مسائل متعلقة بالمرأة
مسائل متعلقة بالمرأة(03)
❍ المسألة:
💬1/- هناك طائفة من المسلمين ترى معاملة المشركين في هذا الزمان حتى الوالدين منهم تكون مقتصرة على الشدة، ما حكم ذلك، وما حدود الموالاة المكفرة؟
💬2/- هل يجوز مواساة الأقارب (من أهل الشرك)في وفاة واستغلال ذلك في الدعوة إلى الله؟
💬3/- ما حكم مخاطبة الأشقاء الصغار بـ (افعل كذا لأتجنب وصفك بالذكور، وافعل كذا حتى لا أصير نسوية ''مسترجلة'')؛ هي كلمات على سبيل المزاح؟
💬4/- ما حكم هجر الأقارب العصاة لكي يقلعوا عن الذنوب؟
💬5/- هل تجوز ذبيحة المشرك، وما حكم أكلها إذا سمي عليها، أرجو شرحا مفصلا لهذه المسألة؟
💬6/- هل يجوز لمن نذر نذرا أن يأكل منه؟
💬7/- هل الحلف بغير الله من الشرك الأكبر أم من الشرك الأصغر؟
💬8/- هل يجوز للمرأة المسلمة كشف شعرها أمام المشركة؟
💬9/- ما حكم الزيت المستخرج من الأفاعي؟
💬10/- حكم صبغ الشيب بالسواد للرجل والمرأة؟
💬11/- ما حكم لبس العدسات للمرأة وكذلك الرموش الصناعية؟
💬12/- ما حكم استعمال العطور الكحولية؟
💬13/- هل يجب على المرأة لبس الحلي في الصلاة؟
💬14/- هل للحائض أن تمس المصحف للقراءة اليومية والحفظ؟
💬15/- ماذا يفعل بالمصحف الممزق؟
💬16/- من قال كلاما فاحشا، هل يجب عليه الوضوء؟
❍ جوابها:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
💬 مُعَامَلَةُ الْوَالِدَيْنِ المُشرِكَيْنِ:
ج01/- هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ؛ مُعَامَلَةُ الْمُشْرِكِينَ وَالْوَالِدَيْنِ عَلَى جِهَةِ الْخُصُوصِ بِالشِّدَّة، هَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ لِأَنَّ الشِّدَّةَ لَهَا مَوَاضِعٌ وَلَهَا أَحْوَالٌ.
• وَالْمُسْلِمُ حَالَ الاسْتِضْعافِ لَابُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الرِّفْقِ وَاللِّينِ وَالتَّلَطُّفِ؛ ذَلِكَ أَنَّ حَالَ الاسْتِضْعافِ يَخْتَلِفُ عَنْ حَالِ التَّمْكِينِ وَالْقُوَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ.
- أَمَّا الْوَالِدَانِ فَقَدْ جَاءَ الشَّرْعُ بِلُزُومِ مُصَاحَبَتِهِمَا بِالْمَعْرُوفِ(۱):
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾[لقمان: 14].
- قَالَ تَعَالَىٰ﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ﴾؛ وَلَمْ يَقُلْ ''مَسْلِمَةً''، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، فَوَصَّى رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ وَذَكَّرَهُ بِهَذَا الْأَمْرِ.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ ﴾[لقمان: 15].
- قَالَ تَعَالَىٰ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي﴾؛ بِمَعْنَى أَنَّهُمَا عَلَى الشِّرْكِ، وَمُصاحَبَتُهُما بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا، هَذَا مَأْمُورٌ بِهِ الْمُسْلِمُ شَرْعًا.
- وَلَا يُظَنُّ أَنَّ مُعَامَلَةَ الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ بِالْحُسْنَى مِن ''الْمُوَالَاة ''، بَلْ هَذَا مِنَ الْإِحْسَانِ وَالْبِرِّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَمُعَامَلَةُ الْوَالِدَيْن بِالْحُسْنَى وَبِالْخَيْرِ وَالْبِرّ، مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا فِي هِدَايَتِهِما إلَى الْحَقِّ وَإِلَى الاسْتِمَاعِ إِلَى الْحَقِّ.
• هَذَا سَبِيلٌ وَبَابٌ مِنْ أَوْسَعِ الْأَبْوَابِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ سَبَبًا فِي هِدَايَتِهِما بِخِلَافِ مُعَامَلَتِهِمَا بِالشِّدَّة، فَهَذِه الْمُعَامَلَةُ بِهَذِهِ الشِّدَّة مِمَّا يُنَفِّرُهُما.
”وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى وَالِدَيْهِ أَشَدَّ الْحِرْصِ وأَنْ يَصْبِرَ مَعَهُمَا، وأَنْ يَنْصَحَ لَهُمَا بِكُلِّ سَبِيلٍ، وأَنْ يَطْرُقَ مَعَهُمَا كُلَّ بَابٍ، وَأَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمَا فِي كُلِّ طَرِيقٍ يُؤَدِّي إلَى قَبُولِ النُّصْحِ وَإِلَى قَبُولِ دِينِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى“
- أَمَّا الْمُوَالَاةُ الْمُكَفِّرَةُ فَهِيَ مَا كَانَ عَلَى الدِّينِ الكُفرِيِّ، بِمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ يَتَوَلَّى الْكَافِرِين عَلَى دِينِهِمُ الكُفرِيِّ هَذِه الْمُوَالَاةُ الْمُكَفِّرَةُ وَهَذَا ضَابِطُهَا.(۲)
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الحِلْيَةِ" (ج04/ص87)؛ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: "ثَلَاثٌ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ فِيهِنَّ سَوَاءٌ: الْأَمَانَةُ تُؤَدِّيهَا إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ عَلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَبِرُّ الِوَالِدَيْنِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [لقمان: 15] الْآيَةُ، وَالْعَهْدُ تَفِي لِمَنْ عَاهَدْتَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ".
-> قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور" (ج06/ص521): أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ؛ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَاصٍّ قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ ﴾؛ كُنْتُ رَجُلًا بَرًّا بِأُمِّي، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ قَالَتْ: يَا سَعْدُ، وَمَا هَذَا الَّذِي أَرَاكَ قَدْ أَحْدَثْتَ؟ لَتَدَعَنَّ دِينَكَ هَذَا أَوْ لَا آكُلُ وَلَا أَشْرَبُ حَتَّى أَمُوتَ فَتُعَيَّرُ بِي، فَيُقَالُ: يَا قَاتِلَ أُمِّهِ.
قُلْتُ: لَا تَفْعَلِي يَا أُمَّهْ، فَإِنِّي لَا أَدَعُ دِينِي هَذَا لِشَيْءٍ. فَمَكَثَتْ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَا تَأْكُلُ، فَأَصْبَحَتْ قَدْ جُهِدَتْ، فَمَكَثَتْ يَوْمًا آخَرَ وَلَيْلَةً لَا تَأْكُلُ، فَأَصْبَحَتْ وَقَدِ اشْتَدَّ جَهْدُهَا، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: يَا أُمَّهْ، تَعْلَمِينَ وَاللَّهِ، لَوْ كَانَتْ لَكِ مِائَةُ نَفْسٍ، فَخَرَجَتْ نَفْسًا نَفْسًا مَا تَرَكْتُ دِينِي هَذَا لِشَيْءٍ، فَإِنْ شِئْتِ فَكُلِي، وَإِنْ شِئْتِ فَلَا تَأْكُلِي. فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَكَلَتْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
-> وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ مَرْدُويَهْ، وَالنَّحَّاسُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي «شُعَبِ الْإِيمَانِ»؛ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَأَصِلُهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾ فَقَالَ: «نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ».
- وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ؛ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ﴾ قَالَ: مَشَقَّةً، وَهُوَ الْوَلَدُ.
- وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ؛ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ قَالَ: تَعُودُهُمَا إِذَا مَرِضَا، وَتَتْبَعُهُمَا إِذَا مَاتَا، وَتُوَاسِيهِمَا مِمَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ، ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ قَالَ: مَنْ أَقْبَلَ إِلَيَّ.
۲- قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله كفرنا بكم﴾[الممتحنة: 04].
• قَالَ ابْنُ أبي زَمَنِينَ فِي "تَفْسِيرِهِ" (ج04/ص377): أَي؛ بِوَلَايَتِكُم فِي الدّين.
- وقَالَ ابْنُ أبي زَمَنِينَ (ج02/ص32): قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} أَيْ: فِي الدِّينِ {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم} فِي الدِّينِ {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [دعوة كبار السن ومعاملة أولي القربى].
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 مُوَاسَاةُ الأقَارِبِ المُشْرِكِينَ فِي الوفاةِ:
ج02/- أَمَّا مُوَاسَاةُ الْأَقَارِبِ فِي حَالِ الْوَفَاةِ فَجَائِزٌ -بِإِذْنِ اللَّهِ-، إذَا خَلَتِ الْمُوَاسَاةُ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ وَالْمَعَاصِي وَمِن وُجُودِ الْمَجَالِسِ الكُفرِيَّةِ وَالْمَجَالِس البِدعِيَّةِ.(۱)
• فَلَا يُضَيِّعُ الْعَبْدُ دِينَهُ لِأَجْلِ دَعْوَة غَيْرِه.
”وَاسْتِغِلاَلُ ذَلِكَ فِي الدَّعْوَةِ إلَى اللَّهِ أَمْرٌ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ إذَا أَحْسَنَ الْعَبْدُ اسْتِغْلَالَهُ، وَليُخلِصِ النِّيَّةَ فِي ذَلِكَ ولْيَتَّبِع مَا جَاءَ عَنْ السَّلَفِ، فَيَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الدَّعْوَةِ إلَى التَّوْحِيدِ وَالنَّهْيِ عَنْ مُنْكَرٍ يَرَاهُ وَعَن بِدَعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ“
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- أَخَرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" (11840)؛ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ فَقَالَ لِي: «اذْهَبْ فَوَارِهِ، وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَوَارَيْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ وَعَلَيَّ أَثَرُ التُّرَابِ، وَالْغُبَارِ، فَدَعَا لِي: بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ.
- قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (11841): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: «فَأَمَرَنِي بِالْغُسْلِ».
- وأَخَرَجَ (11848)؛ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ جَاءَ عَلِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الْكَافِرَ قَدْ مَاتَ فَمَا تَرَى فِيهِ؟ قَالَ: «أَرَى أَنْ تَغْسِلَهُ» وَأَمَرَهُ بِالْغُسْلِ.
- وأَخَرَجَ (11842)؛ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «مَاتَتْ أُمُّ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ فَشَهِدَهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
- وأَخَرَجَ (11844)؛ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: مَاتَتْ أُمِّي وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «ارْكَبْ دَابَّةً وَسِرْ أَمَامَهَا».
- وأَخَرَجَ (11845)؛ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: مَاتَتْ أُمُّ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ فَسَأَلَ ابْنَ مُغَفَّلٍ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَحْضُرَهَا، وَلَا أَتْبَعُهَا قَالَ: «ارْكَبْ دَابَّةً وَسِرْ أَمَامَهَا غَلْوَةً، فَإِنَّكَ إِذَا سِرْتَ أَمَامَهَا فَلَسْتَ مَعَهَا».
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 الْمُزَاحُ بألفاظِ النَّسَويَّات:
ج03/- الْأَصْلُ فِي الْمُزَاحِ الْإِبَاحَة مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُزَاحُ فِيهِ مُنْكَرٌ أَوْ كُفْرٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ حُكْمُنَا عَلَيْهِ بِحَسَبِ مَا فِيهِ؛ ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ- يَمْزَحُ؛ وَلَا يَقُولُ -بِأَبِي وَأُمِّي- إلَّا حَقًّا.
• وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي مِنْ السُّؤَالِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَشِقَّاء الذُّكُور، وَأَنَّ الَّذِي يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ أُخْتٌ لَهُم، وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمُزَاحِ مُطْلَقًا.
- لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَلَدِ الذَّكَرِ أنْ يُؤَدَّبَ عَلَى الرُّجُولَة وَعَلَى الذُّكُورَةِ لَا أنْ يُعَابَ بِهَا، وَالْأَصْلُ فِي الْبِنْتِ أنْ تُؤَدَّبَ عَلَى الْأُنُوثَةِ لَا عَلَى النَّسَوِيَّةِ(۱) وَلَا عَلَى إفْهَامِهَا هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَى النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ الْمُتَأَخِّرَةِ.
• وَهَذَا الْإِطْلَاقُ الَّذِي فِي السُّؤَالِ، هَذَا الْمُزَاحُ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأُخْتُ عَلَى دِرَايَةٍ بِهَذِه الْمُصْطَلَحَاتِ الَّتِي شَاعَ اسْتِعْمَالُهَا وَتَدَاوُلُهَا وَكَتَبَ فِيهَا مَنْ كَتَبَ سَوَاءٌ مِنْ الَّذِينَ يَنْقُدُونَها أَوْ مِنَ الَّذِينَ يُرَقِّعُونَ لَهَا مِنْ المُنْهَزِمينَ.
وَهَذِه الْحَرَكَات النَّسَوِيَّة (المُسْتَرجِلَات) فِي أَصْلِهَا نَابِذَةٌ لِمَفْهُومِ الذُّكُورَة ابْتِدَاءً وَقَوَامَةِ الرَّجُلِ وسُلْطَتِهِ ونَابِذَةٌ لِلدَّيْنِ جُمْلَةً وَفِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْخُصُوصِ، وَيُوجَدُ مِنْ الْحَرَكَاتِ النَّسَوِيَّة مَا يُسَمَّى بـ ''النَّسَوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّة'' -زَعَمْنَ- يُؤَوِّلْنَ النُّصُوصَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا؛ ويُرِدْنَ التَّرْقِيعَ طَبْعًا وَكَأنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يُكْرِمْ الْمَرْأَة وَهَضَمَهَا حَقَّهَا، ويُرِدْنَ أَن يَبِنَّ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ حَقًّا فِي الْحُضُورِ بِجَانِبِ الرَّجُل، ويَدْعُونَ إلَى مُسَاوَاةِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ فِي أَشْيَاءَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِيهَا مُسَاوِيَةً لِلرَّجُلِ. لَا يُمْكِنُ.
• فَالْإِسْلَامُ جَاء بِتَكْريمِ الْمَرْأَةِ بِالدّعْوَةِ إلَى تَعْلِيمِهَا وَتَأْدِيبِهَا وإفْهَامِها وَصَوْنِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ مَعْلُومَةٌ بِحَمْد لِلَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فِي شَرْعِنَا.
- هَؤُلَاء يَدْعُونَ إلَى أَشْيَاءَ زَائِدَة يَزْعُمْنَ فِيهَا أَنَّ "رِجالَ الدِّينِ" -هَكذا بِهَذَا المَفْهومِ- ظَلَمُوا الْمَرْأَةَ وَلَمْ يُعْطُوهَا حَقَّهَا وَأَخْرَجُوهَا مِن أَشْيَاءَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ (يَجِبُ أَنْ تَكُون) فِيهَا. سُبْحَانَ اللَّهِ!
هَذِهِ الْحَرَكَةُ الَّتِي يُسَمُّونَهَا حَرَكَة "النَّسَوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّة" هِيَ حَرَكَةٌ مِثْلُهَا مِثْلُ سَائِرِ النَّسَوِيَّاتِ (المُسْتَرجِلَات)، بَلْ إنْ بَعْضَهُنّ يَفْتَحْنَ هَذَا الْبَابِ "النَّسَوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّة" لِيَصِلْنَ إلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ هَذَا بِكَثِير.
وَمِمَّا سَاعَدَ عَلَى وُجُودِ هَذِهِ التَّخَارِيفِ "دُعَاةُ السُّوءِ" الَّذِين يَخَافُون اِبْتِعَادِ النِّسْوَة عَنْهُم وانفِضاضَهُن عَن قَنَواتِهم ومَجالِسِهم وتَأصيلَاتِهم وتَقْريرَاتِهم فَيُرَقِّعُونَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا وَلَا وَزْن.
• الْحَرَكَة النَّسَوِيَّةِ (المُسْتَرجِلَات) عُمُومًا تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا الْكُفْرُ بِاَللَّهِ -عَزَّ وجَلَّ- وَالْمُنْكَرَات الدَّعْوَةُ إلَى انْفِلَاتِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْقَيِّمِ وَالْأَخْلَاق وَمِنْ الدَّيْنِ جُمْلَةً، سَمَّوْهَا الْإِسْلَامِيَّة وَسَمَّوْهَا غَيْرَ ذَلِكَ.
”قد ذَكَرْتُ أَنَّ بَعْضُهُنّ يَتأَثَّرنَ بِهَذِه الْحَرَكَات "كالْحَرَكَة النَّسَوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّة"، ثُمّ يَبْدَأْنَ فِي التَّدَرُّج شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَصِلْنَ إلَى التَّرْقِيع لِلْحَرَكَات الْأُخْرَى النَّسَوِيَّةِ، لِأَنّ النَّسَوِيَّةَ (المُسْتَرجِلَات) حَرَكَاتٌ وَطَوَائِفٌ؛ اِشْتِراكِيَّة والجَنْدَرِيَّة(۲) والرَادِيكَالِيَّة واللَادِينِيَّة الَّتِي يُسَمُّونَهَا اللَادِينِيَّة الإلْحَادِيَّة هَذِهِ الَّتِي تَنْبِذُ الدِّينَ وَتَكْفُرُ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وشَرَائِعِه“
- عَلَى كُلِّ حَالٍ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ يَطُولُ، وَحَاصِلُه جَوَابًا عَنْ السُّؤَالِ أَنَّ الْمُزَاحَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِحَقٍّ بِاسْتِعْمَالِ أَلْفَاظٍ طَيِّبَةٍ حَسَنَةٍ، وَأنَّ اسْتِعْمَالَ الْبِنْتِ لِهَذِه الْأَلْفَاظِ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي أرَادَته، ولِفَهْمِهَا لِهَذِه الْمُصْطَلَحَات رُبَّمَا تَكُونُ تُكَرِّرُ كَلَامًا سَمِعَتْهُ أَوْ لَا تَفْهَمُ مَعْنَاه، فَإِنْ كَانَتْ فَاهِمَةً لِمَعْنَاه فَهَذَا كُفْرٌ بِاَللَّهِ.
• عَلَى أَنِّي صَرَاحَةً أسْتَغْرِبُ هَذَا الْمُزَاحَ مَعَ الصِّغارِ بِهَذِهِ الْمُصْطَلَحَات الَّتِي لَا يَفْهَمُهَا حَتَّى الْكِبَار؛ وَهَذِه مُصْطَلَحاتٌ يَعْنِي -سُبْحَانَ اللَّهِ!- فِيهَا أَخْذٌ وَرَدٌ وَكَلَامٌ كَثِيرٌ حَتَّى بَيْنَ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي هَذَا الْبَابِ، عَلَى كُلِّ حَالٍ الْإِنْسَانُ يَحْذَرُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَالْمَرْأَةُ تَحْذَرُ مِنْ هَذِهِ المَزالِق الَّتِي قَدْ تُهْلِكُهَا نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- (Le féminisme) النَّسَوِيَّة: Les mouvements féministes (الْحَرَكَات النَّسَوِيَّة).
• الْحَرَكَات النَّسَوِيَّة (المُسْتَرجِلَات)؛ والمُنضَمّات لها ''النَّسَوِيَّة'' (المُسْتَرجِلَات) أو ''المترجلات'' (les féministes) والمُنضَمّون لها (androgynes) (الْمُخَنَّثونَ). عَلَيْهِنّ لَعائِنُ الْجَبَّار تَتْرَىٰ.
- هكذا يشاعُ عن تلكَ الحركات الكافرةِ التي تدعو إلىٰ تحررِ المرأة! والأولىٰ أن يُسمَّوا بـ ''المُسْتَرجِلَات'' و ''المُتَرَجِّلَاتِ'' المعلونات علىٰ لسانِ رسول اللّٰه ﷺ؛ لأنّه لا فرقَ علىٰ الحقيقة بين من تدعو لمثلِ هذه الدَّعوات وبينَ من ذكرتُ.
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (5886)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: "أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ". قَالَ: فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلَانًا.
۲- فـ ''الجَنْدَرِيَّة'' جاءت لتسوق المجتمعات البشرية إلى نوع جديد، يغير المفاهيم والمصطلحات على مستوى الأسرة والمجتمع، فيما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة في كل المجتمعات البشرية، وتغير الثابت والمستقر عند الشعوب منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، فـ''الجندرية'' ليس -كما يدعى في الظاهر- مساواة بين الرجل والمرأة، بل هي نخر في جذع شجرة ''البنية الاجتماعية''، لتأتي لنا بمجتمع بشري جديد، وتولد أنماطا جديدة للأسرة، أوصلتها بعض الدراسات التي تنتمي إلى ''الجندرية'' إلى اثني عشر نوعا من الأسرة، بما في ذلك ''أسر الشذوذ الجنسي''، يعني أسرة رجالية (بين رجل ورجل)، وأسرة نسائية (بين امرأة وامرأة)..تحت دعاوى (حقوق المرأة)، و(تمكين الشباب)، و(المساواة بين الجنسين).
◉ أولا: النوع الاجتماعي لا الجنس البشري (أسرة الجنس الواحد).
- فأول ركيزة في (النظرية الجندرية) هو عدم النظر إلى الرجل والمرأة من الناحية البيولوجية التي خلق الله النوعين عليها (ذكرا وأنثى)، وقد أبان القرآن عن تلك الفروق الأصيلة في أصل الخلقة.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾[آل عمران: 36].
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾[الروم: 30].
◉ ثانيا: الوظيفة الاجتماعية.
ومن أهم ركائز ''النظرية الجندرية'' الوظيفة الاجتماعية للرجل والمرأة، وهي من وجهة نظر (النظرية الجندرية) أنه يجب إلغاء ما يسمى (وصاية الرجل على المرأة)، وهذا يعني نفي ( مفهوم القوامة).
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾[النساء: 34].
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (3331)، ومُسْلِمٌ (1468) وَاللَّفْظُ لَهُ، فِي صَحِيحهِما؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا، فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ، أَوْ لِيَسْكُتْ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".
- بل إن المرأة العربية المسلمة الصحابية الأنصارية الخزرجية "خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ" -رضي الله عنها- (بفطرتها) أدركت تلك الفروق، حين حكم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بطلاقها، على ما هو معهود قبل نزول آيات الإيلاء، فقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا رسول الله، وإنَّ لي مِنْهُ صِبْيَةً صِغَارًا، إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا، وَإنْ ضَمَمْتُهُمْ إليَّ جَاعُوا..."
◉ ثالثا: الأمومة خرافة.
وهذا ما صرحت به عالمة الاجتماع (أوكلي)، والتي أدخلت مصطلح الجندرية في علم الاجتماع في سبعينيات القرن الماضي، فهي تقول: ''إنَّ الأمومة خُرافة، ولا يوجد هناك غريزة للأمومة، وإنما ثقافة المجتمع هي التي تصنع هذه الغريزة؛ ولهذا نجد أنَّ الأمومة تعتبر وظيفةً اجتماعية''.
• وهذا يعني أنه بالإمكان تغيير هذه الوظيفة، فالمرأة لا يشترط أن تكون أُمّاً ولو أنجبت!
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾[لقمان: 14].
• كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاء يسأله عن البر:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (5971) وَاللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (2548) فِي "صَحِيحهِما"؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ". قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَبُوكَ".
◉ رابعا: الصحة الإنجابية.
هي معالجة الإشكالات الناجمة عن الحمل والإنجاب، والتي تمنع المرأة من الوظيفة الاجتماعية في المجتمع. والدعوة إلى الإجهاض وترك الإنجاب والأمومة.
• يعني أن لا تهتم المرأة بالحمل والإنجاب، بل تهتم بتحقيق ذاتها في الوظيفة الاجتماعية، فالإنجاب من مقاصد الشريعة في الزواج:
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُون﴾َ[النحل: 72].
← أَخَرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ" (2598)؛ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ".
◉ خامسا: الشذوذ والزنا.
- ومن أهم مرتكزات (النظرية الجندرية) إباحة الشذوذ الجنسي، والدعوة إلى الزنا وعدم الاستياء منه أو إخفائه، بل فعله والحديث عنه جهرا، باعتباره أحد الحقوق لكل إنسان، خاصة المرأة، كما يدعون.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾[الأنعام: 151].
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾[الإسراء: 32].
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ إلى قوله تَعَالَىٰ ﴿إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ۞ وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾[العنكبوت: 28، 35/34].
• [منقول بتصرف].
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 هَجْرُ الْأَقَارِب العُصاةِ:
ج04/- إذَا كَانَ الْهَجْرُ نَافِعًا لَهُم هُجِّرُوا، وَإِذَا كَانَ يَزِيدُهُم غَيًّا وَبُعْدًا وَيُخَافُ عَلَيْهِم الانْتِكاسَة، الارْتِدادَه وَتَرْكُ الْأَمْرِ جُمْلَةً، فَلَا يَجُوزُ هَجْرُهُم.
”وَليُرَاعِي الْعَبْدُ كَذَلِكَ حَالَ الاسْتِضْعافِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ الَّتِي شَاع فِيهَا الْكُفْرُ وَالنَّوَاقِضُ وَالرِّدَّةُ ولْيَنْصَح وَلْيَصْبِر وَليُخَالِطُهم بِقَدْرٍ لَا يُبْعِدُهم وَلَا يُفْسِدُوا عَلَيْهِ هُوَ دِينَهُ وَقَلْبَهُ“
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 مُخْتَصَرُ حُكْمِ ذَبَائِحِ المُشرِكِينَ:
ج05/- أَقُولُ كَلَامًا مُخْتَصَرًا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ بَابِ عَدَمِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ؛ ذَبَائِحُ الْمُشْرِكِين حَرَامٌ إلَّا مَا اسْتَثْنَى رَبُّنَا -عَزَّ وجَلَّ- وَهُم ذَبَائِحُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ ﴾{المائدة: 05}.(۱)
• وَأَمَّا أَكْلُهَا مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهَا فَمُحَرَّمٌ، وَالْآكِلُ مُرْتَكِبٌ لِحَرَامٍ وَإِنْ سُمِّيَ عَلَيْهَا إذْ لَا عِبْرَةَ لِلتَّسْمِيَةِ مَعَ مِلَّةِ الذَّابِحِ وَهِيَ شَرْطٌ.(۲)
- فَتَجُوزُ ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ وَذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ؛ كَمَا قَالَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَىٰ ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾(۳)، قَالَ تَعَالَىٰ ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾[المائدة: 03].
”أَمَّا ذَبَائِحُ سَائِرِ الْمُشْرِكِينَ وذَبائِحُ الْمُرْتَدِّينَ، فَهَذِه حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ، خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّة الَّذِين يُجَوِّزُون الذَّبَائِحَ دُون الْتِفَاتٍ إلَى مِلَّةِ الذَّابِح، بَل يَشْتَرِطُونَ فِي ذَلِكَ التَّسْمِيَّةَ فَقَطْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِأُصُول أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الِاسْتِدْلَالِ، هَذَا عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ“
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(11237)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: "وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ"، قَالَ: ذَبَائِحُهُمْ.
- وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وإِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ والضَّحَّاك وابْنِ زَيْدٍ والسُّدِّيِّ وقَتَادَةَ، نَحْوُ ذَلِكَ.
۲- أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (7835)؛ عَنْ أَبِي مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يَذْبَحُ وَيَنْسَى أَنْ يُسَمِّيَ، قَالَ: "لَا بَأْسَ بِهِ". قُلْتُ: فَأَيْنَ قَوْلُهُ: "وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ"؟ قَالَ: إِنَّمَا ذَبَحْتَ بِدِينِكَ.
← قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "الِاسْتِذْكَار" (ج05/ص251): «وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ أَنَّهَا تُؤْكَلُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهَا إِذَا لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا غَيْرَ اللَّهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمَجُوسِيَّ وَالْوَثَنِيَّ لَوْ سَمَّى اللَّهَ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ؛ وَفِي ذَلِكَ بَيَانٌ أَنَّ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ ذَبَحَ بِدِينِهِ، وروي عن ابن عباس وأبى وائل -شقيق بن سلمة- وبن أَبِي لَيْلَى أَنَّهُمْ قَالُوا فِي ذَلِكَ إِذَا ذَبَحْتَ بِدِينِكَ فَلَا يَضُرُّكَ».
۳- قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور" (ج03/ص14): أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي "سنَنه"؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ" يَقُول: ماذبحتم من ذَلِك وَبِه روح فكلوه.
← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" (11032)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : "إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ"، يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، يَتَحَرَّكُ لَهُ ذَنَبٌ، أَوْ تَطْرِفُ لَهُ عَيْنٌ، فَاذْبَحْ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ حَلَالٌ.
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [حُكْمُ ذَبَائِحِ المُشرِكِينَ]
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 الأكْلُ مِن النَّذْرِ:
ج06/- إذَا نَذَرَ الْعَبْد نَذْرًا (كَذَبْحٍ مَثَلًا) فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ نَذْرِهِ.
• لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ، وَمِمَّا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّذْرِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ.
- لَكِنْ إذَا نَذَرَ الْعَبْدُ نَذْرًا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾{الحج: 29}.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 الحَلْفُ بغَيْرِ اللَّهِ:
ج07/- الْحَلْفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ، وَقَدْ حُكِيَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَحَكَاهُ غَيْرُهُ.(۱)
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (6108)، ومُسْلِمٌ (1646) فِي "صَحِيحهِما"؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلَّا فَلْيَصْمُت».(۲)
-> قَالَ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي "الأُمِّ" (ج07/ص64): «وَكُلُّ يَمِينٍ بِغَيْرِ اللَّهِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا..، فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ كَرِهْت لَهُ وَخَشِيت أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ مَعْصِيَةً..».
• هَذَا فِي حُكْمِ الْحَلْفِ بِغَيْرِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَهِيَ مِنْ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ لَا مِنْ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ. هَذَا الْأَصْلُ.
- وَمِمَّا يَذْكُرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ الْيَمِينَ لِغَيْرِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَأنَّ الْحَلْفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَسْمَائِه وَصِفَاتِه لَا يَنْعَقِدُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا حَكَاهُ "ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ" عَنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ.(۳)
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التمهيد" (ج14/ص366): «..وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَلَا عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَهَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْه،ِ وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ حَدِيثًا شَدِيدًا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ"، ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُه»ُ.
۲- أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (1535)؛ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَا وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ -أَوْ أَشْرَكَ-".
- قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَفُسِّرَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ عَلَى التَّغْلِيظِ، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ عُمَرَ، يَقُولُ: وَأَبِي، وَأَبِي. فَقَالَ: "أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ". وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللَّاتِ، وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".
هَذَا مِثْلُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الرِّيَاءَ شِرْكٌ". وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذِهِ الْآيَةَ. فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا. الْآيَةَ، قَالَ: لَا يُرَائِي».
۳- وقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (ج14/ص367): «..أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ مَكْرُوهَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهَا لِأَحَدٍ...، وَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ».
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 كَشْفُ الْمُسْلِمَةِ شَعْرَهَا أمَامَ الْمُشْرِكَة:
ج08/- كَشْفُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ لِشَعْرِهَا أَمَامَ النِّساءِ فِيهِ قَدْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَقَدْرٌ وَقَعَ فِيهِ النِّزَاعُ الشَّعْرُ وَالْوَجْهُ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ أَيْ مَا يَجُوزُ كَشْفُهُ للمَحارِمِ.
• أَمَّا الْقَدْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْ تَكْشِفَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا أمَامَ امرَأةٍ مَسْلِمَةٍ؛ هَذَا جَائِزٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
▪ وَأَمَّا أنْ تَكْشِفَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا مَثَلًا أَوْ يَدَيْهَا أَوْ رِجْلَيْهَا أَوْ الرَّقَبَة أَوْ الْوَجْهَ أمَامَ امرَأةٍ مُشْرِكَةٍ، فَهَذَا مَحَلُّ نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ:
• فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى الْمَنْعِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ(۱):
-> قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور"ِ(ج06/ص183): أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: "لَا تَضَعُ الْمُسْلِمَةُ خِمَارَهَا عِنْدَ مُشْرِكَةٍ وَلَا تَقْبَلُهَا، -أَيْ: لَا تَكُونُ قَابِلَةً لَهَا- لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ فَلَسْنَ مِنْ نِسَائِهِنَّ".
-> أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه"ِ(14416)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ قَالَ: "نِسَائِهِنَّ الْمُسْلِمَاتِ لَيْسَ الْمُشْرِكَاتُ مِنْ نِسَائِهِنَّ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَكَشَّفَ بَيْنَ يَدَيِ المشركين".
• وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ:
← قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (14417): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو عُمَيْرٍ، ثنا ضَمْرَةُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ «لَمَّا قَدِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ كَانَ قَوَابِلُ نِسَائِهِمُ الْيَهُودِيَّاتِ وَالنَّصْرَانِيَّات».
- وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" دُخُولُ الْيَهُودِيَّةِ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، فدُخُولُهَا عَلَيْهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِخِمَارِهَا.
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" (1372)؛ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ،..».
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (6366)؛ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ الْمَدِينَةِ،..»
• وَهَذَا الَّذِي يَتَرَجَّحُ كَأَصْلِ جَوَازُ كَشْفِ الْمَرْأَةِ لِمَا ذَكَرْنَا أمَامَ الْمُشْرِكَة، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمُشْرِكَة غَيْرَ أَمِينَةٍ، فَتَصِفُ مَثَالًا هَذِهِ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ لِكَافِرٍ أَوْ لِزَوْجِهَا الْكَافِرِ أَوْ تَكُونَ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ، أوْ يَكُونَ فِيهَا عَيْبٌ مِنْ تِلْكُمُ الْعُيُوبِ الَّتِي تُوجِبُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَلْبَسَ خِمَارَهَا وأَنْ تَتَسَتَّرَ.
- الْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَ مَسْأَلَةً "أنَّ هَذِهِ الْكَافِرَة وَهَذِه الْمُشْرِكَة تَصِفُ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ لِكَافِرٍ"؛ وَفِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِبَلِيَّةِ التَّصْوِيرِ وَبَلِيَّةِ الْهَوَاتِفِ الَّتِي فِيهَا الكاميرَاتِ.
• فَعَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَة أَنْ تَحْتَاطَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأنْ لَا تَتَساهَلَ وَأَنْ تَكُونَ حَرِيصَةً عَلَى نَفْسِهَا؛ قَدْ يَجُرُّ عَلَيْهَا هَذَا الْبَابُ شُرُورًا عَظِيمَةً.
”فَنَقُولُ؛ الْأَصْلُ هُوَ الْجَوَازُ أَنْ تَكْشِفَ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ شَعْرَهَا وَوَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا ويَدَيْهَا وَقَدَمَيْهَا أمَامَ امرَأةٍ مُشْرِكَةٍ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَسْتُرَ ذَلِك يَدَيْهَا وَشَعْرَهَا فَيَبْقَى الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ“
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور"ِ(ج11/ص30): أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَ نِسَاءِ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَانْهَ مَنْ قِبَلَكَ عَنْ ذَلِكَ؛ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهَا إِلَّا أَهْلُ مِلَّتِهَا».
-> أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (14409)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ قال: لا تُبْدِي خلاخلها ومعضداتها ونحرها وشعرها إِلا لِزَوْجِهَا.
- وأَخَرَج َ(14401)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ، ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ قَالَ: الثِّيَابَ وَالْخِضَابَ وَالْخَاتَمَ وَالْكُحْلَ.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ ﴾{النور: 31}.
❍ قَوْلِه تَعَالَىٰ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾:
- وأَخَرَج (14415)؛ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾، يَعْنِى الْمُؤْمِنَاتِ.
- وأَخَرَج (14416)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾، قَالَ: نِسَائِهِنَّ الْمُسْلِمَاتِ لَيْسَ الْمُشْرِكَاتُ مِنْ نِسَائِهِنَّ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَكَشَّفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُشْرِكِينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 حُكْمُ زَيْتِ الأفْعَىٰ:
ج09/- إذَا كَانَتْ هَذِهِ الزُّيُوتُ مُسْتَخْرَجَةً حَقِيقَةً مِنْ الْأَفَاعِي والحَيَّيَات (دُهُونُها) فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهَا حَرَامٌ فِي التَّدَاوِي وَلَا فِي الزِّينَةِ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.
• والحَيَّةُ مِمَّا يُقْتَلُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِمَّا يُقْتَلُ شَرْعًا، وَإِنَّ أَكْلَهُ حَرَامٌ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَرَامٌ مُطْلَقًا.
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (3314)، ومُسْلِمٌ (1198) وَاللَّفْظُ لَهُ، فِي صَحِيحهِما؛ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا".
- أَمَّا إذَا كَانَ هَذَا الزَّيْت يُسَمَّى "زَيْتَ الحَيَّة" مَثَلًا أَوْ "زَيْتَ الأفْعَى" مُجَرَّدُ اسْمٍ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ. وَزَيْتُها لَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا إلَّا وَهِيَ مَيْتَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. هَذَا الَّذِي أَعْلَمُه.
”فَعَلَيْهِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الزَّيْت، بَلْ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَيِّ شَيْءٍ مِمَّا فِيهِ زَيْتُ الْحَيَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ زَيْتًا هَكَذَا ''زَيْتُ الْحَيَّةِ'' مُفْرَدًا، أَوْ كَانَ زَيْتُهَا مَخْلُوطًا بِشَيْءٍ آخَرَ. ذَلِكَ الشَّيْءُ الْآخَرُ مَثَلًا ''دُهون'' بَعْضُ الدُهونِ رُبَّمَا يَكُونُ فِيهَا ''زَيْتُ الْحَيَّة''، فَالْإِنْسَانُ يَتَفَقَّدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا؛ إذَا كَانَ فِيهَا ''زَيْتُ الْحَيَّة''، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ“
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 الخِضابُ بالسَّوادِ:
ج10/- أَمَّا صَبْغُهُ بِالسَّوَادِ فَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ-:
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (2102)؛ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ".
• وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؛ وَالمَرْأَةُ لَا تُغَيِّرُ الشَّيْبَ بِالسَّوَادِ.(۱)
- وَمَعْلُومٌ مِنْ حَالِ النَّاسِ أَنَّ الشَّابَّةَ وَهِي شَابَّةٌ لَا شَيْبَ فِيهَا تُغَيِّرُهُ بِأَلْوانٍ أُخْرَى، كَذَلِكَ إذَا شَابَ شَعْرُ رَأْسِهَا فَإِنَّهَا تُغَيِّرُهُ بِأَلْوانٍ أُخْرَى غَيْرَ السَّوَادِ، وَهَكَذَا الرَّجُلُ.
← قَالَ اِبْنُ بَطَّة فِي "الْإِبَانَةِ الصُّغْرَى": «وَمِنْ الْبِدَعِ أَنْ يَخْضِبَ الرَّجُلُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِالسَّوَادِ، أَوْ يَأْخُذَ مِنْ عَارِضَيْهِ أَو يُطِيلَ شَارِبَهُ، وَقَدْ قِيلَ أَوّلُ مَنْ خَضَبَ بِالسَّوَادِ فِرْعَوْن، وَقِيلَ إنَّهُ خِضَابُ أَهْلِ النَّارِ».
• عَدَّ ذَلِكَ مِنْ البِدَعِ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- أَخَرَجَ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (5075)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَفَعَهُ- أَنَّهُ قَالَ: "قَوْمٌ يَخْضِبُونَ بِهَذَا السَّوَادِ آخِرَ الزَّمَانِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ".
• "كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ" أَي صُدُورُ الْحَمَّام قِيلَ الْمُرَادُ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ يُرِيد بِالتَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ السَّوَادُ الصَّرْفُ غَيْر مَشُوبٍ بِلَوْنٍ آخَر.
← أَخَرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" (25028)؛ عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَرِهَ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ، وَقَالَ: «أَوَّلُ مَنْ خَضَبَ بِهِ فِرْعَوْنُ».
-> قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ في "الِاسْتِذْكَار"(ج08/ص441): «وَمِمَّنْ كَرِهَ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَطَاوُوسٌ وَمَكْحُولٌ وَالشَّعْبِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ..وَكَانَ هُشَيْمٌ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ﴿وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾[فَاطِرٍ: 37] فَقَالَ لَهُ ''قَدْ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ الشَّيْبُ''، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ ''فَمَا تَقُولُ فِي مَنْ جَاءَهُ نَذِيرٌ مِنْ رَبِّهِ فَسَوَّدَ وَجْهَهُ''، فَتَرَكَ هُشَيْمٌ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ».
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 العَدَساتُ والرُّموشُ الصِّناعيَّة:
ج11/- أَمَّا الرُّمُوشُ فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى الوَصْلِ:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" (5937)؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ». وَقَالَ نَافِعٌ: "الْوَشْمُ فِي اللِّثَةِ".
• أَمَّا العَدَساتُ فَتَرْكُهَا أَوْلَى وَأَحْرَى.
- ولْتَتَزَيَّنِ الْمَرْأَةُ بِمَا أَبَاحَ اللَّهُ وَبِمَا كَانَتْ قَدِيمًا زِينَةً لِلْمَرْأَة كَالْكُحْلِ وَمَا شَابَهَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ أضْرَارٌ صِحِّيَّةٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاء الَّتِي تَسْتَعْمِلُهَا النِّسَاءُ الْيَوْمَ فِيهَا أضْرَارٌ عَلَى الْبَدَنِ وَعَلَى الْبَشَرَة، حَتَّى هَذِه العُطور؛ قَد تَكَلَّمْنَا أَنَّ "العُطورَ الخَمرِيَّة" هَذِهِ لَا تَجُوزُ (الَّتِي تُسْتَعْمَلُ مِن الكُحُول)، وَبَعْضُ العُطور هَذِهِ فِيهَا أضْرَارٌ عَلَى الْبَدَنِ، كَذَلِكَ مَا يُسَمَّى "بالمَاكِيَاج" هَذِهِ لَهَا أضْرَارٌ عَلَى الْبَشَرَةِ.
”يَعْنِي الْمَرْأةَ لاَبُدّ لَهَا أَنْ تَتَجَنَّبَ هَذِهِ الْأَشْيَاء، وَتَتَزَيَّن بِالْمُبَاحِ وَبِمَا كَانَ زِينَةً لِلنِّسَاء قَدِيمًا، وَأَنْ لَا تَتَشَبَّه لَا بالكافِرَاتِ فِي زِينَتِهَا وَلَا بالفَاسِقَات“
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 العُطورُ الخَمريَّةُ:
ج12/- أمَّا هَذهِ العُطور الَّتي يُسَمُّونَهَا بالعُطورِ الكُحولِيَّة فَلا يَجوزُ اسْتِعْمَالُهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْمُسْكِرَاتِ.
• طَبْعًا هَذَا فِيمَا هُوَ مُسْكِرٌ وَلَيْسَ فِيمَا هُوَ سَامٌّ، لأنَّ فيهِ حَيْثِيَّة ما هُوَ سَامٌّ، وما هُوَ مُسْكِرٌ؛ وهذِه مَحَلُّ بَحثها في مَقامٍ آخر.(۱)
- الْمُسْكِرُ "خَمْرٌ" وَالْخَمْرُ نَجَاسَةٌ بِالْإِجْمَاعِ؛ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "التَّمهِيدِ"(۲)، فَمَنْ اسْتَعْمَلَ هَذِه العُطور الَّتِي يُسَمُّونَهَا الكُحولِيَّة، وَلَيْسَ هَذَا اسْمًا صَحِيحًا وَإِنَّمَا هِيَ ''عُطورٌ خَمْرِيَّة''، مَنْ اسْتَعْمَلَ هَذَا النَّوْع مِنْ العُطورِ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ صَارَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ نَجِسًا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ ثَوْبًا أَوْ بَدَنًا؛ وَوَضْعُهَا عَلَى الْبَدَنِ، هَذَا فِيهِ أضْرَارٌ طِبِّيَّةٌ تَطَالُ الْجِسْمَ مِنْ هَذِهِ العُطورِ يَعْرِفُ ذَلِكَ أَهْلُ الطِّبِّ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي هَذَا الْبَابِ.
”حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا لَا يَجُوزُ، فَمَن وَضَعَهَا فِي ثَوْبِهِ صَار ثَوْبُهُ نَجِسًا، وَمَن وَضَعَهَا عَلَى بَدَنِهِ صَار بَدَنَهُ نَجَسًا، وَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ فِيهِ هَذِهِ العُطور أَوْ عَلَى بَدَنِهِ هَذِه العُطور، فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ“
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- الْفَرْقُ بين الكُحول المِيثِيلِي (الميثانول) والإيثِيلِي (الإيثانول):
• مع الانكار والتنبيه لما جاء في النقطة العاشرة (10) في الصنف "الإيثيلي" من استحلال له؛ والنقطة الثالثة (03) واضحة:
• فَإِنَّ العُطورَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الكحول الْمُسْكِرَة (الإيثانول): فهو خَمْرٌ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا.
۲- قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ في "التمهيد" (ج01/ص245): «وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَبِكُلِّ مِصْرٍ فِيمَا بَلَغَنَا وَصَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إِذَا رَمَى بِالزَّبَدِ وَهَدَأَ وَأَسْكَرَ الْكَثِيرُ مِنْهُ أَوِ الْقَلِيلُ أَنَّهُ خَمْرٌ وَأَنَّهُ مَا دَامَ عَلَى حَالِهِ تِلْكَ حَرَامٌ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ رِجْسٌ نَجِسٌ كَالْبَوْلِ...وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَسَائِرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّتُهُمْ إِنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ حُكْمُهُ حُكْمُ خَمْرِ الْعِنَبِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْحَدِّ...فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا وَالرِّجْسُ النَّجَاسَةُ..».
← أَخَرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ (2598)؛ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ، وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا".
• الرِّجس: الشيءُ القَذِر أو النَّتِنُ أو النَّجِسُ، وقد يُعبَّرُ به عن الحرامِ، والفِعلِ القَبيحِ، والعذابِ، واللَّعنةِ.
← قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِ اللُّغَة" (ج10/ص306): رِجْس: قَالَ الله جلّ وَعز: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالاَْنصَابُ وَالاَْزْلاَمُ رِجْسٌ} (الْمَائِدَة: 90) .
قَالَ الزّجاج: الرِّجسُ فِي اللُّغَة: اسمٌ لكل مَا استُقذِرَ من عَمَلٍ، فبالغَ الله فِي ذمِّ هَذِه الْأَشْيَاء وسمَّاها رِجْساً.
وَقَالَ اللَّيْث: وكل قَذَرٍ؛ رِجْسٌ.
- رَجَسَ: الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَالسِّينُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطٍ. وَمِنَ الْبَابِ الرِّجْسُ: الْقَذَرُ؛ لِأَنَّهُ لَطْخٌ وَخَلْطٌ.
← أَخَرَجَ أَبُو بِكْرٍ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ (24075)؛ عَنْ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ امْرَأَتِهِ، أَنَّ عَائِشَةَ: «سُئِلَتْ عَنِ الْمَرْأَةِ تَمْتَشِطُ بِالْعَسَلَةِ فِيهَا الْخَمْرُ، فَنَهَتْ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ».
← أَخَرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" (17092)؛ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: «كَانَتْ عَائِشَةُ تَنَهَى إِنْ تَمْتَشِطَ الْمَرْأَةُ بِالْمُسْكِرِ».
← أَخَرَجَ أَبُو بِكْرٍ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ (24074)؛ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً يَمْتَشِطْنَ بِالْخَمْرِ، فَقَالَ: «أَلْقَى اللَّهُ فِي رُءُوسِهِنَّ الْحَاصَّةَ».
- "والحاصَّةُ": قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِ اللُّغَة" (ج03/ص258): «وَقَالَ اللَّيْث: "الحَصّ: إذهاب الشّعْر سَحْجاً؛ كَمَا تَحُصُّ البَيْضة رأسَ صَاحبهَا".
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: إِن بِنْتي عُرَيِّس، وَقد تمعَّط شعرهَا وأمروني أَن أرجلها بالخَمْر. فَقَالَ: "إِن فعلتِ ذَاك فأَلقى الله فِي رَأسهَا الحاصَّة".
• قَالَ أَبُو عبيد ''الحاصَّة'': مَا يحُصّ شعرهَا: يَحلقه كلَّه فَيذْهب بِهِ».
← أَخَرَجَ أَبُو بِكْرٍ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ (24076)؛ عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «تَمْتَشِطُ بِالْخَمْرِ؟ لَا طَيَّبَهَا اللَّهُ».
- وأَخَرَجَ (1538)؛ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، قَالَ سُئِلَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ، هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُتَدَلَّكَ، بِهِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ يُتَدَاوَى بِشَيْءٍ مِنْهُ فِي جِرَاحَةٍ أَوْ سِوَاهَا قَالَ هُوَ رِجْسٌ وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاجْتِنَابِهِ.
الدُّرْدِيُّ: مَا رَسَب أَسْفَل العَسَل والزَّيْت ونَحوهمَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَائِعٍ كالأشْرِبَة والأَدْهَان.
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [مَسألَةٌ مِنْ مسائِلِ الطَّهَارَةِ].
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 حُلِيُّ المَرأةِ فِي الصَّلاةِ:
ج13/- لُبْسُ الْحُلِيِّ فِي الصَّلَاةِ لِلْمَرْأَةِ لَيْسَ وَاجِبًا بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ؛ كَمَا قَالَ مَالِكٌ -رحمه الله- كَمَا فِي "البَيانِ والتَّحْصيلِ" (ج01/ص254): «..فَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَتُصَلِّي بِغَيْرِ قِلَادَةٍ وَلَا قُرْطَيْنِ، قَال: نَعَم، لَا بَأْسَ بِذَلِكَ».
- أَمَّا اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ فَقَدْ جَاءَتْ فِي ذَلِكَ جُمْلَةُ آثَارٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- وَعَنْ أَنَسٍ وَعَنْ جَمَاعَةٍ، أَمَّا الَّذِي جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- قَدْ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الغَريب" عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها-:
← قَالَ أَبُو عبيد في "الغريب" (ج04/ص334): فِي حَدِيث عَائِشَة -رضي الله عنها- «أَنَّهَا كَرِهَتْ أَن تُصَلِّيَ الْمَرْأَة عُطُلًا وَلَو أَن تُعَلِّقَ فِي عُنُقِها خَيْطًا»، قَالَ: حَدَّثَنِيهِ الْفَزارِيّ عَن عبد الله ابْن سيار عَن عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة.
- قَالَ أَبُو عبيد: قَوْلهَا: ''عُطُلًا''، تَعْنِي الَّتِي لَا حُلِيّ عَلَيْهَا يُقَال: امْرَأَة عُطُل وعاطل.
-> وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- مِنْ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلْتُه مُكَاتَبَةً.
← قَالَ فِي "البيان والتحصيل" (ج01/ص255): وَرَوَى أَنّ أُمَّ الْفَضْلِ ابْنَةَ غَيْلَانَ كَتَبَتْ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةٌ؟ فَكَتَبَ إلَيْهَا: "لَا تُصَلِّي الْمَرْأَةُ إلَّا وَفِي عُنُقِهَا قِلَادَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إلَّا سَيْرا".
• الْمَرْأَةُ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي حُلِيِّهَا ذَلِك بُعْدًا عَنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ، كَمَا عَلَّلَ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهَا تُصَلِّي فِي الْقِلَادَةِ. فَقِيلَ لَهُ "لِمَا"، قَالَ "لِأَن لَا تَتَشَبَّهَ بِالرِّجَال".
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 حكمُ مسِّ الحائضِ للقــرآن:
ج14/- أَمَّا مَسُّ الْمُصْحَفِ لِلْحَائِضِ فَلَا يَجُوزُ؛ سَوَاءٌ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ لِلْحِفْظ.
- وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْحَائِضِ مِنْ ظَهْرِ قَلْبٍ دُونَ مَسٍّ لِلْمُصْحَف، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ، فَذَهَبَ مَالِكٌ -رحمه الله- "إلَى أَنَّهَا تَقْرَأُ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ طُهْرَهَا" فِيمَا رُوِيَ عَنهُ.(۱)
• بِمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَرْفَعَ حُكْمَ الْحَدَثِ وَلَوْ اغْتَسَلَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ.
- وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهَا لَا تَقْرَأُ شَيْئًا كَثِيرًا كَانَ أَوْ يَسِيرًا، وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ؛ وَعَلَّلَ ذَلِكَ فَقَالَ "لِأَنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ أَعْظَمُ جُرْمًا".(۲)
• وَاَلَّذِي أَرَاهُ -والله أَعْلَى وأعلم- أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لَا تَقْرَأُ شَيْئًا، لَا مِنْ الْمُصْحَفِ وَلَا مِنْ حِفْظِهَا.
”وَلْيَكُن هَدْيُهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، أنْ تَذكُرَ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وتُسَبِّحَهُ(۳)“
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ فِي "النَّوَادِرِ وَالزِّيَادَات" (ج01/ص123): قال مَالِكٌ في "المختصر": «وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَقْرَأَ الْحَائِضُ الْقُرْآنَ، بِخِلَافِ الجُنُبِ».
۲- قَالَ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ فِي "مَسَائِلِهِ" (ص352): سمعت إسحاق يقول: «إذا أرادت الحائض أن تَتَطَهَّر في وَقت صلاةٍ للتَّسبيح والذِّكر، لا للصلاة؛ فذلك لها، وتُسَبِّح وتَذكُر الله، ولا تَقرَأ من القرآن شيئًا قَليلًا ولا كَثيرًا -يُريد به التلاوة-، وإذا سَمِعَت السَّجدَة وهي حائض فلا قَضاء عَلَيها إذا طهرت؛ كما لا تُصَلِّي وهي حائض؛ الصَّلاة أَعظَمُ جُرمًا».
- وأَخَرَجَ حَرْبٌ "مَسَائِلِهِ" (724)؛ عن ابن عَبَّاس ِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-، قال: «الجُنُب والحائض يَذكُران الله، ولا يَقرآن من القُرآن شيئًا». قيل: ولا آية؟ قال: «ولا نِصفَ آية».
-> أَخَرَجَ الدَّارِمِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (856)؛ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ قَالَ: «الْمُسْتَحَاضَةُ لَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَلَا تَصُومُ، وَلَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ».
۳- أَخَرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" (7271)؛ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: «إِنَّا لَنَأْمُرُ نِسَاءَنَا فِي الْحَيْضِ أَنْ يَتَوَضَّأْنَ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ يَجْلِسْنَ وَيُسَبِّحْنَ وَيَذْكُرْنَ اللَّهَ».
- وقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (7272): حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي الْحَائِضِ: «تَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتَذْكُرُ اللَّهَ».
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 مَاذَا يُفْعَلُ بِالْمُصْحَفِ الْمُمَزَّق؟
ج15/- أَمَّا الْمُصْحَفُ الْمُمَزَّقُ الَّذِي يَصْلُحُ تَقْوِيمُهُ وَإِصْلَاحُه، فَإِصْلَاحُهُ آكَدٌ وَهُوَ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ، وَأَمَّا الْمُمَزَّقُ تَمْزِيقًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ إصْلَاحُهُ أَوْ الَّذِي تَنْقُصُهُ أَوْرَاقٌ وَكَانَ عِنْدَ الْعَبْدِ مُصْحَفٌ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ يُحَرِّقُهُ وَيَدْفِنُهُ.
• وَقَد حَرَّقَ عُثْمَانُ -رضي اللَّه عنه- الْمَصَاحِفَ، لَمَّا جَمَعَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ.(۱)
← أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي "المَصَاحِف"ِ(ص68)؛ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُتَوَافِرِينَ حِينَ حَرَّقَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ".
- وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ''مَاذَا يُفْعَلُ بِهَذَا الْمُصْحَف؟'' اِخْتَلَفَ فِيهَا النَّاسُ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَنَحَ إلَى أَنَّهُ يُحَرَّقُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَنَحَ إلَى أَنَّهُ يُدْفَن، وَذَكَرُوا رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُدْفَن عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ، وَلَكِن الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ -رضي اللَّه عنهم- أَنَّ الْمُصْحَفَ يُحَرَّق. وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَلَا بَأْسَ يُحَرِّقُهُ وَيَدْفِنُهُ أَو يُحَرِّقُهُ فِي حُفْرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يُوَارِي عَلَيْهِ التُّرَاب.
ـــــــــــــــــــــــــــ
← قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" (4987): حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ.
فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى".
فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ. فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ،
وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: "إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ؛ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ".
فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ، أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 الوضوءُ من الكَلامِ الفاحشِ!
ج16/- أمَّا أَنَّ الْكَلَامَ الرَّدِيئَ الْخَبِيثَ الْفَاحِشَ نَاقِضٌ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ.(۱)
• وَلَكِنْ يُتَوَضَّأُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّنَزُّهِ وَمِنْ بَابِ التَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
- وَقَدْ جَاءَتْ بَعْضُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ، رَوَاهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" وَرَوَاهَا غَيْرُهُ؛ لِذَلِكَ مَثَلًا مَا جَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ- أَنَّهُ قَالَ: «لَأَنْ أَتَوَضَّأَ مِنْ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَوَضَّأَ مِنْ طَعَامٍ طَيِّبٍ».
← أَخَرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" (1426)؛ٍ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها-، قَالَتْ: «يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ وَلَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ يَقُولُهَا لِأَخِيهِ».
- قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (1427): حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «نُبِّئْتُ أَنَّ شَيْخًا، مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يَمُرُّ بِمَجْلِسٍ لَهُمْ فَيَقُولُ: أَعِيدُوا الْوُضُوءَ فَإِنَّ بَعْضَ مَا تَقُولُونَ أَشَرُّ مِنَ الْحَدَثِ».
• يُتَوَضَّأُ مِنْ الْكَلَامِ الْخَبِيثِ تَوْبَةً إلَى اللَّهِ، وتَنَزُّهًا مِنْ ذَلِكَ الْكَلَامِ الَّذِي قِيلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
۱- نَوَاقِضُ الوُضوء:
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾{النساء: 43}.
-> قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي "الإجماع" (02): «وأجمعوا على أن خروج الغائط من الدبر، وخروج البول من الذكر، وكذلك المرأة، وخروج المني، وخروج الريح من الدبر، وزوال العقل بأي وجه زال العقل؛ أحداث ينقض كل واحد منها الطهارة، ويوجب الوضوء».
-> قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ فِي "النَّوَادِرِ وَالزِّيَادَات" (ج01/ص48): قال ابن حبيب: ينتقض الوضوء لتسعة أوجه؛ من الغائط، والبول، والمَذْي، والوَدْي، والريح، والصوت، ومَسِّ الذَكَر، والملامسة، والنوم؛ يريد البَيِّن (الكثيرُ المُستثقَل).
1/- الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ:
أ/- خُرُوجُ الْبَوْلِ أَوْ الْغَائِطِ مِنْ مَخرَجِه الْمُعْتَاد.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾{النساء: 43}.
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (96)؛ عن صَفوانَ بن عسَّال -رَضِيَ اللهُ عنه- قَالَ: «كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرُنا إذا كنَّا على سفرٍ أنْ لا ننزِعَ خِفافَنا ثلاثة أيَّامٍ ولياليَهنَّ، إلَّا من جنابةٍ، ولكنْ من غائطٍ وبَولٍ ونومٍ».
ب/- الرِّيح:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (135) وَاللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (225) فِي "صَحِيحهِما"؛ عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «لا تُقبَلُ صلاةُ مَن أحْدَثَ حتَّى يتوضَّأَ»، قال رجلٌ مِن حَضرمَوت: ما الحدَثُ يا أبا هُرَيرةَ؟ قال: ''فُساءٌ أو ضُراطٌ''.
ج/- المَذْي:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (132) ومُسْلِمٌ (303) وَاللَّفْظُ لَهُ، فِي "صَحِيحهِما"؛ عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: "كنتُ رجلًا مذَّاءً، وكنتُ أستحيِي أنْ أسألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِمكانِ ابنَتِه، فأمرتُ المِقدادَ بنَ الأسودِ، فسأَلَه، فقال: «يَغسِلُ ذَكَرَه ويتوضَّأُ».
د/- الوَدْي:
• خروجُ الوَدْي ناقضٌ للوُضوءِ؛ نقَل الإجماعَ على ذلك ابنُ عبدِ البَرِّ:
-> قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ في "الاستذكار" (1/157): «وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ الذَّكَرِ وَالدُّبُرِ .. فَفِيهِ الْوُضُوءُ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمَذْيَ وَالْوَدْيَ فِيهِمَا الْوُضُوءُ وَلَيْسَا مِنَ الْمُعْتَادَاتِ الَّتِي يُقْصَدُ الْغَائِطُ لَهُمَا».
2/- الخارج من غير السَّبيلين: كالدَّم (الرُعَافُ)، والقَيءِ، القلس.
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (87)؛ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَتَوَضَّأَ فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: صَدَقَ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ.
- قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَابْنُ أَبِي طَلْحَةَ أَصَحُّ، وَقَدْ رَأَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ الْوُضُوءَ مِنَ الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ فِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وُضُوءٌ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَقَدْ جَوَّدَ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُ حُسَيْنٍ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ..».
3/- النَّومُ الكثيرُ المُستثقَل ناقضٌ للوضوءِ:
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (96)؛ عن صَفوانَ بن عسَّال -رَضِيَ اللهُ عنه- قَالَ: «كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرُنا إذا كنَّا على سفرٍ أنْ لا ننزِعَ خِفافَنا ثلاثة أيَّامٍ ولياليَهنَّ، إلَّا من جنابةٍ، ولكنْ من غائطٍ وبَولٍ ونومٍ».
-> قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ فِي "النَّوَادِرِ وَالزِّيَادَات" (ج01/ص48): قال عليٌّ، عن مالك في المجموعة: وقد كان شيوخنا ينامون جلوسًا ولا يتَوَضَّئون، وأكثر ذلك يوم الجمعة. قال عنه ابن نافع: إلاَّ أن يطول. قال عنه ابن القاسم: إلاَّ المحتبي. وفي من نام مضطجعًا، قال: إن استثقل تَوَضَّأَ.
4/- زَوَالُ الْعَقْلِ بِالْجُنُونِ أو الْإِغْمَاءِ أو السُّكْر:
-> قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي "الأوسط" (1/250): «أجْمعوا على إيجابِ الطَّهارةِ على مَن زال عَقلُه بجُنونٍ أو إغماءٍ».
-> قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي "الإجماع" (02): «وأجمعوا على أن خروج الغائط من الدبر، وخروج البول من الذكر، وكذلك المرأة، وخروج المني، وخروج الريح من الدبر، وزوال العقل بأي وجه زال العقل؛ أحداث ينقض كل واحد منها الطهارة، ويوجب الوضوء».
5/- مسُّ الفرْج:
• مسُّ الرجُلِ ذَكَره ومسُّ المرأةِ فرْجَها:
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (82)؛ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلَا يُصَلِّ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ". وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَأَبِي أَيُّوبَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وأَرْوَى بْنَةِ أُنَيْسٍ، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرٍ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، هَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِثْلَ هَذَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرَةَ.
← أَخَرَجَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِه" (7076)؛ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو بن العاصِ -رَضِيَ اللهُ عنهما-: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «أيُّما رَجلٍ مسَّ فَرجَه، فلْيتوضَّأ، وأيُّما امرأةٍ مسَّت فرجَها، فلْتتوضَّأْ».
- قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "عِلَلِهِ" (55): قَالَ مُحَمَّدٌ (الْبُخَارِيُّ): «وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي مَسِّ الذَّكَرِ هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ».
6/- مسُّ المرأةِ:
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾{النساء: 43}.
← قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (5367): حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) قَالَ: الْجِمَاعُ.
- قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ عَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَحْوُ ذَلِكَ.
← قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور"ِ(ج02/ص550): أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر؛ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كُنَّا فِي حجرَة ابْن عَبَّاس ومعنا عَطاء بن أبي رَبَاح وَنَفر من الموَالِي وَعبيد بن عُمَيْر وَنَفر من الْعَرَب فتذاكرنا اللماس فَقلت أَنا وَعَطَاء والموالي: اللَّمْس بِالْيَدِ.
وَقَالَ عبيد بن عُمَيْر وَالْعرب: هُوَ الْجِمَاع.
فَدخلت على ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ:"غُلِبَتْ الموَالِي وأصابت الْعَرَب"، ثمَّ قَالَ: «إِن اللَّمْس والمس والمباشرة إِلَى الْجِمَاع مَا هُوَ وَلَكِن الله يكني بِمَا شَاءَ».
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" ( 86)؛ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَتْ».
- قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالُوا: لَيْسَ فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: فِي الْقُبْلَةِ وُضُوءٌ.
وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، وَإِنَّمَا تَرَكَ أَصْحَابُنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ لِحَالِ الْإِسْنَادِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْعَطَّارَ الْبَصْرِيَّ يَذْكُرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: ضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: هُوَ شِبْهُ لَا شَيْءَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَلَا نَعْرِفُ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ سَمَاعًا مِنْ عَائِشَةَ».
7/- أكْلُ لَحمِ الجَزورِ (الإبل):
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (81)؛ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: "تَوَضَّئُوا مِنْهَا". وَسُئِلَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: "لَا تَتَوَضَّئُوا مِنْهَا".
- قَالَ التِّرْمِذِي:ّ«قَالَ إِسْحَاقُ: أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَدِيثُ الْبَرَاءِ، وَحَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ».
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (360)، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا تَوَضَّأْ". قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ". قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: لَا.
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [كُفْرُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ]
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [مَسَائِلُ فِي الصِّيَامِ]
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [عقود الزواج]
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالمَرْأَةِ(01)]
📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالمَرْأَةِ(02)]
وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين