ الْكَيْفِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِه، فَيُثْبِتُون لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ إثباتاً بِلَا تَمْثِيلٍ وتَنْزيهاً بِلَا تَعْطِيلٍ؛ وأَصْلُهُم فِي كُلِّ ذَلِكَ:
- قال الله تعالىٰ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾{الشورى:11}.
- قال الله تعالىٰ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾{الإخلاص: 4}.
- قال الله تعالىٰ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون﴾{النحل: 74}.
- قال الله تعالىٰ ﴿وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾{الأعراف: 180}.
-> أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ قَالَ: التَّكْذِيبُ؛ وقَالَ أيضا: الإِلْحَادُ، الْمُلْحِدِينَ أَنْ دَعَوُا اللاتَ وَالْعُزَّى فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وقَالَ: اشتقوا الْعُزَّى من "الْعَزِيز" واشتقوا اللات من "الله".
- وعَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ ''يُلْحِدُونَ'' قَالَ: يُشْرِكُونَ.
- وعَنْ الأَعْمَش قَالَ: يُدْخِلُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا.
- قال الله تعالىٰ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ﴾{البقرة: 140}.
- قَالَ الزُّهْرِيُّ: ''مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ'' (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في كِتَابِ التَّوْحِيدِ تعليقاً).
- قَالَ الإمام الشافعي -رحمه الله-: "آمَنْتُ بِاَللَّهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ، وَأَمِنَتُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ".
-> قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ، وَمَا يَعْتَقِدَانِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: "أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ حِجَازًا وَعِرَاقًا وَشَامًا وَيَمَنًا فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمُ: «أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا كَيْفٍ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير﴾{الشورى: 11}».
-> أَخَرَجَ اللَّالَكَائِيُّ في شَرْحِ أُصُولِ الِاعْتِقَاد (736): عن سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: «كُلُّ شَيْءٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي الْقُرْآنِ فَقِرَاءَتُهُ تَفْسِيرُهُ، لَا كَيْفَ وَلَا مِثْلَ».
- (937) وعَنْ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، كان يَقُولُ: «مَنْ وَصَفَ اللَّهَ فَشَبَّهَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، لِأَنَّهُ وَصَفَ بِصِفَاتِهِ أَنَّمَا هُوَ اسْتِسْلَامٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَلِمَا سَنَّ الرَّسُولُ».
- (936): وعَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ: «مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ، فَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ».
- (664): وعَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ''جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ مَالِكًا وَجَدَ مِنْ شَيْءٍ كَمَوْجِدَتِهِ مِنْ مَقَالَتِهِ، وَعَلَاهُ الرُّحَضَاءُ، يَعْنِي الْعَرَقَ قَالَ: وَأَطْرَقَ الْقَوْمُ، وَجَعَلُوا يَنْتَظِرُونَ مَا يَأْتِي مِنْهُ فِيهِ، قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْ مَالِكٍ، فَقَالَ: «الْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُوَلٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ ضَالًّا»، وَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ.
->أَخَرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي صِفَات(901): عَنْ أَبي دَاوُدَ (الطَّيَالِسِيّ)، قَالَ: ''كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَشَرِيكٌ وَأَبُو عَوَانَةَ لَا يُحِدُّونَ وَلَا يُشَبِّهُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ، يَرْوُونَ الْحَدِيثَ لَا يَقُولُونَ كَيْفَ، وَإِذَا سُئِلُوا أَجَابُوا بِالْأَثَرِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ قَوْلُنَا''.
- (865) وعن الْأَوْزَاعِيِّ، كان يَقُولُ: ''كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ جَلَّ وَعَلَا''.
-> أَخْرَج الْهَرَوِيُّ فِي ذَمِّ الْكَلَامُ (858) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ كان يَقُولُ: ''إِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَمَا الْبِدَعُ قَالَ أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ''.
-> أَخَرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ (62): عَنْ وَكِيعٍ كان يَقُولُ: ''نُسَلِّمُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ، وَلَا نَقُولُ كَيْفَ هَذَا؟، وَلِمَ جَاءَ هَذَا؟''
- (63) وقَالَ سُفْيَانُ: ''هِيَ كَمَا جَاءَتْ نُقِرُّ بِهَا، وَنُحَدِّثُ بِهَا بلَا كَيْفٍ''.
- أَخَرَجَ اللَّالَكَائِيُّ في شَرْحِ أُصُولِ الِاعْتِقَاد (318): عن ابْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: "وَنَحْوُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِمَّا صَحَّ وَحُفِظَ، فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَفْسِيرُهُ فَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ وَلَا يُجَادَلُ فِيهِ وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ لَنَا مِنْهُ وَلَا نُفَسِّرُ الْأَحَادِيثَ إِلَّا عَلَى مَا جَاءَتْ، وَلَا نَرُدُّهَا".
-> قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي سُننِهِ (662) شَرِحًا: وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي هَذَا الحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الرِّوَايَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ: وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا،
قَالُوا: «قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ هَكَذَا»؛ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ: «أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ»"،
وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَأَمَّا الجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا: هَذَا تَشْبِيهٌ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابهِ اليَدَ وَالسَّمْعَ وَالبَصَرَ، فَتَأَوَّلَتِ الجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ العِلْمِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ، وَقَالُوا: إِنَّ مَعْنَى اليَدِ هَاهُنَا القُوَّةُ"،
وقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: «إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ إِذَا قَالَ: يَدٌ كَيَدٍ، أَوْ مِثْلُ يَدٍ، أَوْ سَمْعٌ كَسَمْعٍ، أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ، فَإِذَا قَالَ: سَمْعٌ كَسَمْعٍ، أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ، فَهَذَا التَّشْبِيهُ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَدٌ، وَسَمْعٌ، وَبَصَرٌ، وَلَا يَقُولُ كَيْفَ، وَلَا يَقُولُ مِثْلُ سَمْعٍ، وَلَا كَسَمْعٍ، فَهَذَا لَا يَكُونُ تَشْبِيهًا، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير﴾{الشورى: 11}».
-> قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: "الْكَلَام فِي صِفَات اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَا جَاءَ مِنْهَا فِي كتاب اللَّه، أَو رُوِيَ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة عَن رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ-، فمذهب السّلف -رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ- إِثباتها وإِجراؤها عَلَى ظَاهرهَا، وَنفي الْكَيْفِيَّة عَنْهَا".
۱۱- [كتاب غريب الحديث لإبراهيم الحربي (1/338)].
۱۲- أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (1970) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: "خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين