الزيارة الشركية للأضرحة والمعابد
الزيارة الشركية للأضرحة والمعابد
❍ السؤال:
💬01/- ما حكم من يذهب إلى مواسم تقام بجوار أضرحة وهو يقر أن صرف أي عبادة لغير الله شرك أكبر وأن مقصده من زيارتها التجارة أو لقاء أهل قبيلته أو ركوب الخيل (التبوريدة)، وإذا سئل عن الذبح الذي يكون بجوار الضريح أقسم أن الذبح لا يكون إلا لله وأن تحري الذبح بذاك المكان إنما هو رجاء البركة لفضل المكان، ويقسم أنه بريئ ممن يذبح لغير الله، وأن من سأل غير الله لجلب نفع أو دفع ضر أنه مشرك لا حظ له في الإسلام؟
- نرجو منكم جوابا مفصلا عن من هذا حاله، وعن مناطات الحكم عليه.
💬02/- كما نعلم بأن ذبيحة المرتدين محرمة على الموحدين، ولكن السؤال: إذا طبخ الطعام بلحم من ذبائح المشركين، هل يؤكل الطعام ويرمى اللحم أم أن الطعام كله محرم؟
💬03/- هل يجوز التكلم والسؤال عن التكفير هل هو من أصل الدين أم من واجباته؟
❍ الجواب:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
ج/01- لَابُدَّ أَنْ يُعْلَمَ ابْتِدَاءً أَنَّ شِرْكَ الْقُبُورِ والأضْرِحَةِ وَدُعَاءَ الْأَمْوَاتِ وَسُؤَالَهُم وَالذَّبْحَ لَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ وأغْلَظِهِ؛ وَالْوَاقِعُ فِيهِ كَافِرٌ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالدَّاعِي إلَيْهِ وَمُزَيِّنُهُ طاغُوتٌ كَافِرٌ بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كَحَالِ عُلَمَاءِ القُبُورِيَّةِ وَدَعَاَةُ الصُّوفِيَّة الكُفْرِيَّةِ الخُرَافِيَّة، فَهَؤُلَاءِ طَوَاغِيتٌ.
• وَلَابُدَّ أَنْ يُعْلَمَ كَذَلِكَ أنَّ وُقُوعَ هَذَا الشِّرْك شِرْكُ الْقُبُورِ مِمَّا جَاءَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (7116)، ومُسْلِمٌ (2906)، فِي صَحِيحيْهِما؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ". وَذُو الْخَلَصَةِ: طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَكَانَتْ صَنَمًا تَعْبُدُهَا دَوْسٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِتَبَالَةَ.
• هَذَا بَعْدَمَا هَدَّمَهُ جَرِيرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ (3823)، ومُسْلِمٌ (2476)، فِي صَحِيحيْهِما؛ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، أَوِ الْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ؟" قَالَ: فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، قَالَ: فَكَسَرْنَا، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْنَاهُ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا لَنَا، وَلِأَحْمَسَ.
”وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمُوَحِّدَ لَا يَرْتَاحُ لَهُ بَالٌ وَغَيْرُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُعْبَدُ فِي أَرْضِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي"؛ فَكَيْفَ بِنَا الْيَوْمَ وَقَدْ طَمَّ الشِّرْكُ وَعَمَّ بِصُنُوفِهِ وَأَنْوَاعِهِ حَتَّى صَارَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَصَارَ الْمُسْلِمُ يَتَوَارَى بِإِسْلَامِهِ“
• فَصَدَقَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ:
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (145)؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ".
• هَذَا الْحَالُ مِنْ عُمُومِ الشِّرْكِ وَاسْتِفَاضَتِهِ وَظُهُورِهِ فِي النَّاسِ، يُوجَدُ مِنْ يَدَّعِي هَذِهِ الدَّعَاوَى الَّتِي هِيَ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ كُفرِيَّةٌ؛ يَتَعَلَّلُ بِأَنَّ مَقْصِدَهُ التِّجَارَة، يَتَعَلَّلُ بِأَنَّ مَقْصِدَهُ لِقَاءُ أَهْلِ قَبِيلَتِهِ، أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يَلْتَقِي فِيهِ أَهْلَ قَبِيلَتِهِ إلَّا ذَاكَ الْمَوْضِع، وَلَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يُرْكَبُ فِيهِ الْخَيْلَ إلَّا ذَلِكَ الْمَوْضِع، -سُبْحَانَ اللَّه-ِ عِلَلٌ مِنْ رَجُلٍ يَدَّعِي التَّوْحِيد!؛ الْأَصْلُ أَنْ يَذْهَبَ وَاعِظًا وَنَاصِحًا وهادِمًا لِذَلِكَ الضَّرِيح، صَارَ هَذَا حَالُهُ، وَهَذَا حَالُ مِنْ لَمْ يُعَظِّمِ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَم يُعَظِّمْ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ وَلَمْ يَعْرِفْ حَقَّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَحَقِيقَةَ التَّوْحِيد.
- هَذِه دَعَاوَى كُفْرِيَّةٌ، هَذَا الَّذِي يَدَّعِي هَذِهِ الدَّعَاوَى ويُبَرِّرُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ المُبَرِّرَاتِ، وَإِنْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَغْلَظِ الْأيمَانِ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّنْ يَذْبَحُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ لَا حَظَّ لَهُ هُوَ فِي الْإِسْلَامِ، ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا شِرْكٌ وَأنَّ صَرْفَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شِرْكٌ، ثُمّ يَزُورُ هَذِهِ الْأَمَاكِن الَّتِي يُذْبَحُ فِيهَا لِغَيْرِ اللَّهِ؛ يَذْبَحُ الْمُشْرِكُونَ لِأَوْثَانِهِم ولِطَوَاغِيتِهِم.
• هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ إذَا عَظَّمَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَرَفَ حَقَّهُ لَزِمَهُ أَنْ يُفَارِقَ أَمَاكِنَ الْأَوْثَانِ وأَنْ يَجْتَنِبَهَا وَلَيْسَ مُرَادُ بِاجْتِنَابِ الشِّرْكِ اجْتِنَابُ الذَّبْحِ وَالطَّوَافِ وَالسُّؤَالِ فَقَط، لَا بَلْ الزِّيَارَةُ كَذَلِكَ عِبَادَةٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ؛ وَصَرْفُهَا لِقَبْرٍ أَو وَثَنٍ أَو ضَرِيحٍ كُفْرٌ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
- وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يُفْعَلُ عِنْدَ الأضْرِحَةِ هُوَ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ذَبْحًا، وَنَذْرًا وَدُعَاءً وَسُؤَالًا وَطَوَافًا وَتَعْظِيمًا وَعُكُوفًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا أنْ يَكُونَ الذَّبْحُ لِلَّهِ فِي تِلْكُمُ الْأَمَاكِن، وَالطَّوَافُ لِغَيْرِه وَالسُّؤَالُ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغَاثَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَهَذَا لَا يُغَيِّرُ أَصْلًا مِنْ الْحُكْمِ شَيْئًا.
• هَذَا حَقِيقَةُ الشِّرْكِ، أَنْ يُشْرِكَ الْعَبْدُ فِي حَقٍّ هُوَ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْرَهُ فِيهِ، وَيَبْقَى هَذَا الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَوْضِعُ الشِّرْكِ الَّذِي يَجِبُ إزَالَتُهُ وَيَجِبُ هَدْمُهُ، وَزَجْرُ مَنْ يَذْهَبُ إلَيْهِ بَلْ وَقَتْلُهُ كَمَا قَتَلَ جَرِيرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه-ُ مَنْ وَجَدَ فِي بَيْتِ ذِي الْخَلَصَةِ.
- زِيَارَةُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُصْرَفُ فِيهَا هَذِهِ الْعِبَادَة لِغَيْرِ اللَّهِ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ، مُجَرَّدُ الزِّيَارَةِ كُفْرٌ بِاَللَّهِ وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُرِيدُ التِّجَارَة -كَمَا ذَكَرَ السَّائِلُ فِي سُؤَالِهِ عَنْ غَيْرِهِ طَبْعًا-، أَوْ زِيَارَةَ الْأَقَارِبِ أَوْ مُجَرَّدَ التَّطَلُّعِ (السِّيَاحَة) أَوْ رُكُوبَ الْخَيْلِ؛ هَذِهِ كُلَّهَا دَعَاوَى بَاطِلَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا، مُجَرَّدُ الزِّيَارَة قُلْنَا كُفْرٌ بِاَللَّهِ، فزِيَارَةُ الْقُبُورِ تُسَمَّى زِيَارَةٌ شِركِيَّةٌ.
▪ وَالزِّيَارَةُ أَنْوَاعٌ:
أ/- الزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ: وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ لِلْقُبُور لِلتَّذَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ، كَمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ:
← أَخَرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (1054)؛ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ".
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (1397)؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى».
ب/- الزِّيَارَةُ الشِّرْكِيَّةُ: هِي زِيَارَةُ مَوْضِعٍ مِنْ مَوَاضِعِ الْكُفْرِ بِاَللَّهِ؛ لِأَجْل الذَّبْحِ أَوْ الطَّوَافِ وَسُؤَالِ الْأَمْوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ..(۱)
”هَذَا الْأَصْلُ الثَّابِتُ الَّذِي لَا يَتَزَعْزَعُ، وَلَا اعْتِبَارَ لِمَا خَالَفَهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ نُأصِّلَ عَلَى النَّادِرِ وَالشَّاذّ، فَمَنَاطُ كُفْرِ هَذَا الرَّجُلُ هُوَ الزِّيَارَةُ الشِّركِيَّةُ(۲)، واليُقْسِمْ كمَا شَاءَ بَعْدَ ذَلِك،َ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِمَّنْ زَارَ الْقُبُورَ والأضْرِحَةَ والطَّوَاغِيتَ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَجَهْلُهُ بِمَا وَقَعَ فِيهِ لَا يُعْفِيهِ. واللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، والتَّقَوُّلِ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ“
ــــــــــ
ج/02- السُّؤَالُ لِلتَّعَلُّمِ وَلِفَهْمِ الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ ومَنازِلِها وَالرَّدِّ عَلَى الشُّبُهَاتِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ هَذَا مِنْ السُّؤَالِ الْمَحْمُودِ، أَمَّا سُؤَالَاتُ الْيَوْمِ: هَلْ التَّكْفِيرُ مِنْ أَصْلِ الدِّينِ، مِنْ وَاجِبَاتِ الدِّين، هَلْ هو مِن الْمَسَائِلِ الْمُدْرَكَةِ بِالْعَقْلِ أَم الْمُدْرَكَةِ بِالْخَبَر؟!ِ؛ الْمَسَائِلُ هَذِهِ الَّتِي هِيَ مَوْجُودَةٌ وَمُنْتَشِرَةٌ بِقُوَّة بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ، لَا أَقُولُ بَيْن الْمُتَعَلِّمِينَ لِأَنّ سَبِيلَ التَّعَلُّمِ لَهُ بَابٌ آخَرُ، أَمَّا هَؤُلَاءِ فمُتَجادِلون،َ مُتَخاصِمونَ، مُتَشاكِسُونَ. . .
• هَذِه السُّؤَالَاتُ الْيَوْم هِيَ سُؤَالَاتُ تَعَنُّتٍ، سُؤَالَاتُ بِدَعٍ، وَالْكَلَامُ فِي الْعَقَائِدِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ، وَمِنَ الزَّيْغِ الَّذِي أَصَابَ قُلُوبَ بَعْضِ النَّاس،ِ -نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ وَالْمَغْفِرَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَّا وَمَا صَدَرَ مِنَّا-.
- وَغَالِبُ مَنْ يَسْأَلُ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ هُمْ أَنْفُسُهُمْ فِي حَيْرَةٍ، وَفِي تَيْهٍ عَنْ مَعْنَى ''أَصْلِ الدِّينِ'' الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ ابْتِدَاءً، فَهَذَا الْمَعْنَى ''أَصْلُ الدِّينِ'' غَيْرُ مُحَرَّرٍ عِنْدَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ، وَإِلَّا لَوْ تَحَرَّر عِنْدَهُم لَمَا اُضْطُرُّوا أَو اضْطَرَّهُم أَهْلُ الْأَهْوَاءِ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ، كَمَا لَوْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ انْضَبَطَ عِنْدَهُم، ولَمَا كَانَتْ مِنْهُمْ مُجَارَاةُ السُّفَهَاءِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَفِي هَذَا الْبَابِ وَفِي غَيْرِهِ.
← وَقَدْ كَتَبَ الْإِمَامُ ابْنُ بَطَّةَ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- فِي الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى بَابًا فِي خُصُوصِ هَذِهِ السُّؤَالَاتِ، فَقَال: «بَابُ تَرْكِ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يُغْنِي وَالْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَمَّا لَا يَضُرُّ جَهْلُهُ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ قَوْمٍ يَتَعَمَّقُونَ فِي الْمَسَائِلِ وَيَتَعَمَّدُونَ إِدْخَالَ الشُّكُوكِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ»، وَذَكَرَ جُمْلَةً مِنْ الْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ، كَذَلِك جُمْلَةً مِنْ الْآثَارِ النَّافِعَةِ المَاتِعَةِ فِي هَذَا الْبَابِ، مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
← أَخَرَجَ اِبْنُ بَطَّة فِي "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" (284) وَاللَّفْظُ لَهُ، والْبُخَارِيُّ (7288)، ومُسْلِمٌ (1337)، فِي صَحِيحيْهِما؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتْرُكُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَاعْمَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».
