أوتاد الطاغوت (الجيش، والشرطة،...وسلك الجندية عموما)
أوتاد الطاغوت (الجيش، والشرطة،...وسلك الجندية عموما)
❍ المسألة:
💬1/- فهل الحكم على من يلج سلك الشرطة والجندية متعلق بولوجه هذا السلك أم أن تعلقه بالمهام الموكلة إلى الشخص نفسه كحراسة مبان أو مراقبة طرق منعا للسرقات؟
- وما حكم من يعمل في هذا السلك وهو يقر ''أن لا حكم إلا لله''، و''أن التحاكم إلى غير حكمه كفر''، ويقر أن عمله قاصر على ضمان أمن الناس دون تحاكم إلى غير شرع الله؟
💬2/- هل يختلف حكم الدار عن حكم ساكنيها؟
- وما حكم من قال أن المجاهيل من أقوامنا تكفيرهم ليس من أصل الدين؟
💬3/- هل نسمي هذه الدول العربية بأمة محمد ﷺ أو لا، وما هي الأمة التي قال عنها النبي عليه الصلاة و السلام: «..والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار". قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: "الجماعة"»؛ (الحديث)؟
❍ جوابها:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
💬 سؤال عن حكم الجندية:
ج01/- الْحُكْمُ عَلَى مَنْ يَلِجُ هَذَا السِّلْكَ سَلَك الشُّرْطَةِ والجُنْدِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِوُلُوجِهِ السِّلْك ابْتِدَاءً، لَا بتَعَلُّقِهِ بِالْمَهَامِ الْمُوكَلَةِ إلَيْه، لِأَنَّ هَذَا السِّلْكَ عُمُومًا إنَّمَا هُوَ سِلْكٌ يُنَفِّذُ أَحْكَامًا تَشْرِيعِيَّةً، وَمِنْ جُمْلَةِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ التَّشْريعِيَّةِ تَشْرِيعُ الْكُفْرِ.
• فَهُو يُنْفِذُهُ وَيُنَفِّذُهُ وَيَمْتَثِلُ ذَلِكَ الْأَمْرَ، ثُمَّ إنَّ مَنَاطَ الْكُفْرِ فِي هَذَا الْبَابِ هُو التَّوَلِّي؛ هُو تَوَلِّيهِ عَلَى دِينِهِمْ الكُفْرِيِّ الَّذِي فِيهِ مُنَازَعَةُ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا فِي تَشْرِيعِهِ، فَهُم يُشَرِّعُونَ الْكُفْرَ.
- مِنْ جُمْلَةِ مَا يُلْزَمُ بِهِ هَذَا الَّذِي سَلَكَ هَذَا السِّلْكَ وَدَخَلَ فِي هَذَا السِّلْك أَنَّهُ يُنْفِذُ أَحْكَامًا كُفْرِيَّةً، هُو مُتَوَلٍّ لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ الكُفْرِيِّ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتَعَالَىٰ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾{المائدة: 51}،
- كَمَا أَنَّ مِنْ مَنَاطَاتِ كُفْرِه كَذَلِك؛ إِعَانَتُهُم عَلَى الْكُفْرِ: وَإِعَانَتُهُ، إعَانَةٌ عَلَى وُجُودِ الْكُفْرِ وَالْإِعَانَةُ الكُفْرِيَّةِ ضَابِطُهَا أَنَّ بِوُجُودِهَا يُوجَدُ الْكُفْرُ، وبانْتِفائِها يَنْتَفِي الْكُفْرُ؛ فَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّشْريعِيَّةِ الكُفْرِيَّةِ الطَاغُوتِيَّةِ، لَا يَكُونُ وُجُودُهَا فِي وَاقِعِ النَّاسِ إلَّا بِوُجُودِ هَذَا السِّلْك، كسِلْكِ الشُّرْطَةِ، وَسِلْكِ الجُنْدِيَّةِ عُمُومًا.
• فَلَا مَعْنَى لِهَذِه الْعِلَلِ المُتَهَافِتَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى إرْجَاءِ هَذَا ''الْوَتَدِ'' بَعْدَ كُفْرِهِ وَعَلَى تَجَهُّمِهِ، فَكَوْنُه يُقِرُّ ''أَنْ لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ''، و''أَنَّ التَّحَاكُمَ إلَى غَيْرِ حُكْمِهِ كُفْرٌ''، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَوَلَّى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ عَلَى دِينِهِمْ الكُفْرِيِّ ويُعِينُهُم عَلَى وُجُودِ الْكُفْرِ؛ هَذَا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ فَاعِلًا لِلْكُفْرِ، فَهُو جَهْمِيٌّ فِي بَابِ الِاعْتِقَادِ، يَعْتَقِدُ اِعْتِقَادًا وَيُخَالِفُه عَمَلًا، فَيَقْصُرُ الْإِيمَانَ عَلَى مُجَرَّدِ الِاعْتِقَادِ وَالْقَوْلِ.
* أَيْنَ الْعَمَلُ، أَيْن مُجَانَبَةُ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ، أَيْنَ تَرْكُ إِعَانَةِ الْكَافِرِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ، أَيْنَ الْبَرَاءَةُ مِنْ دِينِهِمْ الكُفْرِيِّ، أَيْن كُلُّ هَذَا؟
”وَهَؤُلَاءِ الشُّرْطَة والجُنْدِيَّةِ عُمُومًا؛ هَؤُلَاءِ مِنْ أَوْتَادِ الطَّاغُوتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ﴾{الفجر: 10}؛ مَنَاطُ كُفْرِهِم ظَاهِرٌ وَهُوَ التَّوَلِّي وَالْإِعَانَة، وَلَا شَكَّ فِي كُفْرِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُم، وَلَا مَعْنَى لِهَذِهِ الْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرَهَا السَّائِلُ عَمَّنْ ذُكِرَتْ عَنْهُ، هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ“
ــــــــــــــــــــــــ
◉ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ ﴿وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد﴾(الفجر: 10).
← قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور"ِ(ج08/ص506): أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد﴾؛ قَالَ: الْأَوْتَادُ، الْجُنُودُ الَّذِينَ يُشَيِّدُونَ لَهُ أَمْرَهُ.
← قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِ اللُّغَة" (ج08/ص153): قَوْلُهُ تَعَالَى﴿يُؤْمِنُونَ بالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ﴾ (النِّسَاء: 51)، الطَّاغُوت: مَا عبد من دون الله عز وَجل، قَالَ أَبُو إِسْحَاق (بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوت)، هَاهُنَا: ابْن أخْطُبْ، وَكَعب ابْن الاشرف اليهوديان (المُبدلان لِأَحْكَام الله)، لأَنهم إِذا اتبعُوا أمرهما فقد أطاعوهما من دون الله.
• أمرهم ودينهم اليوم الذي شرع لهم (الدستور)؛ دين الديمقراطية والعلمانية والليبرالية والاشتراكية ..وغيرها من الأنظمة الكفرية، ينتخبونه (يختارونه)، يدافعون عنه (محاربة الإرهاب)، ينفذونه (يسهرون على تطبيقه)، يتحاكمون إليه (المحاكم)،...
◉ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ (الشورى: 21).
• قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: شَرَعُوا لَهُمْ دِينًا غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ.(تفسير البغوي)
◉ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ﴾ (النساء: 76).
← قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(891): (يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ)، يَعْنِي فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ وَطَرِيقِهِ وَمِنْهَاجِهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ.
← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(891)؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَذَاكَرَ فِرْعَوْنُ وَجُلَسَاؤُهُ مَا كَانَ اللَّهُ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا وَائْتَمَرُوا، وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رِجَالًا مَعَهُمُ (الشِّفَارُ) يَطُوفُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَا يَجِدُونَ مَوْلُودًا ذَكَرًا إِلَّا ذَبَحُوهُ، فَفَعَلُوا ..».
- (الشِّفَارُ): جمع الشَّفْرَةُ.
• قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِ اللُّغَة"(ج11/ص240): وَقَالَ اللَّيْث: الشَّفْرَةُ: هِيَ السِّكّين الْعَرِيضَة، وَجَمعهَا شَفْرٌ وشِفَار. وشَفَرَاتُ السُّيُوف: حروفُ حَدِّها.
← قال يحي بن سلام في كتاب "التصاريف" (ص:301): الوجه الثاني: خَاطِئِينَ يعني مشركين.
وذلك قوله في طسم القصص: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ﴾؛ يعني مذنبين بالشرك.
◉ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾(المائدة: 60).
← قَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه" (6563): حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ أَبِي لَيْلَى (وَعَبَدَ الطَّاغُوت) فقال: فَخَدَمَ الطَّاغُوتَ.
• الخدمة ومولاة والنصرة وغيرها في (الكفر والشرك)؛ وهذا ضابط مهم جدا فتنبه.
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ۞ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ۞ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ۞ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ۞ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾{الأحزاب: 64-68}.
← قَالَ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُور" (ج06/ص664): أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ:﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ أَيْ: رُؤُوسَنَا فِي الشَّرِّ وَالشِّرْكِ.
← أَخَرَجَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ" (ج20/ص331)؛ عَنْ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ قَالَ: هُمْ رُءُوسُ الْأُمَمِ الَّذِينَ أَضَلُّوهُم،ْ قَالَ: سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا وَاحِدٌ.
◉ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله كفرنا بكم﴾[الممتحنة: 04].
• قَالَ ابْنُ أبي زَمَنِينَ فِي "تَفْسِيرِهِ" (ج04/ص377): أَي؛ بِوَلَايَتِكُم فِي الدّين.
- وقَالَ ابْنُ أبي زَمَنِينَ (ج02/ص32): قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} أَيْ: فِي الدِّينِ {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم} فِي الدِّينِ {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.
• قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: «شَرَعُوا لَهُمْ دِينًا غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ»(تفسير البغوي)
← أَخَرَجَ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (ذِكْرُ الْوَعِيدِ لِمَنْ أَعَانَ أَمِيرًا عَلَى الظُّلْمِ) (4207)؛ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ تِسْعَةٌ، فَقَالَ: "إِنَّهُ سَتَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ، مَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَارِدٌ عَلَيَّ الْحَوْضَ".
• هذا الْوَعِيد لِمَنْ أَعَانَ أَمِيرًا مسلما عَلَى الظُّلْمِ؛ ما بالك اليوم بإعانة الطاغوت على الكفر البواح!
← أَخَرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِير" (7616)؛ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ يَقُولُ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ شَرَطَةٌ، يَغْدُونَ فِي غَضِبِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِي سَخَطِ اللهِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ بِطَانَتِهِمْ».
❍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا﴾{المائدة: 51}.
← أَخَرَجَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِه"ِ(7900)؛ عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ تَعَالَىٰ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا﴾؛ قَالَ: إِنَّمَا يُوَالِي اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ، فَالْمُؤْمِنُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِ أَيْنَمَا كَانَ، وَلَيْسَ الإِيمَانُ بِالتَّحَلِّي وَلا بِالتَّمَنِّي، وَلَعَمْرِي لَوْ عَمِلْتَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَمْ تَعْرِفْ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ مَا ضَرَّكَ ذَلِكَ، وَلَوْ عَمِلْتَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَتَوَلَّيْتَ أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ مَا نَفَعَكَ ذَلِكَ شَيْئًا.
← قَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرو بن الحارث: أَنَّ رَجُلا دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى وَلِيمَةٍ، فَلَمَّا جَاءَ سَمِعَ لَهْوًا، فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكًا لِمَنْ عَمِلَهُ".[رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، ورواه علي بن معبد في كتاب (الطاعة والمعصية)، ورواه بن المبارك في كتاب الزهد والرقائق موقوفا على أبي ذر].
←📥 راجع هذه المقالة: [مَعنَى الطّاغُوت عندَ السّلفِ]
← 📥 راجع هذه المقالة: [كَشْفُ الالتباسْ على عدمِ إعذارِ من كان حاله "كالعبّاس"]
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 من كان في دار فله حكم أهلها:
ج02/أ- هَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ، لَكِنَّ خُلَاصَةَ الْأَمْرِ أَنْ نَقُولَ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارٍ فَلَهُ حُكْمُ أَهْلِهَا، فَلَا تَمَايُزَ بَيْنَ حُكْمِ الدَّارِ وَحُكْمِ مَنْ يَسْكُنُهَا، هَذَا الْأَصْلُ.
- وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَاسْتِثْنَاءٌ، كَأَنْ تَكُونَ الدَّارُ دَارَ كُفْرٍ وَأَهْلُهَا مُسْلِمُون كَدَارِ الْمَأْمُونِ مَثَلًا أَوْ الْعَكْسُ، فَتَكُونُ الدَّارُ دَارَ إسْلَامٍ، وَأَهْلُهَا كُفَّارٌ كَخَيْبَر مَثَلًا.
• هَذِهِ اِستِثْنَاءَاتٌ، وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا كَانَ أَصْلًا وَبَيْنَ مَا كَانَ اسْتِثْنَاءً وَقَعَ فِي خَلْطٍ عَظِيمٍ، وَمَنْ نَظَرَ فِي بَعْضِ الْمُنْتَسِبِينَ سَوَاءٌ إلَى التَّوْحِيدِ وَالْأَثَر، أَوْ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى أُصُولِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ؛ مَنْ تَأَمَّلَ وَنَظَرَ فِي كَلَامِهِمْ عَرَفَ هَذَا الَّذِي أَقُولُ، هَذَا الْخَلْطُ وَالتَّخْلِيطُ الَّذِي وَقَعُوا فِيهِ -واللَّهُ المُسْتَعانُ-.
- وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لاَبُدَّ أَنْ تُضْبَطَ عَلَى أُصُولٍ سَلَفِيَّةٍ أثَرِيَّةٍ بَعِيدًا عَنْ غَبَشِ الْأَهْوَاءِ وَكَلَامِ أَهْلِ الضَّلالَةِ، مُجَرَّدَ أَنَّك تَرَى كَلَامًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ؛ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، جَهْمِيٌّ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَوَّلُ مَا تَفْعَلُهُ أنَّك تُعْرِضُ عَنْ كَلَامِهِ ابْتِدَاءً، ابْتِدَاءً، حَتَّى تَجِدَ الْأَثَرَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْآثَارَ فَسْتَمْسِكْ بِهَا.
”وَالْآثَار هَذِه مَثَلًا إنْ كَانَتْ فِي بَابٍ وَكَانَت قَلِيلَةً فالتَّمَسُّكُ بِهَا وَاجِبٌ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِصَابَةِ الْحَقِّ عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ الْحَقِّ، ومَا خَالَفَ الْأَثَرَ هَذَا كَمَا قَالَ شُعْبَةُ «مَا حَدَّثُوكَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبِلْ عَلَيْهِ، وَمَا حَدَّثُوكَ عَنْ رَأْيِهِمْ فَأَلْقِهِ فِي الْحُشِّ»؛ هَذَا الضَّابِط، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ“
ب/- مَن قالَ أنَّ الْمَجَاهِيلَ مِن أقْوَامِنا تَكفِيرُهم لَيْسَ مِن أصلِ الدِّين، لأنَّه لَمْ يَرَ مِنْهُمْ كُفرًا:
•(نُلزِمُهُ) بطَردِ الأصلِ فَيَقُول ذلكَ أَيْضًا فِي دُورِ الْيَهُود، النّصارى، والرّافِضَة.
- فَإِنْ قَالَ: نَعَم؛ هَذَا أَصْلٌ مُطْرَدٌ فِي كُلِّ دَارٍ؛ بان كُفرَهُ واتّضَحَ.
- وَإِنْ قَالَ: لَا، لَيْس مُطرَدًا إنَّمَا هُوَ فِي هَذِهِ الأمّةِ المُنتَسِبَة لِلْإِسْلَام.
• قُلْنَا: فَلَمَ استَثْنَيْتَها، والكُفرُ جَامِعٌ ظَاهِرٌ فِي دَارِ هَؤُلَاء المُنتَسِبِينَ، وَفِي دُورِ الْيَهُود والنَّصارَى.
- فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: لأنّهم يَأْتُون بِالشَّهَادَة، وإمّا أَلَّا يَقُولَ شيئًا، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ شيئًا (بانَ عُوَارُ مُعْتَقَدِه).
- وَإِنْ قَالَ: لِأَجْل الشَّهادَةِ.
• قُلْنَا: فَدَارُ مُسَيْلِمَة كَانَتْ عَلَى الشَّهادَةِ وَالشَّعِيرَة، فَهَلْ تُخْرِجُ تَكفِيرَهُم مِنَ الأصلِ؟
- فَإِنْ قَالَ: لَا، تَنَاقَضَ.
- وَإِنْ قَالَ: نَعَم، بانَ جَهلُهُ.
- وَإِنْ قَالَ: هَؤُلَاءِ مُرتَدُونَ،
• قُلْنَا: حُكمُ التَّكفِيرِ وَاحِدٌ يَلْحَقُ الْمُرْتَدّ، كَمَا يَلْحَقُ الْأَصْلِيّ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ﴾{القمر: 41}، فَإِن أَذْعَنَ وَإِلَّا ازْدَادَ كُفرًا . . !
”نَعَم؛ وُجُودُ الْمَجْهُولِ شَيْءٌ ضَرُورِيٌّ عَقلاً، وَلَكِنْ لَا تَمايُزَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الْمَعْلُومِ فِي أيِّ حُكمٍ، لأنّ كِلَا الصِّنفَيْنِ (مَأمُورٌ)“
ـــــــــــــــــــــــــــ
📥 راجع هذه المقالة: [تَنْبِيهَاتٌ عَلَى قِصَّةِ "زَيْدِ بنِ عمروِ بن نُفَيْلٍ"]
📥 راجع هذه الفتوى: [قصة "مالك بن نويرة" لا دليل فيها "للشعائرية"]
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 ليسوا من أمة محمد ﷺ:
ج03/- الأُمَّةُ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللّٰهِ ﷺ تُطْلَقُ بِلَفْظِ (الأُمَّةِ)، وَتُطْلَقُ بِلَفْظِ (أُمَّتِـــي).
• فالأوَّلُ: يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ المُنْتَسِبِينَ كَالْيَهُودِ والنَّصَارَى:
← أَخْرَجَ مُسْلِمٌ (153) وَاللَّفْظُ لَهُ، وأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِه" (8203) ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ [الْأُمَّةِ] يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ».
- والثَّاني: يطلقُ و يرادُ به:
أ/- أُمَّةُ الِاسْتِجَابَة: وهم من ثبتَ إسلامهم، وإن لحقهم الوعيدُ بالبدعةِ الْمُفَسِّقَة التي لا تخرج من الملّة كالإرجاء، و القول بِالْقَدَرِ ... الخ.
ب/- أُمَّةُ الدَّعْوَةِ: وَهُم المُنْتَسِبُونَ وإن كانوا كفّارًا كالرّافِضَةِ، لهذا عَدَّ ابْنُ الْمُبَارَكِ وغيره الرّافِضَة من الفرق التي تَشَعَّبَت منها الفرق.
◉ وأمَّا جوابُ السُّـؤال فيقالُ:
• لَا تُسَمَّى هَذِهِ الأمَّةُ العربيَّة بأمَّة رسولِ اللّٰه ﷺ، بل أمتهُ من "آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ".
← وَقَد اِسْتَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أن يُقَالَ أنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أُمَّةِ مُحمَّدٍ ﷺ؛ وقال: «أَيَقُولُ هَذَا مُسْلِمٌ؟!»، و «هَلْ يَشْفَعُ رَسُولُ اللّهِ ﷺ لليَهودِ والنَّصارَىٰ!» -كَمَا فِي كِتَابِ أَهْلِ الْمِلَلِ لِلْخَلَّال-(۱).
- وأمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللّٰهِ ﷺ "وستفترقُ أمَّتي .." (الْحَدِيثُ)، فَهَذَا الْحَدِيثُ يَشْمَلُ مَنْ بِدْعَتهُ مُفَسِّقَةً وَيَشْمَلُ مِنْ بِدْعَتهُ مُكَفِّرَةً وَهُو باقٍ عَلَى الانتسابِ لِلْإِسْلَام.
”وَلَكِن حالَ الإطْلَاقِ لَا يُقالُ أنّ هَذِه الأمَّة الْعَرَبِيَّة مِنْ أمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ“
ــــــــــــــــــــــــ
۱- قال الْخَلَّالُ فِي "أَحْكَامِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالرِّدَّة" (ج01/ص05): [باب الرد على من قَالَ إن اليهود والنصارى من أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]؛ أَخْبَرَنَا المروذي، قَالَ: سألت أبا عبد الله عن اليهود والنصارى، من أمة محمد هم؟ فغضب غضبا شديدا، وقال: هذه مسألة قذرة، لا يتكلم فيها.
• قلت (الْخَلَّالُ): فأنكر على من قَالَ ذا؟ قال: هذه مسألة قذرة جدا لا يتكلم فيها، وعاب أبو عبد الله على من تكلم فيها.
(02)- فغضب وقال: يقول هذا مسلم؟! أو كما قَالَ.
- النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقول: «اختبأت شفاعتي لأمتي»؛ أيشفع إذا لليهود والنصارى؟ يقول هذا؟
(07)- أَخْبَرَنِي عبد الله بن أحمد، قَالَ: سألت أبي عن اليهود، والنصارى، من أمة محمد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: قَالَ النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في حديث الشفاعة: " فأقول: أمتي".
- قَالَ أبي: فليس ترى أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يشفع إلا لأمته من المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــ
وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين