قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
❍ المسألة:
💬 ما حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وهل الحديث الوارد فيها صحيح لأني سمعت أنه ضعيف؟
❍ جوابها:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
ج/- أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِي فَضْلِ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ "يَوْمَ الْجُمُعَة" بِتَخْصِيصِهَا هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِح؛ُّ الزِّيَادَة هَذِهِ فِي قِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ "يَوْمَ الْجُمُعَةِ" غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
- فَقَدْ رَوَاهَا: هُشَيْمٌ ابْنُ بَشِيرِ، حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ -لاحِقُ بْنُ حُمَيْدِ-، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ الضُّبَعِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ». [أخرجه الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (5996) والحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" (3392)].
- وَفِي لَفْظٍ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ». (أخرجه أَبُو عُبَيْدٍ فِي "فَضَائِلِ الْقُرْآن"ِ ص: 244).
• هَذه الرِّوايَة قُلنا مِن رِوايَةِ "هُشَيْمٍ ابْنِ بَشِيرِ"، وفيها زِيادَةُ قَولِهِ ''يومَ الجُمُعةِ'' رَواهَا شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ -رَحِمَة اللَّه عَلَيْهِمَا-؛ وهُما مَنْ هُما في الحِفْظِ والإِتْقَان والإِمَامَةِ في هَذا الشَّأنِ، رَوايَا هَذا الحَديث كِلاهُما عَنْ "أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ"، بمعنى أنَّهُمَا رَوايَا هَذا الحَدِيث عَنْ نَفْسِ الشَّيْخِ الَّذي رَوَى عنهُ "هُشَيْمٌ ابْنُ بَشِير" وهو أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ -لاحِقُ بْنُ حُمَيْدِ-، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ الضُّبَعِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- (دُونَ زِيَادَةِ ''يومَ الجُمُعةِ'').
← أَخَرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" (6023)؛ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، خُتِمَ عَلَيْهَا بِخَاتَمٍ فَوُضِعَتْ تَحْتَ الْعَرْشِ فَلَا تُكْسَرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ أَدْرَكَ الدَّجَّالَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَمَنْ قَرَأَ خَاتِمَةَ سُورَةِ الْكَهْفِ أَضَاءَ نُورُهُ مِنْ حَيْثُ قَرَأَهَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ».
- هَكَذَا رِوَايَةُ "شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ":
← أَخَرَجَ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ الْكُبْرَى" (10722)؛ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ كَانَتْ لَهُ نُورًا مِنْ مَقَامِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَمَنْ قَرَأَ بِعَشْرِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا فَخَرَجَ الدَّجَّالُ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ».
* هَكَذَا رِوَايَةُ "شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ" وَ"سُفْيَانَ الثَّوْرِي"ّوَهُمَا أَحْفَظُ، وَأَحَدُهُمَا أَحْفَظُ مِنْهُ شَيْئًا، فَكَيْفَ وَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ؟
- ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ -رحِمهُ الله- كَمَا فِي "العِلَلِ" لوَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ نَصَّ أَنَّ "هُشَيْمًا" لَمْ يَسْمَعْ مِنْ "أَبِي هَاشِمٍ":
← قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي "العِلَلِ" (2153): «سَمِعت أَبِي يَقُول حَدَّثَنَا هُشَيْم عَن أبي هَاشم عَن أبي مِجْلَزٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَن أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ "إِذَا تَوَضَّأَ الرَّجُلُ فَقَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ"؛ قَالَ أَبِي: ''لَمْ يَسْمَعْهُ هُشَيْمٌ مِنْ أَبِي هَاشِمٍ''».
- إلَّا أَنَّهُ جاءَ في بَعْضِ الرِّوايَاتِ تَصْرِيحُ "هُشَيْمٍ" بِالتَّحْدِيدِ يَقولُ: ''أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ..'':
-> قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "فَضَائِلِ الْقُرْآن"ِ(ص: 244): حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،..
• عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا فِيهِ بَحْثٌ طَوِيلٌ لَا أَوَدُّ الْوُلُوجَ فِيهِ وَلَا دُخُولَهُ.
- الَّذِي يَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَى وَأَعْلَم أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يَصِحُّ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ إنَّمَا يَصِحُّ دُونَهَا: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ»؛ دُونَ زِيَادَةِ ''يومَ الجُمُعةِ''.
”إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْكَهْفِ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ إلَّا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَصِحُّ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ عَلَى المَذْهَبِ المَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ فِي هَذَا البَابِ“
- وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ الْعَبْدُ سُورَةَ الْكَهْفِ "يَوْمَ الْجُمُعَة":
← قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "الأُمِّ" (ج01/ص239): «وَبَلَغَنَا أَنَّ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ وُقِيَ فِتْنَةُ الدَّجَّالِ، وَأُحِبُّ كَثْرَةَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُلِّ حَالٍ، وَأَنَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَتِهَا أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا، وَأُحِبُّ قِرَاءَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَهَا لِمَا جَاءَ فِيهَا».
• فَالحَدِيثُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ وَيُعْمَلُ بِهِ، وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
ــــــــــــــــــــــــــ
وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين