وسائل فهم العلم والفتح فيه
وسائل فهم العلم والفتح فيه.
* الجواب:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
• من أعظم وسائل فهم العلم والفتح فيه وأن تحصل في وقت يسير ما لا يحصله غيرك في سنين مديدة ما يلي:
1)- صدق اللجأ لله وطلب معونته وتوفيقه وتسديده في العلم وإخلاص النية فيه -وتصحيح ومراقبة النية- واحذر أن يتسلل لقلبك حب الرياسة والتصدر والشهرة، فما صدق مع الله من أحب الشهرة.
• والعلم عبادة وأي عبادة؛ ونشر السنة خير من عبادة مائتي سنة كما قال الإمام التابعي "الزهري" واستحضر أن هذا عمل الأنبياء والصديقين.
2)- ومن أبرز وسائل تحصيل العلم طريقة ووسيلة ما فعلها طالب علم إلا فتح له -بفضل الله- فتحا لم يكن يخطر بباله، وهي "الاستخارة" والاستخارة علقت في الحديث بمجرد الهم بالأمر وليست خاصة بالتردد والحيرة، وهي دعاء يجوز تكراره والإكثار منه عند وجود علته وسببه وهو الهم بالأمر قل أو كثر.
- و"الاستخارة" لا تختص -بالصلاة- فيجوز الدعاء بها في كل وقت دون صلاة وإن كانت الاستخارة في الصلاة أكمل.
• والمقصود "الاستخارة" وتكرارها يوميا لأمرين أو أكثر:
- الأول: الاستخارة لكل مجلس لك أو وقت تخصصه للعلم.
- الثاني: تستخير بشأن الكتاب المقروء أو المسموع أو المسألة التي أنت بصدد بحثها ودراستها.
- وقد كان الإمام "البخاري" يستخير لكل حديث يدرجه في صحيحه، وبذلك تستخير يوميا مرتين أو أكثر حسب ما تهم به من أمور العلم.
• ووالله إن لهذا من الخير والفتح والبركة والتوفيق والتسديد وتيسير فهم العلم مالا تحيط به عبارتي ووصفي.
3)- من أعظم وسائل الفهم وتوسيع المدارك وفقه جذر كل مسألة ومحترزاتها وما يخرج منها مما يشتبه بها ومناط وتأصيل كل ذلك وتعزيز ملكة النقد ومن ثم النقض والرد على الشبه واللبس والمخالفات والضلالات المبنية على قواعد وأصول الزيغ و التضليل، بعد إتمامك لتأصيلك العلمي الشرعي ولا سيما في التوحيد والسنة وبعض من علوم أصول الفقه والقواعد الفقهية ولا سيما شرح قواعد "ابن رجب" ونحوه.
- علم مهم جدا لتلقيح الأفهام وتوسيع المدارك وهو علم الفروق والاستثناء وإن كان يأتي في مرحلة لاحقة -.
4)- علم فهم تأصيل المسائل ومحترزاتها: وهو في غاية الأهمية ولا تسطيع اكتسابه إلا من قراءة الردود العلمية المنضبطة الصحيحة في الفقه والتوحيد وغيرها من العلوم وإن كانت هذه مرحلة لاحقة لمرحلة التأسيس وفهم ردود واستيعاب مواضع الخلل في قول الخصوم سواء في الفهم أو طريقة الاستدلال وكثرة التطبيق والتمثيل وقراءة الردود بعد فهم أصل المسألة (يرسخ لديك مدارك الفهم والاستيعاب ويعزز ملكة النقد والنقض للأقوال المخالفة للحق سواء كانت من الضلال أو مما يسوغ من الأخطاء في مسائل العلم)، وهذه الملكة تأتي بالمران وكثرة القراءة للردود بعد فهم أصول المسائل التي تقرأ بشأنها وهي تماما كعلم النحو والفرائض والرياضيات لا تضبطها إلا بتكرار الأمثلة التطبيقية.
• فتأصيلك لأصول الفهم والنقد والاحتراز دون مداومة ذلك واقعا وتطبيقا يبقى في دائرة العلم النظري الذهني الذي لا تفيد منه مالم تعانيه وتطبقه واقعا بصورة متكررة.
5)- ركز على الأدلة التفصيلية لكل مسألة بعينها وتأمل ما يندرج في معنى هذه الأدلة.
6)- لا تتسرع في "فهم" ثم تدعوا إليه قبل سبر المسألة والتأني فيها.
• منهجيات ومراحل طلب العلم تختلف من شخص لآخر وهناك قواسم مشتركة بين هذه المناهج المختلفة ومن الخطأ عدم التنبه للفروقات، والسلف كانوا يراعون ذلك ومن ذلك نصيحة "ابن المبارك" -رحمه الله- لمن أراد حفظ القرآن وطلب العلم، والذي يحدد نوعية ما يناسب الشخص خمسة أمور:
1)- حسب مقدار سنك.
2)- ومستوى حفظك.
3)- ووقتك وفراغك من خلال كسب رزقك وعائلتك وظروفك الاجتماعية والصحية.
4)- همتك وصبرك وجلدك -وكل أعرف بنفسه-.
• وهناك مناهج عامة مثالية وهناك خاصة تناسب ظروف وحالة وخصوصية كل شخص، وهناك أسرار لبركة العلم والفهم وأسرار للحفظ والفهم والاستيعاب -ولنا وقفة أخرى بإذن الله-.
5)- راجع:
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه أجمعين.