مسائل متعلقة بطلبة العلم
مسائل متعلقة بطلبة العلم
❍ المسألة:
💬1/- أحب أن أجعل وردا في قراءة كتب الاعتقاد، وأريد كتابا جامعا في هذا الأمر أختمه وأكرره كل مرة؟
💬2/- ما هو أفضل كتاب تنصحني به في مفردات القرآن؟
💬3/- ما هو أفضل كتاب يجمع مسائل الإيمان؟
💬4/- ما هي الكتب التي يبدأ بها الطالب إذا أحب دراسة مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى؟
💬5/- ما هو أفضل كتاب في معرفة فقه أهل الحديث لشخص مبتدئ للنظر فيه وإدمان ذلك؟
💬6/- ما هي أفضل طبعة لصحيح البخاري؟
💬7/- هل تنصحني بالاعتماد في التفسير على تفسير الطبري؟
💬8/- هل تصح نسبة التفسير لأبي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله؟
💬9/- رجاء أن ترفعوا عنا إشكالا حير كثيرا منا، إذ إنا نقر أن أئمة السنة هم من جمعوا وهذبوا وأصلوا للعلوم جميعها، ولم يجعل الله للجهمية في ذلك حظا، لكن يشكل علينا أنا لا نجد اليوم واسطة ولا سندا يصلنا بهؤلاء الأئمة إلا ما كان مسلسلا بهؤلاء الجهمية اللئام، ولا نجد كتابا في علم من العلوم حتى كتب اعتقاد السلف إلا جاءنا من جهتهم نقلا ونسخا وطباعة وتحقيقا: فكيف لنا سد هذه الإعضال في السند الذي يمتد خرقه قرونا متطاولة، وكيف يجوز لنا أن تكون واسطتنا إلى علم المتقدمين كفرة زنادقة، وما جوابنا عن جهمية اليوم الذين يرموننا بالتناقض إذ يقولون: كيف تعتقدون كفرنا ثم نجدكم لا غنى لكم عن أئمتنا وعن كتبهم إذ لا واسطة لكم إلى المتقدمين إلا من طريقهم؟!
💬10/- هل على المرء من شيء إذا تابع شرحا لأحد أهل العلم الجهمية كالذين في الجزيرة في باب الفقه، وهو متوق من أن ينطلي عليه شيء من لوثة معتقدهم، وما حال الحنابلة المتأخرين كالحجاوي والبهوتي؟
💬11/- ما حقيقة جماعة الصادعون بالحق؟
💬12/- وقع عندي إشكال في خصوص كلام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة؛ وهو الذي يقول فيه: (سياق ما يدل من كتاب الله عز وجل وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن وجوب معرفة الله تعالى وصفاته بالسمع لا بالعقل)؟
💬13/- ما تعليقكم على قول من قال أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع أنها قسمة بدعية؟
💬14/- هل يحفظ متن الأجرومية مع النظم أو يكفي واحد منهما؟
💬15/- هل ما ذكره ابن أبي زيد في الرسالة ''التعلم في الصغر كالنقش في الحجر''، حديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم أم لا؟
💬16/- قرأت في بعض المقالات أن حديث (لا نكاح إلا بولي) حديث ضعيف، فما قولك في الحديث؟
❍ جوابها:
- بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاَةُ وَالسَّلَاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
💬 مِنْ أَجْمَعِ كُتُبِ الاعْتِقادِ:
ج01/- هَذَا مِنْ الْعَمَلِ الطَّيِّبِ وَمَنْ الْفِعْلِ الْمُبَارَكِ، أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوَفِّقَكَ إلَيْهِ وَإِنْ يُبَارِكَ لَك فِيهِ، وَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَوَفَّقَكَ لِصَالِحِ الْعَمَلِ ولِصالِحِ الْقَوْلِ؛ أجْمَعُ مَا تَقْرَؤُهُ فِي هَذَا وَتَكَرُّرِهُ وَتَكْثُرُ فَوَائِدُهُ فِي نَفْسِكَ وعَوَائِدُهُ عَلَى قَلْبِكَ وَعَلَى اعْتِقَادِك، كِتَابَانِ جَامِعَانِ فِي هَذَا الْبَابِ:
-> الْأَوَّلُ: كِتَابُ ''الشَّرِيعَةِ'' لِلْإِمَامِ الآجُرِّيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
-> وَالْكِتَابُ الثَّانِي: هُوَ كِتَابُ ''الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى'' لِلْإِمَامِ ابْنِ بَطَّةَ الْعُكْبَرِيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
• هُمَا كِتَابَان جَامِعَانِ مُسْنَدَانِ، وَفِيهِمَا خَيْرٌ كَبِيرٌ وَبَرَكَةٌ وَنَفْعٌ -نَسْألُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَنْفَعَكَ بِذَلِكَ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ-.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 أفضلُ كتابٍ في مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ:
ج02/- أَمَّا أَنْفَعُ وَأَفْضَلُ كِتَابٍ وأَسْلَمُهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ فَهُوَ كِتَابُ "يَاقُوتَةِ الصِّرَاطِ" ل ''غُلَامِ ثَعْلَب''.
• هُوَ كِتَابٌ جَيِّدٌ نَافِعٌ -إنَّ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَيَكُونُ لَبَنِةً أساسِيَّةً مُقَدِّمَةً لاَبُدَّ مِنْهَا لِمَنْ أَرَادَ وَرَغِبَ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا، فَهُوَ أَفْضَلُ كِتَابٍ فِي هَذَا الْبَاب.ِوَاَللَّه أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 أفضلُ كتُبِ الإيمَانِ:
ج03/- أَمَّا مَسَائِلُ الْإِيمَانِ وَالْكُتُبُ الَّتِي عُنِيَت بِهَذَا الْبَابِ فَهِيَ كَثِيرَةٌ؛ وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ كِتَابًا سَمَّاهُ "الْجَامِعُ فِي كُتُبِ الْإِيمَانِ"، وَضَمَّنَ جَامِعَهُ هَذَا كِتَابَ "الْإِيمَانِ" لِإِمَام أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْإِمَامُ أَحْمَد وَكِتَابُ "الْإِيمَان" لِأَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنِ سَلَّامٍ.
• وَهَذَان الْكِتَابَان هُمَا أَنْفَعُ وَأَفْضَلُ مَا كُتِبَ وَمَا خُطَّ فِي مَبْحَثِ الْإِيمَانِ وَفِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 كُتُب المالكيَّةِ لِلْمُبْتَدِئ:
ج04/- الْكُتُبُ الَّتِي يَبْدَأُ بِهَا الطَّالِبُ الَّذِي يُرِيدُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ:
أ/- "مَتْنُ الرِّسَالَة" لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ.
• هِيَ رِسَالَةٌ نَافِعَةٌ مَاتِعَةٌ مُفِيدَةٌ لِلطَّالِب، وَقَد أَلَّفَهَا مُؤَلِّفُهَا لِصِغَارِ الطَّلَبَة.
ب/- بَعْدَ "الرِّسَالَة" يَنْظُرُ الطَّالِبُ فِي كِتَابِ "الْكَافِي فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ" لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ.
• وَهُوَ كِتَابٌ جَلِيلٌ، ذَكَرَ فِيهِ مَذْهَبَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أُمَّهَاتِ الكُتُبِ، وَهِي: "الْمُوَطَّأ"، وَ"الْمُدَوَّنَة"، وَ"كِتَابُ" ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، و"الْمَبْسُوطُ" لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، وَ"الْحَاوِي" لِأَبِي الْفَرَجِ عُمَرَو بْنِ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيِّ، وَ"مُخْتَصَرُ" أَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَ"مُوَطَّأُ" ابْنِ وَهْبٍ.
”وَهِي الْكُتُبُ الَّتِي اعْتَمَدَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِهِ الْكَافِي وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَتَى ''بِمَا لَا يَسَعُ أَحَداً جَهْلُهُ''؛ مِمَّن أَحَبَّ أَنْ يُوسَمَ بِالْعِلْمِ ويَسِمَ بِالْعِلْمِ نَفْسَهُ“
• هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي يَحْتَاجُهَا الْمُبْتَدِئُ وَالْمُتَوَسِّطُ فِي دِرَاسَةِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
- وَإِذَا جَمَعَ لِهَذَيْن الْكِتَابَيْنِ "عُمْدَةَ الْأَحْكَام" لِلْإِمَام عَبْدِ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيّ، فَقَدْ حَصَّلَ خَيْرًا كَثِيرًا أَنَّ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 جَامِعُ التِّرْمِذِيّ:
ج05/- أَفْضَلُ كِتَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ هُو جَامِعُ التِّرْمِذِيّ، هَذَا الْكِتَابُ كِتَابٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ جِدًّا جِدًّا، فَفِيهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى طَالِبِ عِلْمٍ، فَهَذَا الْكِتَابُ يَحْسُنُ بِكُلِّ مِنْ أَرَادَ فِقْهَ أَهْلَ الْحَدِيثِ أن يَكُونَ مَعَهُ، وَأن يَعْتَنِيَ بِه، وأن يُقَلِّبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَثِيرًا.
←وَقَدْ قَالَ فِي "عَارِضةِِ الأَحْوَاذِيِّ": «اعْلَمُوا أَنارَ اللَّهُ أفْئِدَتَكُم أَنَّ كِتَابَ الْجُعْفِيّ هُوَ الْأَصْلُ الثَّانِي فِي هَذَا الْبَابِ، وَالْمُوَطَّأ هُوَ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِمَا بِنَاءُ الْجَمِيع كالقُشَيْرِيِّ والتِّرْمِذِيِّ، فَمَن دُونَهَا وَلَيْسَ فِيهِمْ مِثْلُ كِتَابِ أَبِي عِيسَى -التِّرْمِذِي-ّحَلَاوَةَ مَقْطَعٍ، ونَفاسَةَ مَنْزَعٍ، وَعُذُوبَةَ مَشْرَعٍ، وَفِيهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عِلْماً، وَذَلِك أَقْرَبُ إلَى الْعِلْمِ وَأَسْلَم»؛ الْجُعْفِيّ هُو الْبُخَارِيّ يَعْنِي فِي بَابِ السُّنَّةِ فِي بَابِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ مِنْ جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْفَائِدَةِ وَالْعَائِدَة الَّتِي تَعُودُ عَلَى مَنْ قَرَأَ كُتُبَ السُّنَّةِ وَالْحَدِيث، وَمُوَطَّأ الْإِمَامِ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- "وَعَلَيْهِمَا" يَعْنِي كُلُّ مِنْ جَاءَ بَعْدَهُمَا بَنَى عَلَى كِتَابَيْهِمَا "كالقُشَيْرِيِّ" هُو "مُسْلِمٌ"، "والتِّرْمِذِيِّ" هُوَ صَاحِبُ ''الْجَامِعِ''، "فَمَن دُونَهَا" يَعْنِي فَمَنْ دُونَهَا مِنْ الْكُتُبِ، ثَمَّ عَدَّدَ تِلْكَ الْعُلُومِ، فَقَالَ: «أَسْنَدَ، وَصَحَّحَ، وَضَعَّفَ، وَعَدَّدَ الطُّرُقَ، وَجَرَّحَ، وَعَدَّلَ، وأسْمَى، وأكْنَى، وَوَصَلَ، وَقَطَعَ، وَأَوْضَحَ الْمَعْمُولَ بِهِ، وَالْمَتْرُوكَ بِهِ -يَعْنِي فِي كِتَابِهِ-، وَبَيَّنَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ لِآثَارِهِ، وَذَكَرَ اخْتِلَافَهُمْ فِي تَأْوِيلِهِ، وَكُلُّ عِلْمٍ مِنْ هَذِهِ الْعُلُومِ أَصْلٌ فِي بَابِهِ وَفَرْدٌ فِي نِصَابِه، فالقارِئُ لَهُ لَا يَزَالُ فِي رِيَّاضٍ مُونِقَة وَعُلُومٍ مُتَّفِقَةٌ مُتَّسِقَة، وَهَذَا لَا يَعُمُّهُ إلَّا الْعِلْمُ الْغَزِيرُ، وَالتَّوْفِيقُ الْكَثِيرُ، وَالْفَرَاغُ وَالتَّدْبِيرُ» اهـ.
• هَذَا أَفْضَلُ كِتَابٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي مَعْرِفَةِ فِقْهِ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِشَخْصٍ مُبْتَدِئٍ يُدْمِنُ النَّظَرِ فِيهِ؛ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ لَا يَهْجُمُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ مُبَاشَرَةً، وَإِنَّمَا بَعْدَ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِبَعْضِ الْكُتُبِ فِي الْحَدِيثِ، يَنْظُرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَيُطِيلُ مَعَهُ النَّظَرَ، وَيَصْحَبُهُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ.
-> وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ -سَمِعْتُهُ مَرَّةً يَتَكَلَّمُ عَنْ هَذَا الْكِتَاب-؛ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَقْرَأْ جَامِعَ التِّرْمِذِيِّ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ».
• يَعْنِي لَمْ يُدْرِكْ وَلَن يُدْرِك فِقْهَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، يَعْنِي قِرَاءَةَ الجَرْدِ هَذِهِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا، وَكَلَامُه إلَى حَدٍّ بَعيدٍ كَلَامٌ صَائِبٌ وَأَصَابَ فِيه كَبِدَ الحَقيقَةِ. هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 أَفْضَلُ طَبْعَةٍ لِصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ:
ج06/- أَفْضَلُ طَبَعَاتِهِ طَبْعَةُ دَارِ الفَارْيابِيِّ الَّتِي أَخْرَجَهَا "نَظَر مُحَمَّد نَظَر" هَكَذَا اسْمُهُ (نَظَر مُحَمَّدٌ الفارْيَابِيِّ).
- عَلَى كُلِّ حَالٍ هِي طَبْعَةٌ صَدَرَتْ عَنْ دَارِ قُرْطُبَة للنَّشرِ وَالتَّوْزيع، وَاَلَّذِي أَشْرَف عَلَيْهَا، وَأَخْرَج صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ وَصَحِيحَ مُسْلِمٍ.
• هَذِه الطَّبْعَةُ هِيَ أَفْضَلُ طَبَعَاتِ "صَحِيح الْبُخَارِيِّ"ّ، وَأَفْضَلُ طَبْعَةٍ لِصَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَبَعْدَهَا فِي الْجَوْدَةِ طَبْعَةُ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 تفسيرُ الطَّبَرِيِّ:
ج07/- أَوَّلًا: هَذَا رَاجِعٌ لمُسْتَواكَ ولِلْقِرَاءاتِ السَّابِقَةِ ولِلمَنْهَجِ الَّذِي تَسْلُكُهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَلَا يُمْكِنُ نُصْحُك بِالْكِتَاب هَكَذَا بِإِطْلَاقٍ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْعُكَ مِنْهُ بِإِطْلَاقٍ، وَإِنَّمَا هَذَا رَاجِعٌ إلَى مَا ذَكَرْت.
• وَلَكِنْ أَقُولُ فِي الْعُمُومِ؛ الِاعْتِمَادُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ صَحَّ عَقْدُهُم وَكَانُوا عَلَى السُّنَّةِ الْمَحْضَةِ، فَإِذَا وَجَدَ الْعَبْدُ كِتَابًا لِإِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ فَليَجْعَلْهُ هُوَ الْعُمْدَةُ هَذَا فِي كُلِّ فَنٍّ وَفِي كُلِّ عِلْمٍ.
”وَتَفْسِيرُ "ابنِ أَبِي حاتِمٍ" هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَن يَكُونَ أَصْلًا وَعُمْدَةً يَرْجِعُ إلَيْهِ السُّنِّيُّ الْأَثَرِيُّ ذَلِك لِإِمَامِةِ مُؤَلِّفِهِ فِي السَّنَةِ وَالِاعْتِقَاد وَالتَّفْسِير كَذَلِك، ثُمَّ إذَا قَوِيَتْ هِمََّةُ الْعَبْدِ فَلْيَقْرَأ "الدُّرَّ المَنْثُور" فَهُوَ يَجْمَعُ تَفَاسِيرَ السَّلَف، وَهُوَ جَيِّدٌ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ“
- ثَانِيًا: أَمَّا "تَفْسيرُ الطَّبَرِيِّ" عَلَيْه مُلَاحَظَاتٌ، أَمَّا الْمُؤَلِّف فَهُو زَائِغٌ عَن الْمَحَجَّة مِنْ أَهْلِ التَّجَهُّمِ -نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَة-، أَمَّا الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَرْوِيهِ الطَّبَرِيُّ فَهَذَا لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ غَيْرَ التَّقْرِير.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 تفسيرُ أبي عُبيدٍ:
ج08/- أَمَّا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فَهُوَ إمَامُ كَبِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَانَ رَأْسًا مِنْ رُؤُوسِهِم -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَهُوَ قَرِينُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ-، وَتَصَانِيفُهُ كَثِيرَةٌ مُجَوَّدَةٌ نَافِعَةٌ، مِنْهَا كِتَابُ الْإيْمَانِ، وَكِتَابُ الْغَرِيبِ، وَكِتَابُ الْأَمْوَالِ، وَكِتَابُ الطَّهُورِ، وَكِتَاب النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَكِتَاب الْمَوَاعِظِ، وَكِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ.
• وَلِأَبِي عُبَيْدٍ تَفْسِيرٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ، وَهُوَ فِي عِدَادِ الْمَفْقُودِ؛ ذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي فَسَّرَهُ فِي عِدَادِ الْمَفْقُودِ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
-> قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِ اللُّغَة" (ج01/ص18): «وَلأبي عُبَيْدٍ كتابٌ فِي (مَعَاني الْقُرْآن)، انْتهى تأليفه إِلَى سُورَة طه، وَلم يتمَّه،..».
- وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ كَلَامَ أَبِي عُبَيْدٍ فِي التَّفْسِيرِ وَهِي رَسَائِلُ جامِعِيَّة، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا، أَمَّا ثُبُوتُ التَّفْسِيرِ لِأَبِي عُبَيْدٍ فَهُوَ ثَابِتٌ، فَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَزْهَرِيُّ فِي "تَهْذِيبِ اللُّغَة" كَمَا ذَكَرْتُ. هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 كتبُ السَّلفِ أسانيدهَا تَمُرُّ بالجهميَّة!
ج09/- أَوَّلًا: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ يَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ طَوِيلٍ لِأَنَّ أَصْلَهُ طَوِيلٌ، وَلَعَلَّنَا نُخَصِّصُ لَه مَقَالًا أَو مَنْشُورًا أَو مَجْلِسًا مَسْمُوعًا فِي تَفْصِيلِ بَيَانِهِ عَلَى مَا يُيَسِّرُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ.
- لَكِنَّ جُمْلَةَ القَوْلِ مِمَّا يَلْزَمُ الْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ بِإِطْلَاقٍ بِخُصُوصِ الْأَسَانِيدِ الَّتِي نَعْلَمُهَا لِكُتُبِ السَّلَفِ تَمُرُّ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَالْجَهْمِيَّة؛ هَذَا لَيْسَ بِإِطْلَاقٍ، لِأَنَّ كُتُبَ السَّلَفِ تُوجَدُ مَخْطُوطَاتُها ومَخْطوطاتُها مَعْلُومَةٌ، ومُتَنَوِّعَةٌ، وَكَثِيرَةٌ؛ رُبَّمَا الْكِتَابُ يَجِدُ فِيهِ الْعَبْدُ نُسْخَةٌ أَوْ نُسْخَتَيْنِ أَوْ أَكْثَر، وَرُبَّمَا تُوجَدُ لَهُ نُسْخَةٌ وَاحِدَةٌ فَرِيدَةٌ، هَذَا الْبَابُ بَابٌ وَاسِعٌ طَوِيلٌ، وَهُوَ عِلْمٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ ''عِلْمُ المَخطوطاتِ''.
• فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي ذَلِكَ إلَّا طِباعَتُها فَقَط، وإبْرَازُها لِلنَّاسِ فِي الْغَالِبِ، عَلَى تَحْرِيفٍ لِمَعَانِيهَا وَمَقَاصِدِ مُؤَلِّفِيهَا؛ مِنْ جِهَةِ التَّعْلِيقِ، وَمِنْ جِهَةِ إخْرَاجِ الْأَحَادِيثِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا، فَهُم مُخَالِفُونَ مُبَايِنُونَ لِطَرِيقَة السَّلَفِ.
- لَكِنَّ أَصْلَ الْكُتُبِ، سَوَاءٌ كُتُبَ الْحَدِيثِ أَوْ كُتُبَ الِاعْتِقَاد كالإبانَة الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى، وَنَقْضِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، السُّنَّة لِحَرْب الْكَرْمَانِيّ..؛ هَذِه مَخْطُوطاتُها مَوْجُودَةٌ، يَعْنِي أَيَّ إنْسَانٍ دَرَسَ ''عِلْمَ المَخطوطاتِ'' يُمْكِنُهُ أَنْ يَهْتَدِيَ إلَيْهَا وَأن يَنْظُرَ فِيهَا ويُحَقِّقَها وَيُبْرِزَهَا وَيُخْرِجَهَا لِلنَّاسِ.
• فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا طِباعَتُها وإبْرازُهَا وَإِخْرَاجُهَا؛ وَإِخْرَاجُهَا عَلَى هَيْئَةٍ يُرِيدُونَهَا هُم فَقَطْ لَا أَكْثَرَ.
- ثَانِيًا: أَنَّ تَكْفِيرَنَا لَهُم بمُحاكَمَتِهِم هُمْ أَنْفُسُهُمْ لِمَا رَوَوْهُ وَنَقَلُوهُ مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ، فَتِلْك الْكُتُبِ الَّتِي طَبَعُوهَا وحَقَّقُوهَا وَأَخْرَجُوهَا لِلنَّاس نُحاكِمُهُم إلَى مَا فِيهَا، هُم يُقِرُّونَ أَنَّهَا كُتُبُ السُّنَّة، وَذَلِك كَلَامُ السَّلَفِ، وَنَحْن كَذَلِك نَعْتَقِدُ أَنَّهَا كُتُبُ السَّلَفِ وَأَنَّهَا مَوْصُولَةٌ إلَيْهِم، وَأَنَّ الَّذِي فِيهَا كَلَامُهُم -رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِم-ْ، فَنَحْنُ نُحَاكِمُهُم لِتِلْكَ الْكُتُبِ، ونُحاكِمُهُم لِمَا فِيهَا مِنْ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ الْقَوِيمِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ.
• وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ». (رواه أحمد: 21590).
- ثَالِثًا: أَنَّ كُتُبَ السَّلَفِ المَخْطُوطَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ؛ قِسْمٌ نُسِخَ مُتَقَدِّمًا، تَجِدُ مَثَلًا الْمُصَنِّفُ كَتَبَ ذلكَ الكِتاب وَنُسِخَ فِي عَصْرِهِ أَوْ نَسَخَهُ تَلامِيذُهُ، وَكَثُرَتْ نُسَخُهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ النَّاسِخُ وَذَلِكَ الْوَرَّاقُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ.
• هَذَا لَا فَضْلَ لمُبْتَدِعٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الطَّبْعُ الَّذِي يَتَأَكَّلُ بِهِ.
- أَمَّا إذَا تَأَخَّرَ نَسْخُهَا فَعَن نُسْخَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ؛ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تَجِدُ الْمُصَنِّف عَاشَ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ أَوْ الرَّابِع، والمَخْطوطُ فِي الْقَرْنِ الثَّامِنِ، هَذَا الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ الكِتاب إنَّمَا نَسَخَهُ عَنْ نُسْخَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، تِلْكَ النُّسْخَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ قَدْ تَكُونُ فِي جُمْلَةِ مَا ضَاعَ، فَبَقِيَت النُّسْخَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ.
• فَلَا فَضْلَ لمُبْتَدِعٍ، وَالْحَالُ هَكَذَا، إلَّا أَنَّهُ خَطَّهُ لِنَفْسِهِ ليَسْتَفِيدَ هُوَ مِنْهُ وَيُفِيدَ غَيْرَهُ بِهِ، فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ.
”هُوَ نَسَخَ مِنْ نُسْخَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، تِلْكَ النُّسْخَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَمْ نَقِفْ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَبْرُزْ لِلنَّاسِ، أَوْ أَنَّهَا ضَاعَتْ فِي جُمْلَةِ مَا ضَاعَ مِنْ المَخطوطاتِ“
* لِماذا نَسَخَ ذلكَ الكِتاب؟
• نَسَخَهُ لِنَفْسِهِ، فَلَمّا هَلَكَ وَجَدْنَاهَا فِي جُمْلَةِ المَخطوطاتِ الَّتِي بَقِيَتْ؛ هَذِهِ النُّسْخَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ، فَلَيْسَ لَهُ فَضْلٌ فِي هَذَا.
- إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَأَخِّرُ طَبَعَهُ ليَتَأكَّلَ بِه، لِأَنّ الطَّبَاعَةَ هَذِه؛ دُورُ النَّشْرِ تَتَعاقَدُ مَع الْمُحَقِّقِ وَالْمُؤَلِّفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَهُ نَصِيبٌ مِمَّا كَتَبَهُ، وَمِمَّا حَقَّقَهُ، مَالًا يَأْخُذُهُ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَأَكَّلَ بِذَلِكَ أَوْ يُرِيدُ إبْرَازَ عُلُومِ السَّلَفِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ وَيَدَيْنُ اللَّهَ بِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ، أمَّا عَنْ حُكْمِنَا عَلَيْهِ فَهَذَا بَابٌ آخَرُ.
”ناسِخُ المَخْطوطِ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا فَهَذَا مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وإمَّا أنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا، هَذَا الْمُتَأَخِّرُ نَسَخَهُ قُلْنَا مِنْ نُسْخَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَعَن نَاسِخٍ مُتَقَدِّمٍ“
- رَابِعًا: أَنَّ النَّقْلَ عَنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إذَا كَانُوا أَهْلَ ثِقَةٍ فِيمَا يَرْوُونَهُ جَائِزٌ؛ هَذَا مَعْرُوفٌ فِي بَابِ عُلُومِ الْحَدِيثِ ومُصْطَلَحِهِ بِـ ''الرِّوَايَةِ عَنْ الْمُبْتَدِعِ''.
• ثُمَّ إنَّ رَمْيَ أَهْلَ السُّنَّةِ بِالتَّنَاقُضِ كَلَامٌ فَارِغٌ وَجَهْلٌ فَاحِشٌ.
- وَيُمْكِنُ قَلْبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَنَقُولُ؛ وَمَن التَّنَاقُضِ الَّذِي عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدَعَةُ الْكَفَرَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُم يَطبَعُونَ مَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، أَو يَنْقُلُونَ عِلْمَ السَّلَفِ الَّذِي فِيهِ تَكْفِيرُهُم.
• هَذَا يُمْكِنُ وَهَذِه حُجَّةٌ أَصْلاً عَلَيْهِم.
* فَهَل عَمِيتُم عَلَى هَذَا التَّنَاقُضِ، أمْ أَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يُرَى إِلاَّ عَمَّنْ اِتَّخَذَهُم وَاسِطَةً يَصِلُ بِهَا لِكُتُبِ أَسْلاَفِهِ؟
- هُم يَرْمُونَ أَهْلَ السُّنَّةِ بِالتَّنَاقُضِ، يَقُولُونَ "أنْتُم لَا يُمْكِنُكُمْ الْوُصُولُ إلَى كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ إلاَّ مِنْ جِهَةِ السَّنَدِ"!
❍ نَقُولُ؛ بَاطِلٌ هَذَا، بَل المَخْطوطاتُ مَوْجُودَةٌ:
- أَوَّلًا: يُمْكِنُ لِلسُّنِّيِّ أَنْ يَقِفَ عَلَى النُّسَخِ الْخَطِيَّةِ.
- ثَانِيًا: عَلَى فَرَضِ التَّسْلِيمِ بِذَلِكَ "أَنَّنَا نَمُرُّ عَلَيْهِم"؛ نَحْن اتَخَذْناهُم وَاسِطَة، لِأَنَّهُم فِيمَا يَرْوُونَهُ مِنْ كُتُبِ السَّلَفِ نَقَلََةٌ وَفَقَط.
• ثُمَّ هَذَا التَّنَاقُضُ الَّذِي تَدَّعُونَهُ أَنْتُمْ أَوْلَى بِهِ.
* إذْ كَيْفَ تَرْوُونَ كُتُبًا لِأُنَاسٍ تَرَوْنَهُم أَئِمَّةً وتُخالِفُونَهُم فِيمَا يَرْوُونَهُ مِنْ أُمُورِ وَمَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ؟
- والأدْهَى وَالْأَمْرُ أَنَّ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ تَكْفِيرُ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
* أَيُّنَا أَحَقُّ بِالتَّنَاقُضِ؟
❍ هَذَا عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيجَازِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ يَحْتَاجُ لِبَسْطٍ طَوِيلٍ، وَفُهِمٍ لِمَسَائِل:
* كَيْفَ الْأَئِمَّةُ كَتَبُوا كُتُبَهُم، ومُصَنَّفاتِهِم، وَالْكَلَامُ عَن المَخْطُوطاتِ، وَالْكَلَامُ عَنْ الْأَسَانِيدِ، وَالرِّوَايَةُ عَنْ أَهْلِ الْبِدَعِ؟
* وَكَيْفَ هُوَ نَظَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ؟
* وَكَيْف يُمَيِّزُ الطَّالِبُ بَيْنَ مَا هُوَ حَقٌّ وَمَا هُوَ بَاطِلٌ؟
* وَكَيْفَ يَتْرُكُ وَيَلْزَمُهُ تَرْكُ تَعْليقَاتِهِم وَغَيْرِ ذَلِكَ؟
• الْمَسَائِلُ طَوِيلَةٌ تَحْتَاجُ لتَأصِيلٍ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، وَإِنَّمَا أجْمَلتُ الْكَلَامَ لِأَنَّ الْأَخَ الْكَرِيمَ مُسْتَعْجِلٌ بِجَوَابِ سُؤَالِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 معتمَدُ الحنابلةِ المتأخِّرينَ:
ج10/- أَوَّلًا: المُعْتَنُونَ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ أو الشَّافِعِيِّ أو أَحْمَدَ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ أَهْلُ بِدَعٍ وتَجهُّمٍ؛ هَذَا الْأَمْرُ لاَبُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا عِنْدَ كُلِّ سَلَفِيٍّ، عِنْدَ كُلِّ أَثَرِيٍّ، عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ مُوَحِّد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مُتَّبِعٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ، ثُمَّ هُمْ يَسِيرُونَ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي تَقْرِيرِ مَا سَمَّوْهُ "الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَب"ِ حَنَابِلَةً كَانُوا أَوْ شَافِعِيَّةً أَو مَالِكِيَّةً، وَفِي هَذَا التَّقْرِيرِ مَا فِيهِ، لِأَنَّ بَعْضَ مَا جَعَلُوهُ مُعْتَمَدًا يُخَالِفُ إمَّا قَوْلَ الْإِمَامِ أَوْ قَوْلَ كِبَارِ أَصْحَابِهِ هَذَا كَمِثَال.
”ثُمَّ إنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ عِنْدَهُمْ هُوَ شَرْحُ وَفَكُّ عِبَارَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ والتَّحْشِيَّة عَلَى كُتُبِهِمْ، وَلَسْتُ أعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا مَسْلَكٌ عِلْمِيٌّ؛ لَا مِنْ جِهَةِ التَّفَقُّهِ كتَفَقُّهٍ، وَلَا مِنْ جِهَةِ لُزُومِ السُّنَّةِ، لِأَنّ هَجْرَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَهَجَرَ مَجَالِسِهِم أَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ وَحَالُ الْمُعَاصِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ والجَزائِرِ وشَنْقِيطَ، لَا يَخْفَى عَلَى سُنِيٍّ“
• فَلَا يَجُوزُ مُجَالَسَتُهُم وَلَا حُضُورُ دُرُوسِهِم، يَبْقَى قَضِيَّةُ سَمَاعِ بَعْضِ الأشرطَةِ لِمَعْرِفَةِ مَا سَمَّوْهُ الْمُعْتَمَدَ، أَوْ قِرَاءَةُ بَعْضِ الْمُصَنَّفَاتِ أَوْ بَعْضِ البُحُوثِ، هَذَا أَخَفُّ.
- مَعْرِفَةُ ذَلِكَ طَبْعًا بِمَعْرِفَةِ الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، مُقَارَنَتُهُ بالطَّبَقَاتِ الْعَالِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَذْهَبِ، لَا لِلْفَتْوَى بِهِ وَلَا لِاعْتِمَادِهِ، بَلْ قَدْ ذَكَرُوا حَتَّى عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ يَعْتَمِدُونَ كُتُبَهُم مُخَالَفَتُهُ فِيمَا يَعْتَقِدُ لِمَسَمَّاهُ هُوَ بِـ ''مُعْتَمَدِ الْمَذْهَبِ''، فَقَدْ ذَكَرُوا عَنْ ''الْبَهُوتِي'' نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَجَابَ فِيهَا بِفَتْوَى تُخَالِفُ مَا قَرَّرَهُ فِي كِتَابِهِ؛ فَلَمَّا ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: «مَا فِي الْكِتَابِ هُوَ ''مُعْتَمَدُ الْمَذْهَبِ''، وَمَا أَفْتَيْتُ بِهِ فَمَا أعْتَقِدُهُ»، هَكَذَا قَالَ.
-ثُمَّ إنَّ الْكَلَامَ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَضِيَّة التَّمَذْهُبِ وَطُرُقِ تَحْصِيلِهِ، وَسُبُلِ التَّفَقُّهِ فِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي مَذَاهِبٍ، تَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَتَدْقِيقٍ لِيُفْهَمَ وَجْهُ الْحَقِّ فِيهَا مِنْ وُجُوهِ الْبَاطِلِ، النَّاسُ فِيهَا بَيْنَ طَرَفَيْن؛ فِيهِم المُتَعَصِّبَة لَا يَخْرُجُونَ عَنْ ''مُعْتَمَدِ الْمَذْهَبِ'' الَّذِي قَرَّرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَفِيه طَائِفَةٌ تَنْفِي التَّمَذْهُبَ وتُبَدِّعُ أَهْلَهُ مُطْلَقًا.
• فَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَقَّ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.
- ثَانِيًا: أَمَّا الْحَجَّاوِيّ والبَهُوتِي، فَهُم كمُتَأخِّرَةِ الْحَنَابِلَةِ جَهمِيَّةٌ، مُفَوِّضَةٌ، مُؤَوِّلَةٌ، والبَهُوتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْمَصْرِيِّينَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الَّذِي كَانَ فِيهِ. وَلَوْ قَرَأْتَ "مُقَدِّمَةَ الرَّوْضِ" لَرَأَيْتَ التَّأْوِيلَ.
• فِي "مُقَدِّمَةِ الرّوْض"ِالبَهُوتِي وَقَعَ مِنْهُ التَّأْوِيل، أَمَّا الْحَجَّاوِيّ فَفِي "الْإِقْنَاعِ" الْكُفْرُ الصَّرِيحُ، فَقَد خَفَّفَ حُكْمَ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ نَفَى رُؤْيَة، وَلَهُ أَشْيَاءَ أُخْرَى، هَذَا الَّذِي أتَذَكَّرُهُ مِنْهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 جماعةُ الصَّادعون بالحقِّ:
ج11/- هَذِهِ الْجَمَاعَةُ جَمَاعَةٌ قُطْبِيَّةٌ، جَمَاعَةٌ جَهْمِيَّةٌ ويَتَدَيَّنُونَ وَيَتَعَبَّدُونَ اللَّهَ -سُبحانَهُ وتَعالَى- بِالتَّوَقُّفِ فِي عُمُومِ الْمُشْرِكِين، هَذِهِ الْبِدْعَةُ النَّكْرَاءُ؛ هَذَا الَّذِي أَعْلَمُهُ مِنْ حَالِهِمْ.
• أَمَّا تَفَاصِيلُ اعْتِقَادِهِمْ فِي أَبْوَابِ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ وَمَسَائِلِ الْإعْذَارِ كَذَلِكَ الْقُرْآنِ وَالْقَدْر وَالصِّفَاتِ وَالطَّوَائِف وَالْحُكْمِ عَلَيْهَا وَعَلَى رُؤوسِها، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَدْرِي عَنْهُمْ شَيْئًا، وَلَم أقْرَأ لَهُمْ وَلَمْ أسْتَمَع لتَأصِيلاتِهِم وَلَا لتَقريراتِهِم فِي هَذَا الْبَابِ.
- أَمَّا مَنْهَجُهُم الْعَامُّ فَكَمَا ذَكَرْتُ هُم قُطْبِيَّةٌ يُعَظِّمُونَ شَأْنَ ''سَيِّد قُطْب'' وَيَرَوْنَه إمَامًا، حَتَّى أنَّ رَئِيسَ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ أَظُنُّهُ كَانَ تِلْمِيذًا عِنْدَهُ أَوْ طَالِبًا عِنْدَهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ فِي الْمُعْتَقَل، هَذَا الَّذِي فَهِمْتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 كلمة اللَّالَكَائِيّ في السُّنَّة له!
ج12/- أَوَّلًا: يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ عِنْدَ كُلِّ طَالِبِ عِلْمٍ وَعِنْدَ كُلِّ شَخْصٍ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْمَسَائِلِ العَقَدِيَّةِ، الْمَسَائِلِ المَنْهَجِيَّة، أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ هَكَذَا إلَى زَمَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وطُلَّابِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَأْخُذُ الْعِلْمَ مِنْ فَوْق؛ كَمَا ثَبَتَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ.
- بَعْدَ زَمَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ كَذَلِك، أَنَّهُ صَارَ هُنَاك غَبَشٌ شَدِيدٌ فِي مَسَائِلِ السُّنَّةِ وَفِي مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ وَفِي مَسَائِلِ الِاتِّبَاعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
”طَبْعًا مَسَائِلُ السُّنَّةِ لَا أَقُولُ أنَّهَا بَعْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عُدِمَت، وَإِنَّمَا صَارَتْ السُّنَّةُ غَرِيبَةً؛ هَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبَرْبَهَارِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"، وَكَذَلِكَ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ بَطَّةَ فِي "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" وَغَيْرِهَا وَالْآجُرِّيِّ، -وغَيْرُهُم رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِم-؛ وَهُمْ فِي طَبَقَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ الطَّبَقَاتِ الَّتِي ذَكَرْتُ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ تَحْقِيقٍ لِاعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَكَانُوا مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الحَدِيثِ“
• هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَنْتَبِهَ لَهُ كُلُّ مِنْ أَرَادَ النَّظَرَ فِي اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ هَذَا أَمْرٌ لاَبُدَّ مِنْهُ وَلَابُدَّ مِنْ تَحْقِيقِهِ وَلَابُدَّ مِنْ النَّظَرِ فِيهِ.
- وَلَابُدَّ مِنْ إرْجَاعِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي طُرِحَت عِنْدَ مَنْ تَأَخَّرَتْ طَبَقَتُهُ سَوَاءٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْ بَعْدَ زَمَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَوْ حَتَّى مِنْ الْمُعَاصِرِين، لاَبُدَّ مِنْ إرْجاعِها لِتِلْك الطَّبَقَةِ، تِلْكَ الطَّبَقَة الَّتِي كَانَتْ تُسْنِدُ الْآثَار؛ كَانَت تُسْنِدُ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَتُنْقَلُ الإجْماعَات وَغَيْرِ ذَلِكَ.
❍ قَضِيَّةُ اللَّالَكَائِيّ وَمَن شَاكَلَهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا باللَّالَكَائِيّ لِوَحْدَهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَسُؤَالُ السَّائِلِ عَنْ اللَّالَكَائِيِّ عَلَى جِهَةِ الْخُصُوصِ:
- أَقُولُ هَذِهِ الْقَضِيَّة هَذِهِ الْعِبَارَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّالَكَائِيُّ فِي شَرْحِ أُصُولِ اعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي بَابِ جُمَّاعِ تَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، غَرَضُه وَالسِّيَاقُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَى وَأَعْلَم الرَّدُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ.
• وَهُوَ فِي هَذَا الْأَمْرِ، رَدَّ بِدْعَةً بِبِدْعَة؛ هَذَا لاَبُدَّ أَنْ يُعْلَمَ، وَهَذَا شَيْءٌ نَعْتَقِدُهُ ونَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ.
”وَالْبِدْعَةُ -أَيُّهَا الأكَارِم- لَا تُرَدُّ بِبِدْعَةٍ، وَالْأَهْوَاءِ، وَالْأَذْوَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ إنَّمَا تُرَدُّ الْبِدْعَةُ بِالسُّنَنِ وَالْآثَارِ، وَإِنَّمَا تَمُوتُ الْبِدْعَةُ إِذَا ظَهَرَتِ السُّنَّةُ وَعَلَت عَلَيْهَا وَأَظْهَرَهَا أَهْلُ السُّنَّةِ، بِهَذَا تَمُوتُ الْبِدْعَةُ وَتَحْيَا السُّنَنُ، أَمَّا رَدُّ الْبِدْعَةِ بِبِدْعَةٍ هَذَا سَبِيلُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ“
• وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ فِيهِ اللَّالَكَائِيّ، وَمَا وَقَعَ فِيهِ، لَا يَشُكُّ أَحَدٌ عَرَفَ السُّنَّةَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فِي بَابِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنْ مِنْ احْتَمَلَ كَلامَهُ مِن بَابِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ، هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنَّ الأَمْرَ فِي حَقِّهِ شَدِيدٌ.
- وَفِي هَذَا الْمَقَامِ لَا بُدَّ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّنَا إذَا قَرَّرْنَا هَذَا التَّقْرِيرَ مِنْ أَنَّ اللَّالَكَائِيَّ لَابَسَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ فِي بَابِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَنَصَّ عَلَى أَنَّهَا بِالسَّمْعِ لَا بِالْعَقْلِ (مَعَ كَوْنِهَا فِطْرِيَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ هَذِهِ لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مُطْلَقًا)، أَنَّ إسْقَاطَ اللَّالَكَائِيّ غَيْرُ إسْقَاطِ كِتَابِ اللَّالَكَائِيّ، لِأَنَّ كِتَابَهُ "السُّنَّة" كِتَابٌ مُسْنَدٌ فَهُو يَرْوِي بِأَسَانِيدِهِ إلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَبَابُ الرِّوَايَةِ شَيْءٌ آخَرُ.
• هَذَا الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وأدِينُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي خُصُوصِ اللَّالَكَائِيِّ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومِ، أَمَّا كِتَابُهُ فَكَمَا ذَكَرْتُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ وَيُنْقَلُ مِنْهُ، ولَايَزالُ النَّاسُ يَنْقُلُونَ مِنْهُ، هُوَ كِتَابٌ مُسْنَدٌ كِتَابٌ نَافِعٌ إنَّ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 تقسيمُ الدِّين إلى أصولٍ وفروعٍ:
ج13/- تَقْسِيمُ الدِّينِ إلَى أُصُولٍ وَفُرُوعٍ؛ هَذَا تَقْسِيمٌ سَلَفِيٌّ أَثَرِيٌّ.
▪ فِي اعْتِقَادِ الرَّازِيَيْنِ بَيَانُ ذَلِكَ:
-> قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ: «سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ،..».
• فَالتَّقْسِيمُ سَلَفِيٌّ لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لَكِنْ إنْ أَرَادَ الْمُنْكِرُ رَدَّ تَقْسِيمِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَصَحِيحٌ.
- لَكِن لاَبُدَّ أن يُدَقِّقَ فِي الْعِبَارَةِ فَيَقُولُ مَثَلًا "صِفَةُ تَقْسِيمِ الدِّينِ إلَى أُصُولٍ وَفُرُوعٍ عِنْدَ أَهْلِ الْبِدَعِ أَوِ عِنْدَ (الْمُعْتَزِلَةِ مَثَلًا) بَاطِلٌ، مُخالِفٌ"؛ هَكَذَا مَثَلًا يَكُونُ التَّعْبِيرُ فِيهِ دِقَّةٌ، فَيُفْهَمُ مَقْصُودُ الْمُتَكَلِّمِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ رَدَّ تَقْسِيمِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ لِلدِّينِ أُصُولًا وَفُرُوعًا.
• أمَّا أن يُطْلِقَ الْكَلَامَ هَكَذَا جُزَافًا فَهَذَا مِنْ الْخَطَأِ الْبَيِّنِ، وَإِنْكَارُهُ لِهَذِه الْقِسْمَة هُوَ الَّذِي يُنْكَرُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 هل أحفظُ الآجروميَّة أم نظمَهَا؟
ج14/- الْأُولَى فِي هَذَا عِنْدِي -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- حِفْظُ الْمَتْنِ، وَلَا أَنْصَحُ الْحُفَّاظَ بِحِفْظِ نَظْمَيْنِ فِي فَنٍّ وَاحِدٍ، بَلْ يُكْتَفَى بِحِفْظِ نَظْمٍ وَاحِدٍ.
- فَفِي النَّحْوِ مَثَلًا -كما هُوَ سُؤَالُ السَّائِلِ حَفِظَهُ اللَّهُ يَحْفَظُ ''الآجُرُّومِيَّة'' مَتْنًا لَا نَظْمًا، لِأَنَّهُ بَعْدَ مَرْحَلَةٍ أَو مَرْحَلَتَيْنِ سَيَرتَقِي لِيَصِلَ لِحِفْظِ ''الْأَلْفِيَّة'' أَلْفِيَّةِ ابْنِ مَالِكٍ وَهِيَ نَظْمٌ، فَلَو حَفِظَ نَظْمَيْنِ لَاخْتَلَطَ عَلَيْه نَظْمُ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي فِي بَعْضِ الْأُمُورِ.
• وَمَنْ أَحَبَّ حِفْظَ الْمَتْنِ مَعَ نَظْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنّي لَا أَنْصَحُ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي التَّدَرُّجِ فِي الْعِلْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 حَدِيثُ (التَّعلمُ في الصِّغَر):
ج15/- هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ ''الرِّسَالَة'' لَيْس حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ، إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ -رَحِمَهُ اللَّه-.
• نَعَم؛ رُوِيَ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُرُقٍ عِدَّة، لَكِنَّهَا جَمِيعًا لَا تَثْبُتُ، بَلْ فِيهَا مَا هُوَ مُنْكَرٌ، لَكِنَّهُ كَمَا ذَكَرْتُ ثَابِتٌ عَنْ الْحَسَنِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي ''جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ''، وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
← قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي ''جَامِعِ بَيَانِ الْعِلْمِ'' (482): أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْبُخَارِيُّ، ثنا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ مَعْبَدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «طَلَبُ الْحَدِيثِ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ».
ـــــــــــــــــــــــــــ
💬 حَدِيثُ (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ):
ج16/- هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ". هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رُوِيَ مُرْسَلًا، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا؛ الْمَرْفُوعُ صَحِيحٌ، كَمَا أَنَّ الْمُرْسَلَ مِنْهُ كَذَلِكَ صَحِيحٌ.
- وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْبُخَارِيّ، وَالذُّهْلِيّ، وَجَمَاعَةٌ، وَقَدْ جَاءَ كَذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ، وَمِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُمَرَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَنَسٍ، وَغَيْرِهِم.
-> قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: «سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ يَقُولُ كَانَ إسْرَائِيلُ يَحْفَظُ حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا يَحْفَظُ الْحَمْد»؛ يعنى كَمَا يَحْفَظُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ.
- وَهَذِهِ الطَّرِيقُ هِيَ الَّتِي رُوِيَ بِهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى؛ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ (أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ)، وَقَدْ نَقَلَ الْحَاكِمُ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ صَحَّحَهُ، وَفِيهِمْ مَنْ ذَكَرْنَا يَعْنِي ابْنَ الْمَدِينِيِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَذَكَرَ كَذَلِك كَلَامَ الطَّيَالِسِيِّ.
• هَذا مِنْ جِهَةِ إسْنَادِ الْحَدِيثِ.
▪ وَمِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ بِهِ: ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ.
”حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا، يَعْنِي صَحَّتْ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ دُونَ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ الْمَرْفُوعِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ“
-> قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي "سُنَنِهِ" (1102): «وَالْعَمَلُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ "، عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمْ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»: مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَشُرَيْحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ».
• فَالْحَدِيثُ مِنْ جِهَةِ إسْنَادِهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا ذَكَرْنَا؛ صَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَهْدِي،ٍّ وَالْبُخَارِي،ّ وَالذُّهْلِيّ، وَغَيْرُهُم، وَمِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ بِهِ، فَإِنَّ الْعَمَلَ بِهِ وَارِدٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُقَهَاءِ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِم.
📥 راجع هذه الفتوى: [التّدرُّجُ في معرفَةِ مذاهبِ أهلِ السّنّةِ؛ في معرفَةِ فِقهِهِمْ وكلامِهِمْ والمأثورِ عَنْهُمْ]
📥 راجع هذه الفتوى: [بَيانُ حالِ بَعض المُنْتَسِبينَ لِلعِلمِ 01]
📥 راجع هذه الفتوى: [بَيانُ حالِ بَعض المُنْتَسِبينَ لِلعِلمِ 02]
وصلّى الله وسلّم وبارك على محمّد وآله وصحبه أجمعين