- وَذَكَرَ جُمْلَةً مِنْ الْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ-: «اعْلَمُوا إِخْوَانِي أَنِّي فَكَّرْتُ فِي السَّبَبِ الَّذِي أَخْرَجَ أَقْوَامًا مِنَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَاضْطَرَّهُمْ إِلَى الْبِدْعَةِ وَالشَّنَاعَةِ، وَفَتَحَ بَابَ الْبَلِيَّةِ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ وَحَجَبَ نُورَ الْحَقِّ عَنْ بَصِيرَتِهِمْ، فَوَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ، وَكَثْرَةُ السُّؤَالِ عَمَّا لَا يُغْنِي، وَلَا يَضُرُّ الْعَاقِلَ جَهْلُهُ، وَلَا يَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ فَهْمُهُ. وَالْآخَرُ: مُجَالَسَةُ مَنْ لَا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ، وَتُفْسِدُ الْقُلُوبَ صُحْبَتُهُ، وَسَأَذْكُرُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَا يَكُونُ فِيهِ بَلَاغٌ لِمَنْ قَبِلَ النَّصِيحَةَ، وَكَانَ بِقَلْبِهِ أَدْنَى حَيَاءً إِنْ شَاءَ اللَّهُ».
”وَذَكَرَ الْآثَارَ الَّتِي قُلْنَا وَالْأَحَادِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالتُرَاجَعْ والتُضْبَطْ هَذِهِ الْمَسَائِل الَّتِي يَذْكُرُهَا أَئِمَّةُ السُّنَّةِ فِي كُتُبِهِمْ دَوَاوِينِهِم واليَحْمِلْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ، واليُجَاهِد نَفْسَهُ فِي الْتِزَامِهَا وَلُزُومِهَا. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، لَا إلَهَ إلَّا هُوَ“
ــــــــــ
ج/03- الطَّعَامُ الَّذِي طُبِخَ بِلَحْمٍ مِنْ ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ هَذَا مُحَرَّمٌ كُلُّهُ؛ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَطْبُوخُ مَرَقًا أَوْ كَانَ غَيْرَهُ، ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ بطَبْخِهِ بِتِلْكُمُ الذَّبِيحَة صَارَ نَجِسًا جَمِيع.
• وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ- فِي مُسْنَدِهِ:
← أَخَرَجَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِه" (14463)؛ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَأَخَذُوا الْحُمُرَ الْإِنْسِيَّةَ فَذَبَحُوهَا، وَمَلَئُوا مِنْهَا الْقُدُورَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ جَابِرٌ: فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِيكُمْ بِرِزْقٍ هُوَ أَحَلُّ لَكُمْ مِنْ ذَا، وَأَطْيَبُ مِنْ ذَا».
قَالَ: فَكَفَأْنَا يَوْمَئِذٍ الْقُدُورَ، وَهِيَ تَغْلِي، فَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ الْحُمُرَ الْإِنْسِيَّةَ، وَلُحُومَ الْبِغَالِ، وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطُّيُورِ، وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ ، وَالْخُلْسَةَ، وَالنُّهْبَةَ.
• فَهَذَا دَلِيلٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ اللَّحْمَ إذَا طُبِخَ مَع طَعَامٍ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُحَرَّمًا كُلَّهُ، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ فِي هَذَا الْبَابِ فِي خُصُوصِ مَا كَانَ يَوْمَ خَيْبَر مَرْوِيَّةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ ومَرْوِيَّةٌ فِي غَيْرِهِمَا بِأَلْفَاظٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
← أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" (2991)؛ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «..وَأَصَبْنَا حُمُرًا فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا».
← أَخَرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (1937)؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ لَيَالِيَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَقَعْنَا فِي الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَانْتَحَرْنَاهَا، فَلَمَّا غَلَتْ بِهَا الْقُدُورُ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنِ اكْفَئُوا الْقُدُورَ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا».
”هَذِهِ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ؛ وَعَلَيْهِ نَقُولُ إذَا طُبِخَ الطَّعَامُ بِلَحْمٍ مِنْ ذَبَائِحِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ يَصِيرُ مُحَرَّمًا كُلَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين“
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
۱- أَدْرَكَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِالْفِطْرَة:
-> قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي "السِّيرَةِ" (ج01/ص226): وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ، وَمَا كَانَ لَقِيَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ:
أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ 🍃 أَدِينُ إذَا تُقُسِّمَتْ الْأُمُورُ
عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى جَمِيعًا 🍃 كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلْدُ الصَّبُورُ
فَلَا الْعُزَّى أَدِينُ وَلَا ابْنَتَيْهَا 🍃 وَلَا صَنَمَيْ بَنِي عَمْرٍو أَزُورُ
۲- 📥 | رَاجِعْ هَذِه الدُّرُوس القَديمَة التَّأصِيلِيَّة: [التِّبْيَانُ فِي اجْتِنَابِ أَمَاكِنِ الْأَوْثَانِ]
←📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [أصل الدين المعلوم بالفطرة]
۳- 📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [حُكْمُ ذَبَائِحِ المُشرِكِينَ]
←📥 | راجِع هذهِ الفتوى: [مَسَائِلُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالمَرْأَة: 💬05/- مُخْتَصَرُ حُكْمِ ذَبَائِحِ المُشرِكِينَ]
وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين