آخرُ المواضيع

مسألة سنن العادة وسنن العبادة

 



 
 
 

 مسألة سنن العادة وسنن العبادة

 

 ❍ المسألة: 

 

💬 مسألة سنن العادة وسنن العبادة، وبيان حقيقة هذا التفريق، وأنه لا يصح هذا التفريق دون ضابط.

 

 

 ❍  جوابها: 

 

- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:

◉ مَسْأَلَةُ سُنَنِ الْعَادَةِ وَسُنَنِ الْعِبَادَةِ، هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ وَكَثُرَ تَخْلِيطُ الْمُعَاصِرِينَ فِيهَا وَأتَوْا فِيهَا بِأَشْيَاءَ لاَ يَعْرِفُهَا السَّلَفُ أَصْلًا.

-  أَوَّلُ مَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ هَذَا الْمُصْطَلَحُ وَهَذَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ سُنَنِ الْعَادَةِ وَسُنَنِ الْعِبَادَةِ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ بِدْعِيٌّ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا يَعْرِفُهُ السَّلَفُ أَصْلًا، وَضَابِطُ التَّفْرِيقِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى حَسَبِ أَهْوَائِهِم وَأَغْرَاضِهِم، وَلَكِنَّ أَقْرَبَ تِلْكَ الْأَقْوَالِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْعِلْمِ قَوْلُ مَنْ قَالَ ''أَنَّ سُنَنَ الْعِبَادَةِ لاَبُدَّ أَنْ تَكُونَ عِلَّتُهَا مَعْلُومَةً''؛

• وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ مَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ فَعَلَهُ نَفْعَلُهُ وَلَوْ لَمْ نَعْلَمْ عِلَّتَهُ؛ وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الَّذِينَ هُمُ الْأُسْوَةُ وَبِهِمُ الْقُدْوَة:

← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (1597) وَاللَّفْظُ لَهُ، ومُسْلِمٌ (1270)، فِي صَحِيحيْهِما؛ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: «إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ».

- فَهَذَا الْأَثَرُ يُبْطِلُ قَضِيَّةَ إدْرَاكِ الْعِلَّةِ وَأَنَّ سُنَنَ الْعِبَادَةِ عِلَّتُهَا مَعْلُومَة، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ فَقَال:َ«إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ»؛ لَا يَعْلَمُ لِمَاذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَد؟

• هَذَا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ ذلكَ الأصل الَّذي أَتَوْا بِهِ، وَعَلَيْه فَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ سُنَّةٌ فَلَا يُقَالُ فِيهِ سُنَّةُ عَادَةٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ.

- وَمَا لَمْ يَكُنْ بِسُنَّةٍ فَإِنَّ الآثَارَ تَأْتِي بِبَيَانِهِ، بِمَعْنَى أَنَّ الضَّابِطَ فِي إخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَأْتِيَ أَثَرٌ أَوْ قَوْلُ صَحَابِيٍّ يَنُصُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ؛ مِنْ ذَلِكَ مَثَلًا:

← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" (1756)؛ عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ، فَطَافَ بِهِ.

- (رَقَدَ رَقْدَةً بِالْمُحَصَّبِ)؛ هَذَا الْفِعْلُ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إلَّا أَنَّ نُزُولَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَالنَّوْمَ فِيهِ جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ يَعْنِي لَيْسَ بِسُنَّةٍ:

← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (1766)، ومُسْلِمٌ (1312)، فِي صَحِيحيْهِما؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم».

”الْأَصْلُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَهُ الْعَبْدُ وَأنْ يَدِينَ بِهِ وَأنْ يَتَتَبَّعَهُ، أَنَّ كُلَّ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ أَوْ عَنْ صَحَابَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ؛ شَيْءٌ مَثَلًا جَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَعَلُوهُ، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْضُ الْآثَارِ تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ سُنَّةً، نَقُولُ جَاءَتْ الْآثَارُ بِنَفْيِ هذَا الفِعل أنْ يَكونَ سُنَّةً، هَكَذَا الضَّابِطُ؛ وهوَ الِاتِّبَاعُ لِلْآثَارِ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُمْ“

 

 

 وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين